• 31 تشرين أول 2022
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد 

 

بعد أيام قليله و في مطلع الشهر القادم تنعقد في الجزائر القمة العربية الواحدة والثلاثين بعد ان تأجل انعقادها لثلاث سنوات لأسباب يتعلق بعضها بجائحة كورونا فيما يتعلق بعض آخر بالخلافات العربية-العربية ذات الطابع الحدي وعلى راسها معارضه دول عربية لحضور سورية القمة, بهذه الأجواء المتأزمة تنعقد قمة الجزائر بعد أن بذلت خلال السنوات الثلاث الماضية جهودا كبيرة لتذليل عقبات تعثرها, والجزائر تريد اطلاق لقب قمة جمع الشمل العربي على قمتها, فهل ستنجح؟

من الاستعدادات لإنجاح القمة بادرت الجزائر بجهود لحل مجموعه من الأزمات كمقدمة لإنجاح القمة, فاحتضنت حوارا فلسطينيا بين اطراف الانقسام وأشركت به طيفا واسعا من القوى والشخصيات بهدف إنهاء الانقسام, المتحاورون قالوا كلاما جميلا ومداهنا للدولة المضيفة و التي نشا الفلسطيني على حبها وتقديرها, تصافح المتحاورون و تبادلوا القبل والعناق ثم صدر بيان نمطي يتمظهر بشكل إيجابي, وإن كان لا يضع تصورا لحل المسائل الخلافية شأنه شان اكثر من عشر جولات سابقة صدرت بها بيانات تشبه البيان الأخير ولكنها انتهت إلى فشل ذريع باعد المسافة بين طرفي الانقسام, سيصمد مشروع المصالحة هذا لوقت قصير فالمهم أن لا يعلن عن فشله قبل انتهاء أعمال القمة, واهم عناصر فشله أن اطرافا في الانقسام لا تملك أصلا قرارها في هذه المسألة و إنما القرار بيد القوة الفاعلة على الأرض والتي تصر رام الله أن تنسق معها, أنها (إسرائيل) التي تعمل على تعميق الانقسام . كان للجزائر دور أيضا و أن كان غير ظاهر في التقريب بين حركة حماس و دمشق, و الذي تمثل بزيارة قام بها وفد حماس للشام و قابل الرئيس الأسد و تحدث بلغه اعتذارية.

وفق المصادر الجزائرية أن القمة ستركز على ثلاثة ملفات، الملف الأول أزمات العالم العربي والملف الثاني أزمة الطاقة والغذاء الناتجة عن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وكان لها تأثيرات حادة على العالم بأسرة وعلى دول عربية بعضها استفاد من الأزمة التي رفعت أسعار النفط والغاز وبعضها من لا يملك نفطا ولكن أصبحت أسعار الحبوب تهدد امنه الغذائي والملف الثالث هو وضع حد للنزاعات في العالم العربي سواء بين دولة ودولة أو بين الشعب والدولة وحلها بشكل سلمي بعيدا عن منطق الحديد والنار.

هذه النزاعات هي حرب التحالف السعودي على اليمن و التي يبدو و كأنها حرب لا نهاية لها, تتفوق أو تتعادل بها القوى بين الشعب اليمني العنيد و العصي على الانهزام و بين الدولة الثرية و القادرة على شراء و استعمال اكثر أنواع التكنولوجيا العسكرية تطورا و فتكا, و كأنها معادلة انتصار الدم على السيف, ثم الأزمة العراقية بين كل العراق و التي ذهبت بهذا البلد العريق من حكم الفرد الواحد و الحزب الواحد إلى حالة من الفوضى التي لا يستطيع احد السيطرة عليها و التي قسمت البلد فعليا و أن لم يأخذ التقسيم صفته الدستورية القانونية, ثم سوريا الغائبة طوعا و التي تريد بغيابها هذا إعطاء فرصة للجزائر  لإنجاح القمة, لبنان وأزماته المالية و المعيشية و ترسيم حدوده و ملف غاز المتوسط ثم الفراغ الرئاسي الذي أن حصل فسيذهب بالبلد نحو المجهول, ليبيا وأن اختلفت العناصر وغابت الطائفية والأثنية ولكنها ذاهبة بسرعة للحالة العراقية, أزمة الدولة المضيفة نفسها مع جارها المغربي والتي قد تتحول بدورها إلى اشتباك مسلح و تعشعش في تفاصيلها (إسرائيل), في الشأن الفلسطيني تبدو الجزائر معنية بإعادة الاعتبار لمبادرة السلام العربية التي اطلقها العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز والتي تعرض السلام والتطبيع الكامل مقابل دولة فلسطينية, ولكن المشكلة ليست ما تريده القمة وإنما ما توافق عليه (إسرائيل) التي تدعي أن لا شريك فلسطيني قادر على التفاوض متذرعة بالانقسام المعنية بتعميقه حينا , بأعمال المقاومة ( الإرهاب بالتصنيف الإسرائيلي) حينا آخر, و ربما أن الجزائر تقصد بالأساس المسالة الفلسطينية.

تستحق الجزائر الثناء على جهودها حتى وإن توقعنا الفشل لقمتها هذه فالحال العربي لا يختلف كثيرا عن الحال الفلسطيني، فارتباطات القادة العرب ووضعهم أولويات بقائهم في موقع يتقدم على امن بلادهم القومي أو على الأمن المشترك للعالم العربي ستحول دون الوصول إلى نتائج مفيدة ولكن تملك الجزائر شرف المحاولة.

يذكرنا قول لمحمد حسنين هيكل في توصيف للوضع العربي أن قيادة العرب قد انتقلت من بلد الثورة إلى بلد الثروة.