• 14 تشرين أول 2023
  • مقابلة خاصة

 

  كتب المؤرخ المقدسي المعروف  الدكتور "محمد هاشم غوشة" مقالة خاطب فيها أهل غزة . ويشرفنا ان ننشر هذه المقالة التي تفيض بالمشاعر الانسانية ممزوجة بالحرقة والالم على ما أصاب أهلنا في قطاع غزة، مليئة بالغضب من العجز العربي المخزي . 

كتب: محمد هاشم غوشه

لا يمكن لي أن أنسى كيف خذلناكم أول مرة منذ ست وثلاثين سنة وما زلنا على حالنا البائس هذا نخذلكم ثم نخذلكم ونخذلكم في كل مرة دون تردد. 

يا أهل غزة كان علينا أن ننجدكم إن كنا نخشى الله أو حتى نخجل من أنفسنا ونحن ننظر إلى ملامح وجوهنا المنافقة في المرآة كل صباح. 

ففي كل مرة كنا نردد بأننا معكم غير أننا كنا نكذب عليكم، بل أكثر من ذلك حين شاركنا في أسركم وصفقنا لجلاديكم وأنتم تذبحون وتقتلون وتحرقون ونحن ندبك ونصفق لأغاني الثورة.   

يا أهل غزة: بعناكم بأبخس الأثمان وما ذاك إلا لأننا لا نعرف قيمة وشأن الرجال. نسيناكم ونحن نيام في غيبوبةٍ لا أمل منها. تركناكم وحدكم ونحن هانئين في بيوتنا العاجية، ونوادينا البرجوازية، وكازينوهاتنا الحقيرة، ودنيانا السخيفة. 

نشاهد بطولاتكم الأبية عبر شاشات التلفزيون ونقول: يا هل ترى أهل غزة من بني البشر ؟ أم أنهم اعتادوا على قسوة العيش، فأصبحوا على هذا البأس. 

يا أهل غزة: أنتم أحياء عند ربكم ترزقون، ونحن أموات بلا كرامة لا يشعرون. 

أنتم الشرف والعزة والإباء، ونحن لا نملك حتى ورقة توت نستر فيها عوراتنا القبيحة التي ضحك وقهقه عليها كل المستعمرين. 

أنتم عيوني وأنا أعمى البصيرة والبصر، وأنتم الضمير وأنا فاقد الضمير. أنتم الأصالة والعراقة والتاريخ وأنا لقيط لم أعد أعرف من أكون.  

يا أهل غزة اضربونا بأحذيتكم الطاهرة على رؤوسنا علّنا ننهض أو نموت فنريح العالم من وجودنا الذي لا حاجة له. 

اضربونا بقسوة ولا تترددوا أو تحزنوا فنحن نستحق منكم أكثر من ذلك بكثير. 

يا أهل غزة لا تسمعونا فنحن أتفه من أن ننصحكم. ولا تحزنوا علينا فنحن لا نستحق عطفكم. ولا تأخذونا قدوة، فنحن لا نستحق جناتكم التي وعدكم الله بها لأننا نسينا وتناسينا مسرى نبينا الكريم. 

يا أهل غزة لا تحبونا فنحن أمة باعت شرفها بأبخس الأثمان، وأمست تلعق حذاء السلطان، وتعشق الذي يذلها ويلعنها في كل يوم. 

يا أهل غزة لكم دينكم، أما ديننا فنرجوه في البيت الأبيض. 

يا أهل غزة: أأنتم المأسورين أم نحن الذين تهنا في الصحاري القاحلة حين أغمضنا عيوننا عن أطفالكم

وألقينا بأحلامهم الوردية في كل مؤامرة حكناها لندفن مستقبلهم وحاضرهم وماضيهم.  

يا أهل غزة العنونا فنحن ما عدنا نشعر بشيء، لأن رجالنا لا تعرف سوى أن تزغرد وتعشق الطرب. 

يا أهل غزة قد أضعناكم مذ وقفتم أول مرة شامخين ضد الطغيان ولم نصغي لكم أو نساندكم. 

حسبنا الله فينا فلا تسامحونا. رحم الله من قضى منكم، فأنتم يا أهل غزة أحياء عند ربكم ترزقون.