• 18 آب 2012
  • نبض إيلياء

خليل العسلي

فعلا عجبت لقدرة هذا الشعب عدم رؤية الاشياء كما هي، وعجبت اكثر من قدرته على تحويل وتفسير وتعليل كل شئ وفق نظرية المؤامرة التي يعيشها بكل فصولها، وبكامل شخصياتها!لدرجة انه يؤمن انها الواقع انها الحقيقية الوحيدة بحياته !

عجبت من هذا الشعب ومن قدرتها على التعايش من حالة الانفصال ، فهو دائما يظهر عكس ما يخفي، وفي النهار هو ليس نفسه في الليل، وفي البيت مختلف عن الخارج، يعيش هذه الحالة منذ عقود وعقود وكانه تاقلم معها ، وهذا يفسر حالة الانهيار المتسارع الذي يعيشه هذا الشعب ، وصدق صديق قديم عندما قال بعد اندلاع الانتفاضة الثانية وما رافقها من عنف شديد انعكس  عنفا  قاسيا في الاسرة وضد الفئات الضعيفة في المجتمع ، وكان في ذلك الوقت يحظر الحديث عن هذه الظواهر السلبية علانية حتى لا نعرض المقاومة الى خطر ،،، قال هذا الصديق وهو استاذ جامعي متخصص بعلم الاجتماع : بان الشعب الفلسطيني بعد انتهاء الاحتلال والحصول على استقلاله التام في الدولة الفلسطينية فانه سوف يحتاج الى جيش من الاطباء النفسيين من اجل معالجته من الامراض التي يعانيها  وعلى راسها الازدواجية في الشخصية والمواقف ..!

 ما علينا

 المهم ، ان سبب هذه المقدمة هو كثرة الحديث هذه الايام ، واخر هذا الحديث محاولة الفلسطينين تعليل قرار السلطات الاسرائيلية مضاعفة عدد عمال البناء الفلسطينين في اسرائيل ليصل عددهم الى 31 الف عامل بدل 19 الف عامل حاليا في اسرائيل، فلقد قال المذيع في الاذاعة الفلسطينية في الصباح وهو يجرى مقابلة مع وزير العمل د احمد مجدلاني ، بان هذه الخطوة قد تاتى لخشية اسرائيل من حالة الضغط التي يعيشها الفلسطينيون وخشيتها من الانفجار ، وقد تكون بهدف تطبيق مخطط خبيث يهدف الى التوصل الى السلام الاقتصادي، او ياتى لسبب..الخ فرد عليه الوزير مجدلاني علينا ان نكفى عن التفكير بهذه الطريقه ، فاسرائيل اخر همهما الضغط الذي يعيشه الفلسطينيون وان قرارها الاخيرة جاء نتيجة حاجة اقتصادية ولمحاربة ظاهرة العمال الاجانب في اسرائيل ولسد النقص  في الايدي العاملة بهذا القطاع ! ولكن المذيع مصر على ان هناك مؤامرة، وقال ان هذا القرار يعنى ان وتيرة البناء سوف تزداد في اسرائيل وفي المستوطنات فرد عليه الوزير وكاد ان يفقد اعصابه: كل العمال سوف يعملنا بداخل ما يسمى بالخط الاخضر، ولا يوجد عمال فلسطينين يعملون بصورة رسمية في المستوطنات ،من يعمل هناك فهم عمال بطريقه غير قانونية ونحن نرفض التعامل معهم !!

تزامن  هذا الحديث مع كثرة الاحاديث والتحليلات من قبل جهابزة المحللين والصحفيين والخبراء ( وما شاء الله كل الشعب عبارة عن خبراء في كل شئ ) حول التسهيلات التي قام بها السلطات الاسرائيلية للفلسطينين بمناسبة شهر رمضان المبارك،  تلك التسهيلات غير المسبوقة لدرجة ان مدينة القدس انتعشت بصورة افقدتها المدينة وتجارها منذ سنوات طويلة، هذه التسهيلات جعلت من ليلة القدر ليلة لا تنسى واعادة للقدس مكانتها الدينية التي كانت ان تنساها بعد ان املها مئات الالاف من المسلمين من الضفة الغربية ومن الوسط  العربي داخل اسرائيل، ومن السملمين من بقاع العالم ، فهناك من قال : ان هذه التسهيلات جاءت قبل ان تقوم اسرائيل بتقسيم المسجد الاقصى وكانهاه تقول لهم هذه زيارة وداع للاقصى ! بينما قال ثاني : ان اسرائيل تريد ان تجمع اكبر عدد ممكن من الفلسطينين والمسلمين في باحات الاقصى وداخله، من اجل فحص متانة تلك الباحات على ضوء الحفريات اسفله والتي ابقت المسجد معلقا في الهواء ، بل ان صاحبهذه النظيرة برهن عليها بانه سمع ان اسرائيل رفعت حالة التاهب في صفوف الطواقم الطبية والاطفائية الى اقصى الدرجات ،  وقال ثالث : ان اسرائيل تحاول ان تخفف من حدة الضغط الذي يعيشه الفلسطينيون وتخشى ان ينفجر هذا الشعب بانتفاضة ثالثة، وقال رابع : ان هذه التسهيلات للفلسطينين يعنى ان اسرائيل سوف تصعد من خطواتها ضد القيادة الفلسطينية، وقال خامس ان اسرائيل تحاول انعاش اقتصادها بهذه التسهيلات  وخير دليل على ذلك ما خرجت به محافظة رام الله والبيرة ليلى غنام، والتي قالت ان الفلسطينين يذهبون الى القدس ليس من اجل الصلاة بالاقصى بل من اجل الذهاب الى القدس الغربية والى مول المالحة  مما يعتبر دعما للاقتصاد الاسرائيلي ، ونسيت هذه المسوؤلة ان الاسعار في القدس اعلى بكثير من الضفة الغربية، ...

ان كل ما تقدم هي اقوال انتشرت في فضاء القدس في ايام رمضان ، لايمان هذا الشعب بنظرية المؤامرة ، مما يرهق فكره اكثر من اللازم، فنحن شعب نحب ان نعذب انفسنا وان نحمل الامور اكثر مما هي عليه ،  عجبت لهذا الشعب
وللحديث بقية