• 9 كانون أول 2025
  • أقلام مقدسية

                                                                    

بقلم : المحامي  حسن عبادي

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛ 

 تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.

أواكب حرائر الدامون وأصغي لآلامهن وآمالهن وأحلامهن بالحريّة، وأدوّن بعضاً من معاناتهن.

أتصل من بوابة الدامون مباشرة بأهالي من تم قمعهن والاعتداء عليهن، وبعدها بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات؛  

حاولت إيصال أوجاعهن وآلامهن وآمالهن لكلّ حدب وصوب عبر "التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين" وناشطين أوروبيين، بعيداً عن الشجب والاستنكار وتحميل المسؤولية المؤسّساتي المقيت؛

وزادت قناعتي أن صمتنا عارُنا.

عقّب الدكتور جمال سلسع: "دمتم بألق الوطن وساماً في زمن الخذلان".

وعقّب الأسير المحرّر محمد خلف: "دام نفسهن الإنساني والوطني. الحرية تليق برموزها ودمت يا أصيل سندا لهن وفانوسا يضيء على الأسرى والأسيرات حلكة ليل السجن. تحيّة خاصه مني لك أيها المحامي الأصيل حسن عبادي على ما تقوم به من رسالة مقدسة تستحق عليها كل الثناء والتقدير. دمت حرا أصيلا.

وعقّبت الأسيرة المحررة أم محمد: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فرجك القريب يا رب العالمين، ما لهم سواك.  إنا تستغيث بك من أجل أسرانا وأسيراتنا الحرائر فأغثهم يا الله، واجبر قلب أستاذنا الفاضل القدير حسن عبادي الذي لا يزال يعمل ويجتهد من أجل أسرانا وأسيراتنا الحرائر ومن أجل الطمأنينة لنا ولذوي أهالي أحبتنا الأسرى والأسيرات ولكل من عجز عن معرفة ما يدور خلف هذه القضبان اللعينة. كل الاحترام والتقدير لك يا أستاذ".

وعقّبت ريغان أبو غالي (زوجة شقيق شيماء): "دموع لا تتوقف يا أختي العزيزة. أعلم أنكِ قوية، لكن أسأل الله أن يمنحكِ كل القوة التي تحتاجينها. أنا وأمير نحبكِ، وسنكون على أول رحلة إليكِ عندما تصبحين حرة. الحرية لا غنى عنها إن شاء الله. أفتقدكِ كثيرًا يا أختي".

وعقّبت تقى أبو حماد: "اللهم عجّل في حريتهم وعودتهم لديارهم ومعانقة أحبابهم. كل يوم بتثبت لنا يا أستاذ أنه اللي بده يدرس قانون لازم يكون إنسان بالدرجة الأولى قبل ما يفكر يحمل الشهادة ويزاول المهنة. شو ما نحكي ما بنوفيك حقك لأنك بتقدم بلا حدود وعطاؤك مستمر".

وعقبت الأسيرة المحرّرة شروق شرف: "أي والله لما بدهم يقمعوا بتحججوا بأي اشي وبدون سبب بفشوا قلبهم بالأسرى... الله يفرجها عليهم يا رب ويهونها.  كل الاحترام لك يا أستاذ على جهودك المبذولة بوصل الأسيرات بالحياة... الله يجزيك الخير".

وعقب عماد عبد الله (والد الأسيرة المحرّرة ريماء): "لكُنّ الحرية والسلام والصحة. دائما ندعو لكُنّ بأن يحسن الله لكُنّ أن يخرجكن معززات مكرمات. الله يكون بعونكن. إن شاء الله تتنسمن الحرية وعليلها والإفراج وسعادته. واللقاء وشوقه والحضن ودفئه.  وإن قلنا ما نقول، لا نكفي ولا نكافئ السيد الأستاذ حسن عبادي لما يبذله ويفعله من أجل الأسيرات. بأن يبلسم لهن جراح الفراق والشوق". ..

وعقّبت الأسيرة المحرّرة أم أمير سلامة: "فعلا أستاذ كنا ندرك أنه لا يوجد عالم خارجي، نحن فقط من هو على قيد الحياة، لأنه لا تصلنا أخبار الأهل والعالم. عندما كنت تحضر لزيارة الأسيرات وتعود الأسيرة إلى القسم تركض بلهفة، تنادي عليها الأسيرات ليعرفن الأخبار ومن لها سلام من أهلها. كانت ترد الروح لنا. جزاك الله كل خير وصحة وعافية وربنا يفك أسر جميع الأسرى والأسيرات يا رب".

وعقّبت الأسيرة المحرّرة والكاتبة إسراء عبوشي: "شكرًا لك يا أستاذ حسن العبادي على جهودك النبيلة في زيارة أسيرات الدامون، واطمئنانك عليهن، ونقلك السكينة لقلوب أهاليهن. وجودك هناك يشبه شعلة ضوء ثابتة في ممرٍ طويل، أن العدالة لا تنطفئ مهما اشتد الظلام. لك خالص الامتنان، ومعك نتمنى لأسيراتنا فجر الحرية القريب."

 

" شايفتها أساور، مش قيود "

زرت ظهر الثلاثاء 26.08.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب، لألتقي ثانيةً بالأسيرة شيماء إبراهيم أبو غالي (مواليد 15.06.1986) من الحارة الشرقية بجنين، طبيبة أسنان ووالدة عمر، وهي رهن الاعتقال منذ 29.04.25.

