• 1 نيسان 2024
  • مقدسيات

 

يكتبها : احمد هيمت 

 

 لأول مرة منذ سنوات طويلة يقرر ابوعبدالله ٦٤ عام من سكان جبل المكبر جنوبي القدس  أن يأخذ عائلته ويذهب الى المسجد الأقصى لتناول وجبة الافطار هناك والبقاء حتى صلاة التراويح ، رغم المشقة والتعب وخاصة  ان مهمة إيجاد موقف سيارة في المناطق المحيطة بالقدس تبدو  شبه مستحيلة وان نجح بها فان الوصول إلى الأقصى  مهمة لا تقل  تعبا وجهدا من المهمة الأولى . ورغم ذلك فإنه مصر على أن يقوم بهذه الخطوة هو وعائلته  لتأكيد ارتباطه بهذا المكان المقدس .

" صدقني بعد ما جرى في غزة من حرب ابادة فان شيء داخلي قد تغير وأصبحت أشعر بأن من واجبي أن أتواجد في الاقصى قدر المستطاع ، فنحن نحافظ على هويتنا وانتمائنا هذا هو  الرباط المفروض علينا مقدسيين " 

 ما أن اتخذت عائلة ابو عبد الله مكان في زاوية على درجات قبة الصخرة حتى تفاجئ بالأعداد الكبيرة من العائلات القادمة من أحياء القدس ومن داخل الخط الأخضر لتناول وجبة الإفطار التي احضرتها كل عائلة معها ، رغم ان إفطار ابو عبد الله كان ساندويشات من الحمص والفلافل وحبة التمر إلا أنه شعر بالسعادة  والراحة، نظر حوله ووجد عائلته احضرت معها طبخة المقلوبة التي باتت شعارا للصمود في الاقصى بعد ان  التقطت صور المرابطات المبعدات عن الاقصى وهن يتناولن المقلوبة  على مدخل باب الأسباط  يحيط بهن  رجال الشرطة الاسرائيلية.

  قام ابن أبو عبد الله بالتوجه الى باب القطانين لشراء القهوة لوالدته ووالده من المقهى في سوق القطانين  قبل أن  تبدأ صلاة العشاء تليها صلاة التراويح  بعد أن توافد المئات من المقدسيين لهذه الصلاة من الخارج 

 وما ان انتهت الصلاة حتى شعرت العائلة  بالسعادة تغمرهم لأنه شاركوا الرباط في الأقصى والاعتكاف فيه ولو لساعات قليلة .

 في طريق العودة كان شارع الواد وهو الطريق المؤدي مباشرة الى باب العامود مزدحم بشكل كبير لهذا قرر أبو عبد الله الذي يعرف  طرقات البلدة القديمة  التوجه الى طريق الآلام ومنها الى باب خان الزيت  تلافيا لهذا الازدحام ، والغريب في الموضوع ان باب خان الزيت كان خاليا تمام من المارة وحتى الحوانيت فيه كان معظمها مغلقا على العكس تماما من شارع الواد الذي بدا كأنه ليلة العيد كل الحوانيت مفتوحه مشعة نورا وازدحام كبير . وما ان وصل ابا عبد الله الى منزله في جبل المكبر جنوب القدس حتى سمع أن قوات الشرطة الإسرائيلية اقتحمت الاقصى بعد الانتهاء من صلاة التروايح واخرج من بقي في المسجد إلى خارجه منعا لأي اعتكاف… التفت إلى عائلته وقال لهم انه لم يكن ينوي الذهاب مرة أخرى الأقصى لصلاة التراويح ولكن الان سوف نذهب غدا ايضا  ، فالاقصى هويتنا ..