• 19 كانون الثاني 2023
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

لم يكن ما تعده الحكومة الإسرائيلية الجديدة من مخططات تجاه رام الله وعمان سرا من الأسرار، و إنما هو سياسة معلنة، و كان مما تؤكده الحكومة ووزيرها المكلف بحقيبة الأمن القومي، أن ملف القدس والمسجد الأقصى ستكون في طليعة الملفات التي تريد حسمها بالقوة القاهرة، والحكومة حين تشتبك بالدم و الحديد و النار مع الفلسطيني في جنين ونابلس، فهي تشتبك بالسياسة مع الأردن في ملف المسجد الأقصى و الوصاية الهاشمية – الأردنية عليه، من هنا اختار بن غفير القيام بزيارة المسجد الأقصى قبل أسبوع في عملية إختبار وقياس لردود الفعل الأردنية و الفلسطينية أولا و العربية و الإسلامية ثانيا ومع دول التطبيع الجديد ثالثا، و كانت النتيجة بيانات نمطية بائسة يحفظها المواطن الحزين عن ظهر قلب.

كان الأردن  قد أخذ على حين غرة عندما عرف بالاتفاق المرحلي بين منظمة التحرير و حكومة رابين عام 1993( إتفاق أوسلو)، الأمر الذي اضطره للاستعجال في التفاوض و من ثمة التوقيع على اتفاق وادي عربة، فالوقت لم يعد في صالحه و وجوده كدولة ووطن قد أصبح في دائرة التهديد، فتم (سلق) على عجل، حيث رأى العقل السياسي الأردني أن الأولوية هي ضمان وجود الأردن كوطن نهائي للأردنيين بداية، ثم و لأسباب تتعلق بشرعية العرش أراد المحافظة على دوره في القدس، و لكن الاستعجال جاء بالنصوص غير موفقة و مبهمة بالمعطى القانوني، إذ جاء ليقول على أن إسرائيل تحترم دور الأردن في رعاية المقدسات الإسلامية في القدس، و كلمة إحترام مطاطة و غير ذات معنى محدد و دقيق في هذا السياق، فقد أرادت إسرائيل أن ترى أن دور الأردن في القدس ومقدساتها، هو دور إداري بالتنسيق معها لا دورا سياديا.

يوم الثلاثاء الماضي عقدت في القاهرة قمة ثلاثية ضمت الرئيس الفلسطيني والعاهل الأردني مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، و هم أطراف التطبيع القديم مع إسرائيل، وذلك لبحث تطورات القضية (المسألة) الفلسطينية في ضوء التطورات الراهنة المرتبطة بتشكيل  حكومة نتنياهو السادسة، و خلصت القمة إلى بيان ختامي يمكن إيجازه بعد اختصار نصه الطويل و زخرفه الإنشائي بنقطتين، الأولى : ضرورة تفعيل الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، و الثانية : إحياء عملية السلام، بهذا تحدد مقدار الرد من أطراف القمة الثلاثة على مخططات الحكومة الإسرائيلية الجديدة و على أنها لا تتغير مهما تغيرت الظروف فهي ثابتة، عاجزة، محنطة في عالم يتحرك ويتغير.

أما الرد الإسرائيلي على هذه القمة و على نوايا الرؤساء الطيبة في السلام و في إحياء المفاوضات معها فقد جاء عصر يوم القمة في القدس، ففي حين كان السفير الأردني في تل أبيب يهم بدخول باحة المسجد الأقصى من باب الأسباط الشرقي، اعترضت طريقه الشرطة الإسرائيلية و حاولت منعه من الدخول أو عرقلة زيارته، و بعد جدال بينه و معه لفيف من المقدسيين الذين تجمهروا في المكان مع الشرطة قام أحد أفرادها بدفعه بشكل غير لائق، بعد أخذ و رد و إتصالات عابره لنهر الأردن سمحت له الشرطة أخيرا بالدخول بعد أن أوصلت رسالتين، واحدة للقمة التي لا تزال منعقدة في القاهرة و تتحدث عن التفاوض و إحياء عملية السلام، والرسالة الثانية لكل من رام الله و عمان، تقول أن لا سيادة على هذا المكان لأحد سوى دولة إسرائيل، و كانت ( إسرائيل) قد ناورت على مدى سنوات في هذا الملف إذ منحت إمتيازات مؤقتة للمصريين في القدس ومقدساتها بما فيها الإسلامية والقبطية ثم عادت وسحبتها لصالح السعوديين ثم الإماراتيين والأتراك.