• 12 تشرين أول 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : محمد الصفدي 

 

 هناك تطورات لافتة يلاحظها المتابعين لمجريات الحرب ، فتصريحات نتنياهو وقيادته العسكريه والسياسيه وتصرفاتهم وصمت المعارضة وتماهيها مع الموقف الرسمي تشير الى أنهم في حالة إنكار نفسي وهي حالة يلجأ إليها الجبان الذي يخدع نفسه ويسعى لتزييف واقعه الذي لا يمكن استيعابه والتعايش معه .

 هم ينكرون حقيقة أن جبهة غزة تتجدد بشكل مذهل وتقاوم وتثبت نفسها ولكنهم يتصرفون وكأن المعركة قد حسمت ولذلك يدعون بان هذه المعركة في غزة قد هبطت من حيث الأولوية للدرجة الثانية لا بل إنهم يبدؤون بخطوات اندفاعية متعثرة لفرض واقع اليوم التالي خصوصا في شمال القطاع مع مؤشرات للبدء بأسلوب المستعربين المستخدم في الضفة كما حدث بشكل فاشل في رفح كدليل على وجود مخطط لتنفيذ اغتيالات موقعيه أو للوصول لاماكن الرهائن وتخليصهم بالعمليات الخاصة .

كل هذه التحركات تواجه مقاومة عنيدة وجاهزية لم يتوقعوها، وفي الضفة يبطشون ويحاصرون ويغتالون بإسناد وتعاون مثير للغرابة وشبه مكشوف يزداد وقاحة من أجهزة السلطة كما حدث مؤخرا في طوباس ونابلس ونور شمس وقبلها في جنين وبالرغم من ذلك كله مازالت المقاومة متصاعدة وأخذه في تطوير أساليبها . 

اما بالنسبة للبنان تواجه اسرائيل في حربها البرية مقاومة شرسة وديناميكية وما زالوا يتحركون ببطء وجبن و يدفعون أثمانا باهظة جدا وكل ذلك من نفس الحزب الذي نعوه بتسرع ابله وأعلنوا انهياره وتفككه وبدؤوا هم والامريكان بالتصرف وكأنهم قد أضحوا في اليوم التالي متسابقين الأحداث…حيث بدؤوا يتحدثون عن حكومة بدون حزب الله وتوسيع صلاحية القرار ١٧٠١ .

امريكا واسرائيل يرسمون واقعا وهميا وكان الحزب قد رحل عن الواقع اللبناني هذا في الوقت الذي لا يتمكن فيه الجيش المدجج الذي لا يقهر من التوغل في الجنوب مع تواصل قصف الحزب لتل ابيب وحيفا ، ويدخل أسلحة جديدة مربكة مثل المسيرات والباليستيات هذا من دون استخدام ترسانته الدقيقة بعد ، ولم ينتقل من الدفاع للهجوم والتسلل خلف الخطوط . 

ومع إيران ما زالوا يرتبكون ويؤجلون ردهم العظيم الماحق مما يدل على قصور القوة ومحدوديتها في ظل الواقع الإقليمي المعقد و مخاطره ومحاذيره . 

حالة الانكار تستفحل لدى الاسرائيليين الذين ورطوا أنفسهم في جبهات متشعبة كل واحدة اصعب من الاخرى ونقلوا الصراع إلى مستوى وجودي مطلقين عليه حرب القيامة . دلالات الإنكار تظهر من خلال إخفاء الخسائر الموجعة ونشرها بالقطارة وتحت الرقابة الشديدة . 

انكارهم للواقع الأليم المتأزم يظهر في اخفاقهم بتحقيق اهدافهم الأساسية والهروب للأمام بطرح شعار ضخم : تغيير النظام في المحيط وفي الإقليم والعربدة على الشرق الاوسط كله .

 ينكرون عدد قتلاهم وجرحاهم في كل الجبهات ويكذبون بطريقة فاضحة ومرتبكه : كل اعلاناتهم عبارة عن كليشيهات مقولبة إذ يعلنون دائما عن إصابة واحدة او اثنتين او اصابات طفيفة وأضرار مادية وان اغلب الصواريخ قد تم إسقاطها أو سقطت في أماكن مفتوحة وكأنها ذاهبة في نزهة في الخلاء ! .

 المبالغة في الكذب وتكراره دليل واضح على الإنكار المفرط والجبن في الاعتراف بالحقيقة . يختبئون خلف السردية المزيفة حتى يخفوا إنكارهم للمجريات . 

اين هي اسرائيل الان بعد عام على الأحداث ؟ هي في ورطة مركبة في غزة وفي لبنان والضفة وجبهات خارجية وحسابات مفتوحة في الإقليم وسمعة دولية في الحضيض شعبيا ورسميا . 

اصدقاء اسرائيل يعجزون عن الدفاع عنها بسبب افراطها في الإجرام وسلوكها الفاضح وتجاوز كل الأعراف والقوانين الدولية وبسبب اعتدائها على المؤسسات الدولية مثل الأونروا والمطبخ العالمي والمستشفيات المحلية والأجنبية والمؤسسات الدينية . 

إ من ينكر الواقع هو شخص مريض نرجسي سادي متمركز حول نفسه ولا يعير أي اعتبار للآخر ويسقط سلوكه غير الإنساني على ضحاياه : نتنياهو الهمجي يتهم الشعب الذي يحتله ويبطش به بلا هوادة بالهمجية والوحشية ويتنكر وراء قناع الحضاره والمدنيه .. فالى متى ستستمر هذه الكذبة ؟ والى متى يصمت العالم العاجز ، و يكتفي بالبيانات الخجولة ؟

 والى متى سيظل هذا العالم الشاهد على الجريمة منكرا لما تراه عيناه متماهيا مع الطفل المدلل للاستعمار الغربي الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء والزرقاء ؟!!