• 5 نيسان 2025
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد

لم تكن بلادنا تستطيع ان تنعم بالهدوء والاستقرار منذ انطلاق المشروع المعادي ولكننا اليوم قد دخلنا في حالة استثنائية من الاضطراب في كل الساحات في غزة في الضفة الغربية، ومن شرق الجولان الى شرق الفرات وما بينهما، ومن جنوب الليطاني الى سائر الأراضي اللبنانية. 

في الشام، يسير مشروع طريق داود دون اعتراض من حاكم دمشق الجديد وقد جاوزت المناطق التي احتلتها دولة الاحتلال مساحة لبنان، وهي تلتف لتتصل بمشروع الدولة الكردية في شرق الفرات فيما يضرب الاحتلال بالطيران والصواريخ قلب دمشق ومطار حماه، واصبحت الارض السورية من اقصاها الى اقصاها مستباحه من (الاسرائيلي) والتركي والكردي والأمريكي الذي استولى على مطار الضمير، وكل ذلك لا يقلق أبو محمد الجولاني الذي يسارع النظام العربي بتأهيله دوليا من خلال ترتيب لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب اثناء زيارة الاخير للرياض المرتقبة. 

لبنان على موعد مع زيارة ملكة جمال البرتقال نائبة المبعوث الأمريكي والتي أعلنت أن زيارتها ستكون بهدف بحث نزع سلاح المقاومة، لا لوقف العدوان (الاسرائيلي) المتواصل والذين طال من الضاحية الجنوبية لبيروت أول أمس فيما يطل من ثقوب الجرذان من يقول: إذا كانت الدولة عاجزة عن نزع سلاح المقاومة فمن الممكن تلزيم هذه المهمة (المقاولة) إلى دولة الاحتلال في الجنوب والى ابو محمد الجولاني في الشرق. 

في فلسطين يتم القتال من جانب واحد أو بكلمات أكثر دقة يتم القتل الذي يستهدف أهل غزة لا المقاومة التي وان كانت لها بقايا إلا أنها غير منظورة، وقد ترافق مع عمليات القتل الجماعي والإبادة حرب التجويع، إذ تفيد بعض التقارير الدولية أن قرابة مليون فلسطيني في غزة مهددون بالموت جوعا خلال فترة قصيرة ان لم يتم توفير الطعام لهم.

 منفذ غزة هو مصر التي منعت دخول الصحفيين الأجانب فأصبحت هذه الحرب هي الحرب الوحيدة في العالم التي لا تغطيها الصحافة العالمية، وإنما ما تبقى من الفضائيات العربية، ومصر التي تتقاضى 20,000 دولار رسوم على كل شاحنة إغاثة اذا سمح (الاسرائيلي) بمرورها تستطيع مصر ان أرادت إدخال الشاحنات دون إذن (اسرائيلي) ولكن هذا الموقف السلبي يعطي الانطباع الاكبر بان مصر قد أصبحت وغيرها من دول نظام العربي شركاء شراكة كاملة في الحرب على غزة. 

أول أمس جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي ونظيره المصري حول الأوضاع في المنطقة وعلى رأسها مسألة غزة يقول الرئيس الامريكي ان الحديث كان جيدا وإن توافقا قد جرى بينه وبين الرئيس المصري، فيما تشير القاهرة ان الرئيس المصري أبلغ ترامب رفض مصر مشروع التهجير وأنه طلب من الولايات المتحدة بالضغط على (اسرائيل) لوقف حربها فمن نصدق ترامب الصريح الفض أمن يلتزم بالحضور الإسرائيلي على إدخال المساعدات. 

أعلنت القمة العربية الأخيرة عن تبني مشروع مصري لإعادة إعمار غزة وليكون بديلا لمشروع ترامب القاضي بتهجير أهل غزة وتحويلها الى مشروع عقاري سياحي، وهو الموقف الذي حاول الملك عبد الله الثاني الاحتماء به أثناء زيارته لواشنطن، ولكن اليوم نرى أن قادة النظام العربي ينسحبون من الموضوع، الإمارات تؤكد أنها ليست معنية بذلك ينطبق على السعودية فالنظام العربي التابع يريد التخفيف من المسألة الفلسطينية التي يراها متلازمة مع المقاومة، وهم بذلك واهمون بأن مسألة فلسطين من الممكن الخلاص منها وشطبها. 

غزة مازالت صامته رغم الالم ولكنها تحتاج إلى الأمل الذي تفتقده، ومن دروس التاريخ ان غرناطة آخر معقل عربي في الاندلس قد صمدت امام حصار  قشتالة و اراجون وقاتل الغرناطيين بشجاعة فيما كانوا يقفون على اسوار مدينتهم وكلما لاح لهم خيال في الافق ظنوا أن أهل المغرب او مصر والشام قد وصلوا لنجدتهم ولكن عندما لم تأتي النجدة وفقد الامل سقطت غرناطة، فالقلاع تسقط من الداخل عندما يهزم المحاصرون معنويا. 

ولعل هذا حال أهل غزة الذين شاهدنا عودتهم الى شمال القطاع قبل شهرين في مشهد مثير للإعجاب، رأيناهم يجلسون على تلال انقاض منازلهم وهم يعقدون الآمال على جبهات الاسناد ومحور المقاومة وعلى ان تتحرك الشعوب بشكل قادر على إجبار الحكام على اتخاذ المواقف لا غاثتهم وانقاذهم، ولكن المحور انكفأ ولم يتحرك أحد و ساد صمت الشعوب لدرجة منحت الفرصة للحكام للامعان في استخفافهم بغزه وأهلها. 

غزة تحتاج الى انقاذ... غزة تحتاج الى نصرة و الى من يبعث الأمل في اهلها، واهل غزة مقاومة وحاضنة شعبية يستحقون ان نقدم لهم كل ما نستطيع من دعم واسناد وضغط لاجبار النظام العربي على إبداء شيء من الحياء