- 29 آب 2023
- أقلام مقدسية
بقلم : عزام توفيق أبو السعود
عندما هممت أن أكتب، وفي رأسي بعض الأفكار عن موضوع هذا المقال، احتجت أن أتأكد من بعض المعلومات الإحصائية ، وهنا وجدت ما لم أتوقعه ! ولهذا غيرت فكري لأكتب في موضوع آخر ، يتعلق بالطبع بالتناقض الذي وجدته في المعلومات الإحصائية!!!
كتاب الإحصاء السنوي الفلسطيني أعطاني بعض الأرقام، فبحثت عن مصادر أخرى لأنني وجدت الرقم الإحصائي الفلسطيني غير منطقي ! بينما المصادر الأخرى أعطتني رقما مخالفا جدا، يزيد عن ثلاثة أضعاف الرقم الوارد في كتاب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني!! وأرقام المصادر الأخرى مع الأسف أكثر واقعية من كتاب الإحصاء الفلسطيني... هذا شيء غريب بالنسبة لي ، فأنا أستطيع قبول فارق بسيط 3- 5% بالزيادة أو النقصان ، ولكن أن أجد الرقم الحقيقي يبلغ 320% أكثر من الرقم الوارد في كتاب الإحصاء الفلسطيني فهو شيْ لم أهضمه إطلاقا!!
أنا شخصيا تابعت عمل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني منذ بداياته أواسط التسعينات من القرن الماضي، وكنت لعدة سنوات عضوا في المجلس الاستشاري لهذا الجهاز ، وأعرف جيدا عمل المجلس وأسلوبه في جمع البيانات الاحصائية، سواء عن طريق التعداد العام، أو الاستبيانات أو تجميع المعلومات من السجلات الإدارية للوزارات والأجهزة والمؤسسات المختلفة في البلاد. وأنا شخصيا أجد أن الجهاز المركزي للإحصاء هو أحد المؤسسات التي تعمل بجدية وبحرفية مطلقة وبإدارة جيدة جدا عبر سنوات عملها التي زادت عن ربع قرن، وهذا شيء نادر في وزارات وأجهزة ومؤسسات السلطة!
وأريد أن أركز هنا على المصادر الإدارية ، فكل وزارة في السلطة الفلسطينية، لديها موظف أو أكثر يقوم بتجميع الأرقام الاحصائية الخاصة بعمل وزارته، ويتم إرسالها الى الجهاز المركزي للإحصاء . هؤلاء الموظفين الذين يجمعون الأرقام ، فأنا أعتقد أنهم تلقوا تدريبا أو تعليمات من الجهاز المركزي للإحصاء كيف يقوموا بعملهم. وولكني أعتقد أنه في بعض وزارات السلطة وعندما لا يعمل أحد الموظفين " على مزاج الوزير" يتم نقله ليجمع الاحصائيات، معتقدين أن تجميع الأرقام الإحصائة هو إجراء تأديبي للموظف، مع أن هذا العمل هو شيء هام نتيجته إعطاء صورة دقيقة عن وضعنا الإجتماعي أو الإقتصادي أو الصحي أو غير ذلك!
والجهاز المركزي للإحصاء يقوم بتجميع هذه المعلومات، وتدقيقها عبر مقارنتها بالسنوات السابقة لتحديد نسبة الزيادة أو النقصان لكل نشاط إجتماعي أو سكاني أو إقتصادي وغير ذلك، ويقوم بتحليلاته لهذه الأرقام مستخدما كل الإمكانيات الفنية الجيدة المتوفرة له.
ولكي نبحث في سبب اختلاف الرقم الوارد في كتاب الإحصاء السنوي، سيقودنا التفكير الى مصدر الأرقام، وخاصة الأرقام الواردة من الوزارات أو المؤسسات أو الهيئات الرسمية أو النقابية أو غيرها .. فإذا كانت هذه الوزارات أو المؤسسات تزود الجهاز المركزي للإحصاء بأرقام غير واقعية، فلا يجب أن نضع اللوم على الجهاز المركزي للإحصاء ..
في محاولة ثالثة للتأكد .. راجعت بعض الرقام كما وجدتها في موقع وزارة المالية، مع الأرقام الواردة من هيئة ما ذات علاقة مباشرة بموضوع ما ، مع المعلومات الموجودة لدى وزارة أخرى ذات اختصاص .. مع الرقم الموجود في كتاب الإحصاء .. وجدت أرقاما متباينة جدا ، لست أدري على أيها أعتمد في أي بحث أو دراسة أو حتى مداخلة ! أفيدونا رحما ورحمكم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!