• 10 تشرين الثاني 2022
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

 

انقشع غبار المعركة الانتخابية في (إسرائيل) عن فوز بنيامين نتنياهو وهو امر لم يكن مستبعدا وإنما جاءت المفاجأة بحصوله على اربع وستين مقعدا برلمانيا مرشحة لان تقارب السبعين أن التحقت به كتلة منصور عباس, هذا ما يبعد شبح الانتخابات السادسة خلال اربع سنوات و يعطي نتنياهو القدرة على تشكيل حكومة غير متأرجحة لأربع سنوات قادمة وهو يؤكد أنه قادر على تشكيلها سريعا و في المهلة الأولى أي خلال ثمانية و عشرين يوما, و أن رأى بعض المحللين أنه يحتاج لوقت أطول في التفاوض مع شركائه المزعجين و الشرهين السلطة و النفوذ والساعين للحصول على وزارات سيادية مهمة كالدفاع و الخارجية و المالية و الزراعة.

يرى الشركاء المزعجين من أصحاب البرامج المتطرفة والدموية أن الفرصة سوف تكون سانحة لتطبيق برامجهم خاصة في حال فوز الجمهوريين في الانتخابات النصفية، ولطالما استقوى نتنياهو باليمين الأمريكي على الإدارات الديمقراطية، بن غفير مثلا يرى أن لا داعي للإبقاء على السلطة فبالإمكان ضم أراضي الضفة الغربية بقرار إسرائيلي دون الالتفات لأية عواقب، فيما يرى نائب رئيس بلدية القدس ضرورة تكثيف المشاريع الاستيطانية في عاصمة(إسرائيل) القدس حتى وإن لم يفز الجمهوريون فالإدارة الديمقراطية أعجز من الاعتراض على ذلك.

كان فوز نتنياهو يمثل أخبارا سيئة لبعض العواصم منها رام الله وعمان وبيروت وأخبار جيدة لأخرى منها الرياض وأبو ظبي والمنامة، بخصوص رام الله لا يرى نتنياهو بد من تنفيذ صفقة القرن التي تصور بعض منا أن قد طواها النسيان وهذا يعني ضم حوالي 30% من أراضي الضفة الغربية، وفوق ذلك فنتنياهو لا يرى أية فرصة أو إمكانية التعاطي سياسيا أو تفاوضيا مع السلطة الفلسطينية وإنما سيسخر لها مكتب من مكاتب وزارة الدفاع قد يسمى دائرة الشؤون الفلسطينية أو الإدارة المدنية وهي أعلى سقف سياسي ممكن للسلطة الفلسطينية أن تتعاطى معه بكلمات أوضح أنه ضم فعلي .

عمان تحركت سريعا و كانت أول من تفاعل مع نتائج الانتخابات الإسرائيلية), فوقعت مع الرئيس الإسرائيلي و الفرق المرافقة له في شرم الشيخ اتفاقيات لإنشاء حقول إنتاج كهرباء في الصحراء الأردنية لتباع (لإسرائيل) فيما تنشئ (إسرائيل) محطات تحلية لمياه البحر الأبيض المتوسط و تبيع الماء للأردن و كل ذلك بتمويل إماراتي, و ما تقدم ليس إلا شانا اقتصاديا و لكن اللقاء السياسي مع الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ ليس اكثر من بروتوكول حسب النظام السياسي في (إسرائيل), ما يقلق الأردن هو مشروع نتنياهو القديم و القائل بأن الدولة الفلسطينية لا مكان لها غرب النهر و إنما الأردن هو الوطن الفلسطيني (البديل) و هو الدولة الفلسطينية .

نتنياهو يرى أن اتفاق ترسيم الحدود و اتفاقيات استخراج الغاز من البحر الأبيض المتوسط لم تكن إلا خنوعا من الحكومة السابقة للبنان ومقاومته, لدرجة اعتبر معها أن المفاوضات كانت تجري بين السيد حسن نصر الله و الأمريكان بمعزل عن الحكومة في تل أبيب, و هو يقول انه لن يلتزم بهذه الاتفاقيات التي تعول عليها لبنان للخروج من حالة الاستعصاء المالي الذي تعيشه.

الأخبار الجيدة كانت من نصيب عرب البتر ودولار في الرياض وأبو ظبي والبحرين, فقد عاد لديهم من يلوح بالقوة أمام عدوهم الموهوم-ايران , و لديهم من يدعم بقائهم على عروشهم و من ينحاز إليهم حتى في معاركهم داخل أسرهم الحاكمة , و لدى الحكام من هذا الجيل الجديد ما يتيح لهم التخفف من أحمال المسالة الفلسطينية بهدوء و دون إعلان, و لسان حالهم يقول انهم مهما قدموا من تنازلات فلن يفوق ما قدمته القيادة الفلسطينية من تنازلات و تنسيق, و بالطبع سيكون في القريب مزيد من التطبيع مع السعودية التي ستلحق بها دولا عربية وإسلامية أخرى.

أمامنا أربع سنوات طوال لن نرى فيها ما يسر و من المضحكات المبكيات أن نتنياهو سيكون رمز الاعتدال في وجهته القادمة, طبعا بالقياس مع شركائه.