• 27 نيسان 2024
  • مقابلة خاصة

 

 القدس - أخبار البلد - كتب خليل احمد العسلي : 

اثناء استضافتي في برنامج "حلوة يا دنيا" الاكثر مشاهدة في العالم العربي والاكثر ابداعا من بين برامج القنوات الفضائية العربية من حيث طريقة اداء المبدع "فوآد الكرشه" والمبدعة "ميس النوباني"  ومن حيث المواضيع الشيقة المطروحة ، 

وفوق هذا وذاك الحضور الدائم للقدس في هذا البرنامج الرشيق الصباحي الذي يحرص الكثيرون ان يكون بداية يومهم المبارك.

 في هذه الحلقة  استشهدت بمقاطع من مقالة المغفور له جلالة الملك "الحسين بن طلال " رحمة الله عليه، تلك المقالة التي كانت جوهرة زينت العدد الاول من مجلة " أخبار البلد" المقدسية بنسختها الورقية الاولى وكانت هذه المقالة تحمل عنوان " القدس عندي" واقتبست بعضا مما جاء في المقالة التي هي وصف حالة الهاشميين مع القدس .

 وقد تسال الكثيرون ممن تابعوا الحلقة عن المقالة ، ولهذا يسعدنا ان نعيد نشرها كاملة كما كتبها جلالة المغفور له " الحسين بن طلال " : 

  لقد طلب الاستاذ الصحفي الكاتب " ناصر الدين النشاشيبي" من جلالة المغفور له الملك  "الحسين بن طلال"  أن يكتب مقالة افتتاحية بمناسبة صدور مجلة " أخبار البلد" المقدسية ورقيا وذلك في عام 1994 لمعرفة الشخصية بالملك ولعلمه بالمكانة التي تتمتع بها القدس  عند الهاشميين . 

 فما كان من جلالة المغفور له " الحسين بن طلال" إلا أن لبى الدعوة وكتب مقالة بعنوان "القدس عندي "في الصفحة الأولى من المجلة التي لم تدم طويلا بسبب عدم ارتياح البعض من وجود وسيلة اعلامية التي تنتقد وتكشف المستور.

 وكتب  المرحوم الصحفي المقدسي  "ناصر الدين النشاشيبي" في مقدمة المقالة : 

"  تفضل جلالة الملك الحسين المعظم وخص مجلة " أخبار البلد" بهذا المقال التاريخي عن المدينة التي  اسرى الله بعبده الرسول العظيم اليها .. بيت المقدس! اننا نشره - كما وردت الينا من الديوان الملكي العامر- فخورين- شاكرين:

 

القدس عندي 

 بقلم  حضرة صاحب الجلالة  الملك  الحسين بن طلال ملك المملكة الاردنية الهاشمية 

 

 القدس عندي  من اعز المدن واغلى المواقع ، وهي درة في جبين التاريخ الإنساني، وجوهرة السلام ورمزه ،ومهوى أفئدة المؤمنين بالله وهي للهاشميين والعرب والمسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي العربي الهاشمي  محمد صلى الله عليه وسلم، وهي عندي أمانة ووديعة حملها الهاشميون : عهدة عمرية، ونضالا لا يهدأ فكانت مثوى لجدهم قائد ثورة العرب الكبرى الحسين بن علي الذي جعلها، وفلسطين اعز من كل مكان وجاه عرض، وهي التي نثر عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه جنده على أسوارها مقاتلين وشهداء وجرحى فحماها وصان مقدساتها، وهي التي اختار الله سبحانه وتعالى بوابة  أقصاها ، في لحظة تاريخية نادرة مسرى لروح شهيدها عبد الله بن الحسين  الذي ما يزال حاضرا في صفحات تاريخها  يعطر صمودنا وثباتنا  على الحق.، ويعلمنا ان علاقتنا بالقدس التي روى ثرى اقصاها بدمه علاقة تستند الى النبوة والتاريخ والدين، وإن التزامنا بها كتاب عهد، شهوده الدين والشهادة والصمود، وسوف نظل على العهد نفسه، ندافع عن حق الأمة ونزود عن مقدساتها، ونلتزم باعمارها وإصلاحها ، ونبذل في سبيل ذلك كل طاقاتنا وامكاناتنا، لا نعترف بسيادة عليها إلا لله سبحانه وتعالى. .

هذه هي القدس  عندي ، الأمانة المصونة و الوديعة الغالية ، والتذكر الذي لا ينقطع تدفقه لخطى جيوش الامة في زمن الفتح الأول، ولحداء جندنا على أسوارها،لقتالهم العنيد يوم الكرامه حتى تظل عمان-شقيقة القدس- حرة، وتظل القدس نفسها على مدى البصر منا وهي التي  تعيش في القلوب والعقول، رمزا للصمود، والطهر، والإيمان والسلام .

 وباسم الأمة العربية  الواحدة، وباسم الإسلام الصحيح، وباسم فلسطين الجريح، وباسم القدس ، ومن اجل تحريرها وحماية مقدساتها نهضنا وتوحدت الضفتان الغاليتان، وبعد أن فرضت خيارات العرب والمسلمين والفلسطينيين فك الارتباط ظلت القدس هاجسنا، وظل خطابنا السياسي حولها واضح الرؤية، ثابت الغايات، وكم امرضنا حرجها وجراح أبنائها وهم يتصدون لقوات الاحتلال ويضحون بالغالي والنفيس حتى تظل عربية إسلامية حرة ، وكم ناشدنا الأمة أن تخرج من ضعفها وهوانها على نفسها، وأن تمنح شعوبها حقوقهم وحرياتهم ومشاركتهم في بناء نهضة شاملة حتى تكون قادرة على التصدي لكل غزو واستلاب،وصلبة عندما تذهب للدفاع عن الحق حربا كان هذا الذهاب أو سلما .

 إنها القدس،  لا رداء يليق بها غير رداء التسامح العربي الاسلامي ومهما المت بها العوادي وطال ليلها ، فلا بد للحق أن يدمغ الباطل، وينتهي زمن ظلت فيه القدس  تعاني حتى سار تاريخها مزيجا من المجد والمعاناة ومن الصفاء والقتام، وهي التي  اختارها الله معراجا وقبلة  ومقصدا، وشرفها بالنبؤات، وشرف المسلمين بحمل امانة حمايتها، وصيانة مقدساتها، وحفظ حقوق المؤمنين بالله  في مقدساتهم القائمة على أرضها الطهور .

 وختاما فإن أي حل للقضية الفلسطينية لا بد أن تكون القدس جوهره ولا بد من أن يكون عادلا وشاملا ودائما ، تقبل به الأجيال التي  تأتي من بعدنا وتصونه، هذه الاجيال المؤمنة بالله الواحد الأحد التي تمتلئ حنينا الى القدس الخالدة، القدس التي يسودها العدل والسلام والمحبة .