• 27 آيار 2023
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

عقد مؤتمر هرتسيليا للمرة الاولى عام 2000 وذلك بمبادرة من قيادات امنية رفيعة في (اسرائيل)، وتحول المؤتمر منذ ذلك الحين الى مؤتمر يعقد سنويا وبشكل دوري، وهو الان قيد الانعقاد في دورته الثالثة والعشرين. كانت الفكرة لدى اصحاب فكرة المؤتمر ورعايته - ولا تزال ان يمثل المؤتمر العقل الجمعي (الاسرائيلي) دولة ومجتمع، سياسة وأمن، واقتصاد واجتماع، وصولا الى الاوضاع الصحية، فيشارك في المؤتمر سياسيين وعسكريين ورجال مخابرات ورجال أعمال وأكاديميين جامعيين وفلاسفة وأدباء وأطباء وحقوقيين وحتى أهل الفن من موسيقى ومسرح، كما تتم دعوة نظراء لهؤلاء من مؤيدي (اسرائيل) واصدقائها عبر العالم وخاصة من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي ثم مع حالة التردي القومي والعربي والفلسطيني أصبح اصدقاء (اسرائيل) من بيننا، اذا اخترنا عبارة ملطفة لوصفهم يشاركون في أعمال المؤتمر. هذا المؤتمر هو بنك العقول الامنية والسياسية والاقتصادية حيث يحاول منظمو المؤتمر بان تتكامل وجهات النظر مع وجهات النظر الامريكية والاوروبية، ولطالما اعتبرت نقاشاتهم وتوصياتهم تذهب باتجاه ان مصالح (اسرائيل) ليست الا امتدادا استراتيجيا لمصالح الغرب وثقافة مجتمعاته وليبراليته الجديدة، وبالتالي فان ما تحصل عليه دولتهم من دعم مالي وسياسي وتسليح هو حق لها عليهم دفعه بشكل حقيقي ملموس وليس على شكل دعم لفظي فقط. اهداف مؤتمر هرتسيليا يمكن اجمالها على انها رصد الاخطار المحدقة او المحتملة بدولة الاحتلال داخليا وإقليميا ودوليا من جميع الجوانب المذكورة انفا واتخاذ ما يلزم من توصيات تهدف الى تعزيز مناعة (اسرائيل) والى مضاعفة قوتها، أي الى تحقيق هدف استراتيجي أعلى وهو سلامة الأمن القومي وهو منبر لتوجيه رسائل من العيار الثقيل، فكل كلمة محسوبة وموزونة بدقه. انعكست التطورات الاخيرة التي جرت في شرق المشرق على اعمال المؤتمر في دورته المنعقدة الآن، المصالحة الايرانية السعودية برعاية الصين من جانب، ثم عقد القمة العربية في جدة والتي عادت بها جامعة الدول العربية والبلد المضيف لأعمال القمة الى دمشق على شكل خيبة أمل كبيرة لما كان يعقده حكام تل أبيب على امال على دخول السعودية الى حظيرة التطبيع والتي تكمل دائرة التحالف السني- العربي- (الاسرائيلي) ضد إيران وحلف المقاومة. تعاقب على الحديث يوم امس رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش وقائد سلاح الجو و آخرين و اجمعوا على ان الخطر اليوم هو في إيران ومشروعها النووي، وأن طهران على حافة القرار السياسي لإنتاج السلاح النووي وان الحكومة (الاسرائيلية) أرسلت الرسائل الى طهران محذرة: سنضربكم ان اقدمتم على اتخاذ هذا القرار، فعلى الجيش الاسرائيلي ان يكون مستعدا للمواجهة ومع التشديد على دور سلاح الجو، و ان (اسرائيل) باستعدادها للدخول في هذا المعترك فإنها تدرك تماما ان المسالة ليست تهديدات من بعيد او لعب بأعصاب خصومها فالمسالة تتجاوز تحريك حجر شطرنج على لوحة اللعب، و ان على ايران ان تدرك ان هناك ثمن مرتفع عليها ان تدفعه جراء تجرئها على السعي لامتلاك السلاح النووي الذي يمثل مسألة وجودية (لإسرائيل) وامنها القومي، فيما ذهب البعض الى القول ان اسرائيل قادرة لا على ضرب ايران فحسب وإنما حلفائها و أذرعها، و ان المواجهة في هذه الحالة ستكون صعبة على الداخل (الاسرائيلي) و لكنها ستكون أصعب بعدة مرات على خصومها وخاصة في لبنان. النتيجة الفورية لقرع طبول الحرب كانت في انخفاض كبير وسريع لسعر صرف الشيكل أمام الدولار. فهل ستنفذ (اسرائيل) تهديداتها؟ وهل هي قادرة على ذلك؟ وإن كامن تملك هذه القدرة على المبادرة فهل تستطيع تحمل النتائج؟ اسئلة اجوبتها لدى كل من واشنطن و طهران، في الأسبوع الماضي لم تقدم (اسرائيل) على اغتيال ثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي في غزة الا بعد إبلاغ واشنطن والحصول على موافقتها، وإذا كانت في هذا المستوى تحتاج الى ضوء اخضر امريكي فكيف والحال مع ايران، ايران لديها أساليبها المختلفة بالرد و هي من يقررها كما تريد هي لا كما يريد خصومها، في مرة سابقة قامت (اسرائيل) بضرب مواقع الطرد المركزي في إيران فكان رد طهران بتسريع و توسيع المشروع النووي، و طهران و لا بد اصبحت اقوى في مجالها الخليجي بعد مصالحتها مع السعودية و الشرقي- تجاه الصين و روسيا و ستكون بالشهر القادم قد أصبحت عضوا في منظمة البريكس. في الخامسة من مساء اليوم سنعرف الرد او بعض منه في خطاب يلقيه الشيخ حسن نصر الله.