طلبتُ فكّ الكلبشات حين اللقاء.

أوصلتها بدايةً سلامات العائلة وابنها عمر (13 عام، قلقة على متابعة تعلّمه)، وأخوها عبد الرحمن وزوجته ريغان وابنهما أمير، وأخبار العيادة والدكتور محمود والزرّيعة.

الوضع في الدامون سيئ جداً، القمعات مستمرة، وآخرها أسخف قمعة، على حد قولها. سمعت سجّانة إحدى الأسيرات تقول free Palestine، انقض السجّانون على الغرفة مدجّجين بالسلاح، دخلوا علينا وإحنا مش لابسات، لبست الجلباب قدّامهم ونزلت دمعتي، مسحتها بأواعي زميلتي لأني ما بدّي يشوفوا الدمعة، وإيديّ كانت مكلبشة، ووقّفونا بالشمس ساعات. الرطوبة قاتلة.

شيماء بغرفة 5 (برفقة إسلام شولي، لينا محتسب، شيرين الحمامرة، ولاء طنجي، إيمان الشوامرة، أسيل حماد وربى دار ناصر).

طلبت إيصال سلاماتها لأختها سارة (مشتاقة لكاسة نيسكافيه معها)، وعطاء (مشتاقة لأرجيلة معها) وسلمى وشام (رايحة أطلع وأشمّمكم الهوى وأبسطكم)، ولأخيها عبد الرحمن (فخورة فيك، الأسيرات متابعاتك: أخوك تُرفع له القبّعة وصاحب كلمة حق. دير بالك على أولاد عبد الله)، وريغان (أنت أختي بعد سارة، مبسوطة كثير فيك، بس أروّح بكون لقاء، بوسي لي أمير).

ابني عمر روحي وعمري، كثير مشتاقة له والوجع بقلبي كبير.

إخوتي هم ولادي وأبنائي زيّ عمر وزيادة.

عبد الله الجرح النازف، وجوده بالسجن أصعب عليّ من وجودي هون.

كم كانت فرحة وسعيدة حين أخبرتها أنّ محمود زار قبر أمها ووصّلها سلاماتها، والعيادة والزرّيعة بأمان وتعهّد بعلاج أسنان مجّاني لكل خرّيجات الدامون.

حاملة همّ عبد الله كثير، أنا قويّة وما يخافوا عليّ من التجديد.

طلبت إيصال سلامات الصبايا لأهاليهن؛ دلال وإسلام الحلبي، أسيل حماد، لينا المحتسب، ربى دار ناصر، ولاء طنجي، ياسمين شعبان، لين مسك، ومنى عنبتاوي.

سلامي للجميع.

والله مش رايحة أنساك من دعواتي.

حين انتهى اللقاء كلبشتها السجّانة مجدّداَ فابتسمت قائلة: "شايفتها أساور، مش قيود".

" القمعات نكشة راس!"

بعيد لقائي بشيماء، التقيت بالأسيرة عائشة عوض محمد العبيات (مواليد 24.02.1997) من قرية العبيات/ بيت لحم، عطا (7 سنوات) وكرم (5 سنوات).

أعتقلت ظهر الجمعة 20.06.2025 على حاجز تقواع؛ 55 يوم عزل في المسكوبية (مش عارفة شو صار مع فرح أبو عياش يلّي كانت معي)، وليلة في الشارون ومنه إلى الدامون.

 أوصلتها سلامات العائلة وأخوها مروّح اليوم (انبسطت كثير) فقاطعتني قائلة: فش عندي أواعي. أخذت من الصبايا. يعطوني ع القليلة أواعي شاباص كُم).

طلبت إيصال سلامات الصبايا لأهاليهن؛ عائشة عساف، فداء عساف، منى عنبتاوي.

عائشة بغرفة 9 (برفقة فاطمة منصور "ديروا بالكم على الصغار وصوروهم بالطريق للمدرسة أول يوم"، دلال الحلبي "سلّم على الكل وخلّي تسنيم تكون جدعة بالمحكمة"، فاطمة جسراوي "محمد: شو مع الياس – وينتا مخلّف؟ وصوّرولي حسّون أول ما يحكي"، شيماء خازم "أخوي لمبين خطب؟ شو مع أختي اللّي خلّفت؟"، كرم موسى "جهزولي جنينة باب الدار ع الترويحة"، شهد حسن "شو صار مع صالح"، بنان أبو الهيجا "بدّي أطمّن على أولادي وزوجي، بحبهم ومشتاقة لهم").

وضع القمعات صعب، خاصة غرفة 5، قمعات متكرّرة مع ضرب، ولاء بالعزل وإيديها وإجريها مكلبشات كل الوقت مع دم. وضع المريضات صعب وبدون علاج. القمعات نكشة راس!

طلبت إيصال سلاماتها لوالديها (بغنّي شعر تعلّمته من أبوي، وكمان غنّاية تعلمتها من أمي)، أولادها عطا وكرم، أختها دعاء وأولاده رفيف ورناد وآدم (بدّي كبسِة وجمباري)، ومرة أخوها عبد الله وأولادها، أختها سناء وأولادها، أختها مريم وأولادها، أختها خديجة وابنها محمود، أخوها حسين (بحبه وما يزعل مني ومشتاقة له)، وأخوها عبد الله.

مشتاقة لولادي كثير. سلامي للجميع. 

لكما عزيزتيَّ شيماء وعائشة أحلى التحيّات، والحريّة لجميع أسرى الحريّة. 

حيفا آب 2025