• 23 حزيران 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم :عزام توفيق أبو السعود

 

يتكرر الحديث عن ما بعد غزة، كل يريد أن يكون حكم غزة على هواه ويحقق مصالحة وأطماعه، كل يفكر نيابة عنا ، الإسرائيليون يفكرون كيف ومن سيحكم غزة ويكون تحت إمرتهم، أو على الأقل كيف يبقى ألأمن في غزة تحت سيطرتهم، يدخلونها كيفما أرادوا ويخرجون منها متى أرادوا كما هي الحال في الضفة ..  الأمريكيون يريدون ما يريده الإسرائيليون، والعرب يريدون ما تريده أمريكا، وسلطة رام الله تريد ما يريده العرب وأمريكا وربما إسرائيل معا !!!! 

أما ماذا يريد الفلسطينيون ؟ .. فلا أحد يسأل عنه .. من نريد نحن الفلسطينيين أن يحكم غزة؟ ومن نريد أن يحكم الضفة؟ ومن نريد أن يحكم غزة والضفة معا؟ هل نريد إستمرار الانقسام؟  هل نريد أن تنتصر حماس وتعود لحكم غزة رغم أنف جميع من ذكرنا؟ وأن يبقى الحال على ما هو عليه الآن في رام الله  !؟ أم نريد أن تحكم حماس الضفة وغزة معا ؟ لا أحد يسألنا كفلسطينيين .... أي كشعب فلسطيني أينما كان، في الضفة أو في غزة أو في الشتات .. ولعلي أقول لا أحد يريد أن يسألنا هذه الأسئلة.. وحتى لو جرى استطلاع رأي بأخذ عينة من الناس هنا وهناك، وهناك وهناك .. ماذا نريد.. لأن كل واحد من غير الفلسطينيين يفكر بطريقته الخاصة ليفرض علينا رؤيته، أو يتفقون فيما بينهم على ما سيفرضونه علينا!!! هذه مهزلة القدر .. ومهزلة ما أوقعنا نفسنا فيه من ترك زمام أمورنا والإلتفات لما يريده العرب، وما يريده الغرب وما يريده حلفاؤنا، وما يريده أعداؤنا!!.

أما آن الأوان لنا كي نفكر بعقلانية ؟ والتفكير العقلاني لا بد أن يوصلنا الى نتيجة واحدة فقط: أن كل أسباب عدم اهتمام العالم بما نريد هو ضعفنا في الضفة، ومرده الى أننا غير موحدين، غير متفقين على أسس موحدة تجمعنا، ونحن في حالة إنقسام، ولا نعيش بجو ديمقراطي أبدا، بل نعمل على شتيمة بعضنا البعض، وتحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية ما وصلنا إليه .. الأساس الموحد الذي يجب أن يجمعنا هو : أننا في مرحلة تحرر وطني .. وحركات التحرر الوطني جميعها لم تبدأ بالمفاوضات، وإنما إنتهت اليها بعد نضال طويل وفرض واقع جديد ، يفرض على من لا يريد أن نتحرر الى طريق وحيد، هو أن نأخذ استقلالا حقيقيا بقوتنا.. إستقلال يأتي بعد  قلب الطاولة على المستعمر أو المحتل ومن والاه .. بأسلوب فيه أنياب .. 

حتى يكون صوتنا مسموعا لابد أن نعود الى نقطة البداية التي اعترف العالم بنا : بدايتنا كانت منظمة التحرير التي اعترف العالم بمن فيهم الأعداء على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .. ومنظمة التحرير يجب أن تمثل الكل الفلسطيني، لا أن تبقى ذات طيف واحد يسعى إلى الغنائم .. يجب أن تمثل المنظمة فتح وحماس والجهاد والشعبية والديمقراطية وغيرها وعت قناعة، وأن تمثل غزة والضفة والشتات، وأن لا تكون هناك محاصصة. مجلس وطني حقيقي يمثل الشعب الفلسطيني، يتم إنتخابه أو إختياره كمجلس مصغر ومؤقت ليحضر لإنتخابات نزيهة للمجلس الوطني أولا ، وانتخاب مؤسساته بعد ذلك من مركزية أو تنفيذية وذلك قبل التفكير بانتخابات لمجلس تشريعي، وانتخابات رئآسية . رئيس مجلس وطني منتخب يتولى السلطة العليا ويعين رئيس وزراء ، ليس بالضرورة من حماس أو فتح بل أنسان أمين مخلص يعرف مصلحة الوطن أولا، ورئيس الوزراء هذا  ووزراؤه لديهم رؤيا واضحة كي يقوموا بإعادة البناء لغزة المدمرة، ولجنين ومخيمها ونابلس وطولكرم وغيرها،  يقومون بإصلاح حقيقي لنظم قائمة في الضفة تغض الطرف عن الفساد .. وبتحقيق أمن داخلي يحمي الفلسطينيين فقط ولا يحمي غيرهم .. أعتقد أن هذا ما يريده الفلسطينيون ليكونوا قوة واحدة على العالم أن يسمع صوتهم ويلبي إرادتهم .. هكذا يجب أن تكون نقطة البداية، ليست بتعديلات وزارية ضمن نظام مهلهل بلا مصادر تمويل .. العرب سيهابونا إن نظمنا أنفسنا بصورة نزيهة أمينة ، والعالم سيحترمنا أكثر، وقد بدأت شعوب العالم تقف معنا بشبابها ، وبدأت حكومات في العالم بالإعتراف بنا كدولة : لأننا عرفنا الطريق السليم، طريق التضحية  والصبر والنضال وإظهار القوة .... تلك الدروس نستقيها من غزة ومن شعب غزة، وقوى الدعم لها في الشمال والشرق البعيد والجنوب الأبعد ، وليتنا نسمع دعما أكبر من الشمال الشرقي والشرق والجنوب الغربي والجنوب ... يجب أن لا نبقى نتسول تصريحا من عدونا لأي شيء نريد ، وأن لا نطلب من أحد أن يرحمنا !!

  لا حول ولا قوة إلا بالله !!