- 4 تشرين الثاني 2023
- أقلام مقدسية
بقلم : عزام توفيق أبو السعود
سمعنا خطاب نصر الله .. ورأينا وزير الخارجية الأمريكية يحاول تقليد كيسينجر بالرحلات المكوكية ، ورأينا الدبابات الإسرائيلية تخترق قطاع غزة بعد تردد شديد ، في محاولة لعزل مدينة غزة عن باقي مدن جنوب غزة ، وشاهدنا قصف مستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي، وسمعنا اشارة نتنياهو التوراتية في خطابه لقصة توراتية تعني أقتلهم جميعا ولا تذر منهم أحدا، طفلا او امرأة أو كهلا .. ورأينا بعد شهر من الاقتتال أن الهدف الاسرائيلي الموضوع لها لا يتحقق ولا يمكن أن يتحقق، لأن الاسرائيليين لم يستطيعوا الوصول الى حماس أو حتى رؤيتها حتى يتمكنوا من أن يقضوا عليها أو يغيروا النظام !!
تذكرنا أيام زمان .. أيام حرب فيتنام .. وكبف قصف الامريكيون المدن والقرى الفيتنامية، وأحرقوا البيوت والشجر وهم يبحثون عن الفيتكونج، أي المقاتلين الفيتناميين، لم يجدوهم ، وإنما شعروا بهم يخرجون اليهم ليقاتلوهم وهم حفاة من تحت الأرض ، ويقفزون عليهم من فوق أغصان الشجر وهم حفاة أيضا، فهرول الأمريكيون عائدين الى ديارهم هرولة .. يجرون أذيال الهزيمة بعد أن خسروا الآلاف من مقاتيلهم .
أهل غزة ليسوا حفاة مثل أهل فيتنام، بل يلبسون الشباشب .. ولكنهم مثلهم يقاتلون عن عقيدة، وإحساس كامل بأنه ليس لديهم سوى هذه الأرض ليذهبوا اليها، مهما كان من يحكمهم .. فهم يواجهون القصف بصدور عارية وليس لديهم لا ماء ولا أكل ولا حتى مال ليشتروا به شيئا يأكلونه أو يشربونه.. ، وليس لديهم ملاجئ يحتمون بها لذا فأطفالهم ونساؤهم يموتون بالجملة !! مقابل جندي توفرت له كل وسائل الرفاهية والحماية حتى وهو يدخل الى غزة، يفكر الجندي منهم بصديقته ومتى سيقابلها، أو يتحدث بالهاتف المحمول مع أمه ليطمئنها عن نفسه، او يفكر بالرحيل الى أمريكا أو الى أوروبا ليجد له عملا أو مكانا ليس فيه حروب ، يبحث عن عمل هناك وصديقة أخرى، وينفق من حزمة العطايا المالية التي قدمها له سموتريتش ليشجعه على البقاء في دبابته ..
كثيرون منا لم يعجبهم خطاب نصراللة.. كانوا يتوقعون منه أن يقول أنه سيفتح الجبهة الشمالية ليخفف الضغط على غزة.. لكنه لم يقلها.. أما أنا فأستطيع أن أحلل من بين سطور أقواله لماذا اختفى شهرا كاملا عن الحديث ، لم يصرح ولم يخطب منذ السادس من الشهر المنصرم! نعم ظل صامتا .. وخرج علينا اليوم ليقول كلمات يحيرنا فيها أكثر.. قال أنه تفاجأ بما حصل يوم 6 تشرين الأول، لم تنسق معه حماس، ولم تخبره عن خطتها، لذا قال أن ما حصل قبل شهر كان قرارا حمساويا فقط .. قرار فلسطيني لم يعرف هو به ولا عرفت ايران به أيضا.. فلماذا صمت شهرا قبل أن يخبرنا بذلك ؟ أعتقد أن معنى ذلك أنه لم يكن مستعدا لمثل هذا الموقف حين تفاجأ به .. فجاء يقول للعالم الآن بعد شهر، أنه أصبح مستعدا الآن لهذا تكلم وقال لأمريكا أنه لا يخاف من أسطولهم وحاملات طائراتهم، فهو يعرف كيف يتعامل معها.. رد فيه تهديد لأمريكا، معناه أن طائراتكم تستطيع أن تضرب لبنان لكنها لن تستطيع أن تحتلها !! ورد آخر قاله لإسرائيل .. إن ضربتم مدنيين فسأضرب مدنيين .. وفي ذلك تهديد ورد واضح على من قال في اسرائيل أنهم سيعيدون لبنان الى العصور الوسطى .. وقال نصرالله أيضا أن لديه هدفين اثنين: وقف الحرب على غزة .. وأن لا تهزم حماس!!!
الأمريكيون دخلوا أفغانستان وهربوا منها، ودخلوا العراق وهربوا منها، والإسرائيليون دخلوا غزة الآن ببضع دبابات تقوم بالمناورة وسد الطرق والمحاور الرئيسية ؟ ولدى الاسرائيليين تجارب عديدة مع غزة، عام 56 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، وسنة 67 احتلوا القطاع وحكموه ، وبنوا فيه مستوطنات أيضا .. ماذا فعل شارون ؟ هرب من غزة وفكك مستوطناته هناك و " نفد بجلده"! فقد أدرك وهو العسكري المندفع أن الهروب من غزة خير من البقاء فيها، وأنه لن يستطيع إخناع غزة .. فهل سيصل نتنياهو الى ما وصل اليه شارون قبله؟
وماذا بعد ؟ ماذا سيحل بغزة إن أعاد الاسرائيليون السيطرة عليها؟ هل سيديرونها مباشرة ويحفروا أرضها شبرا شبرا للبحث عن أعدائهم من حماس؟ وهل سيجدوهم أصلا ليقضوا عليهم؟ وحتى لو وجدوهم وقضوا عليهم اليوم.. فقد خلقوا لأنفسهم أعداء من الأطفال سيكبرون ويعيدوا الكرة مرة أخرى .. هل سيعيدوها للسلطة الفلسطينية التي لا تقدر على إدارة الضفة الآن فكيف بها لو دخلت غزة؟ .. سيعجِّب الغزيون عليها طبعا! هل ستدخل اسرائيل قوات دولية الى غزة؟ غير منطقي بالطبع ولن تقبله إسرائيل أصلا؟ هل سيعطونها لمصر؟ وهل ستقبل مصر ذلك؟ هل تستطيع إسرائيل أو حتى أمريكا أن يقولوا لنا : ثم ماذا؟؟؟ !!!
لا حول ولا قوة إلا بالله.