- 18 آيار 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : فرح جمال شاهين*
يستهويني مصطلح العلاقات العامة كطالبة جامعية متخصصة، وراغبة في الاستفادة منه في عالم المستجدات، فالعلاقات العامة لم تعد مجرد شغلٍ تقليديٍ داخل المؤسسات أو بيانات رسمية تنبعث من وقت لآخر، اليوم، أصبح لها دور رئيسي وكبير ومؤثر في تشكيل الصورة الذهنية لأي مؤسسة أو شركة أو منشأة . من وجهة نظري، العلاقات العامة هي الوسيلة الابتكارية التي من خلالها تقوم بتوصيل رسالتك، وتبني علاقة حقيقية مع الناس، وتأسس جسراً من الثقة والتفاهم والتعاون المثمر بينك وبينهم.
إن مفهومي للعلاقات العامة قد يختلف قليلا عن مفهوم كثير من الناس لها، فأنا أرى العلاقات العامة كأداة تواصل إنساني أولًا، قبل أن تكون أداة إعلامية أو دعائية أو تسويقية، فهي الميكانيكا التي تعمل على زيادة ثقة الناس بِك ، وتبين لك كيف تتعامل معهم بصدق وشفافية، وتبني علاقة تستمر ليس فقط وقت الحملات أو الأزمات، بل أيضا بأوقات الاستقرار والنجاح، العلاقات العامة تجعل الناس يشعرون بأنهم جزء من الأمور التي تحدث ، وهذه أهم نقطة بالنسبة لي في هذه المنظومة.
الأسس الخاصة بالعلاقات العامة متنوعة، حيث يوجد الكثير من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العلاقة العامة، أولها وأهمها: الصدق، لأنه - وبرأيي- الآن يتمتع الجمهور المعاصر بذكاء قادر على تحليل الخطاب إن كان صادقا أو غير صادق ، إضافة إلى الشفافية،حيث يجب أن نكون واضحين ، لا أن نتستر أو نخفي معلومات قد تؤثر على سمعة الشركة أو مستقبل المنتج أو ديمومة العلاقة مع الزبون .
من ناحيةٍ أخرى ؛ يوجد مبدأ مهم وهو الاستمرارية، التواصل لا يجب أن يكون فقط وقت الحاجة، يجب أن يكون دائما ، منظما، ومتجددا ، فمن الأسس المهمة للعلاقات العامة المستدامة: فهم الجمهور، وأن نتحدث بلغته ونفكر بطريقته، ونوصل الرسالة له بأسلوب بسيط ومباشر.
أما عن رؤيتي للعلاقات العامة في ظل الظروف الراهنة؛ فالوضع الحالي في العالم العربي والعالم كله، فيه تغيرات كبيرة وضغوطات مستمرة، سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. كل هذه الظروف تجعل العلاقات العامة أكثر من ضرورية، بل شيئا حيويا وأساسيا في كل أركان الحياة العملية .لا سيما إذا آمنا بأن العلاقات العامة يجب أن تكون ذكية، مرنة، وتستطيع التعامل مع الأزمات بسرعة، بالإضافة إلى ضرورة اشتمالها على عنصر الإبداع، لأن الناس بدؤوا يشعرون بالملل من الأساليب التقليدية، لا سيما في مجال التكنولوجيا الرقمية ، وفضاء الذكاء الاصطناعي الذي قلب كل الموازين في ميدان الاتصال والتواصل ، وصناعة المحتوى وبناء الاستراتيجيات الناجحة والمثمرة أما بالنسبة لدور المرأة المثقفة والشريحة النخبوية في المجتمع فدور المرأة فيها لا سيما في ميدان العلاقات العامة أصبح أساسيا ومحوريا ، ولم تعد رقماً على الهامش ، وتشكل المرأة المتعلمة بما تمتلكه من قدرات وإمكانات عقلية وتكنولوجية وتواصلية حجر الزاوية في منظومة علاقات عامة عصريةٍ أكثر تفاعلا وأثرا ، فالمرأة المثقفة عندها قدرة عالية على الفهم، وتحليل المواقف، والتعامل مع الضغوط بطريقة متزنة. كما أن لديها حسا إنسانيا قويا، وتعرف كيف توصل المعلومة بإحساس وسلاسة، وبذلك يكون وجودها في العلاقات العامة إضافة لبُعد جديد، فيه عقل ووعي، وفيه لمسة إنسانية لا يستطيعها أي أحد .
وبناءً على ما تقدم ؛ فالعلاقات العامة ليست مجرد وظيفة، بل هي مسؤولية وتواصل دائم، ويجب أن تكون مبنية على الثقة، الصراحة، والرؤية الناضجة في التسعير والتسويقِ وصناعة الإنجاز . ومع التغيرات السريعة التي نعيشها ، فإن التغير السريع والشامل الذي نعيشه اليوم يفرض تحدياته على كل شرائح المجتمع وأنماط التفكير وسياسات بناء المعارف وهذا معناه بالضرورة أن تصنع المرأة نجاحها في مجال العلاقات العامة بإحترافية وتنافسيةٍ لافتة فالسوق اليوم مزدحمٌ بالمسميات والأفكار ولا مجال فيه للمحاكاة السلبية أو النمط الكلاسيكي في التفكير والتنفيذ وتوجيه دفة الإنجاز.
* كاتبة ومدونة فلسطينية