• 12 حزيران 2023
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل العسلي 

 

نشر بعض الزملاء في الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي وعبر المجموعات" الواتس ابيه" للمناقشة فكرة قديمة جدا حول إمكانية مشاركة أهل القدس في الانتخابات البلدية  الاسرائيلية التي من المقرر أن تجرى في شهر اكتوبر تشرين اول القادم ، 

إن عودة الحديث عن المشاركة في الانتخابات البلدية لم يكن محض صدفة بل يبدو للمتتبع للشأن المقدسي بأن هناك من يحرك هذا التوجه ، حيث بدأ الحديث عن ذلك في ندوة عقدت في القدس قبل أسابيع لبحث غياب القيادة السياسية في القدس ، رغم قناعتنا بأن القدس ليست بحاجة إلى قيادة أو مرجعية سياسية كما أن القدس لا تعاني من غياب في القيادات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية ، فلو كان الأمر كذلك لماذا يجتمع المسؤولين في السفارات والقنصليات الأجنبية مع أشخاص بعينهم في القدس؟ فلو رغبوا  مثلا بالحديث عن اقتصاد المدينة فإنهم يلتقون بأشخاص معروفين بهذا المجال وان كان الحديث عن التعليم فإن هناك أشخاصا لذلك ، كما انه اذا ما وقعت خلافات عائلية أو عشائرية فإن هناك عناوين في القدس يتوجه لها المقدسيون رغم الكثير من التحفظات لدينا ولدى الغالبية العظمى من أبناء المدينة على هذه المرجعيات إلا أنها مرجعيات في النهاية ، ناهيك على أنه لا غياب للفصائل القدس من فتح وحماس وغيرها والعناوين معروفة.

 ما علينا 

 المهم،  انه في هذه الندوة تم طرح فكرة المشاركة الفلسطينية في الانتخابات البلدية الإسرائيلية بالقدس ، هذه الفكرة التي أعرب الدكتور سري نسيبة عن فخره بأنه كان أول من طرحها قبل سنوات طويلة .وبعد هذه الندوة شاهدنا مقالة من صديق صحفي معروف يطرح فكرة إعادة النظر بموضوع المشاركة الكبيرة في الانتخابات البلدية بعد ان شاهد تدهور الخدمات المقدمة للمقدسيين من مواصلات وغيرها من خدمات أساسية .

وكالعادة في هذه الموضوع القديم الجديد  فلقد انقسم الشارع ما بين مؤيد بخجل وبهدوء  وما بين معارض بقوة الصوت العالي  معتمدا على الشعارات التي أثبتت السنوات الماضية أنها لا تسمن ولا تغنى من جوع ، و تمترس كل طرف خلف مواقفه ، متناسين وجود  قسم ثالث من المقدسيين الذين يفضلون الصمت لم يبدو موقفهم من ذلك ، ولكنهم على أرض الواقع هم يمارسون  حقهم الحصول على الخدمات المقدمة من المؤسسة الرسمية الإسرائيلية ويحاولون تحسين هذه الخدمات قدر الامكان  هؤلاء  بالتأكيد لن يصطفون خلف أي من الموقفين السابقين المؤيد أو المعارض .

 وهناك قسم آخر من سكان القدس لم يسمع صوتهم  في هذا الموضوع وهم سكان المدينة من  الفلسطينيين من داخل إسرائيل والذين يعلمون في القدس بشكل خاص في المؤسسات الإسرائيلية ويعتبرون بشكل ما الجسر ما بين السلطات الاسرائيلية وأهل القدس واشياء اخرى هذا الجزء من سكان القدس يمكن ان يكون لهم تأثير في تغيير شكل الصورة الإجمالية في القدس .

وعلى أرض الواقع لو شارك جميع سكان القدس العرب الفلسطينيين بالانتخابات البلدية فإن هذا لن يحدث التغيير المطلوب في البلدية اليهودية اليمينية المتطرفة لصالح العرب، فهم سيكونون  اقلية لن تؤثر بشكل مباشر ولكنها تثبت المقولة الإسرائيلية بأن القدس موحدة 

 ولنفترض جدلا ايضا ان جميع المقدسيين قرروا المشاركة في الانتخابات فإن قوتهم الانتخابية هي أقل بكثير من عددهم في المدينة ولو صوت نصف من يحق له حق الانتخاب  فإنه لن يكون لهم النفوذ ولا القدرة على تغيير الواقع ، ولهذا فإن الحديث عن المشاركة لن يمنع السياسات الاسرائيلية في القدس لسبب بسيط وهو أن ملف القدس لا تديره البلدية بل الحكومة الاسرائيلية التي وضعت نصب عينيها منذ زمن فرض السيادة بما في ذلك الإبعاد القسري عن المدينة  من خلال تطوير أحياء خلف الجدار حيث يشكل سكان تلك الأحياء تقريبا نصف سكان القدس عامة ، اضافة الى الغاء استقلالية العرب الوظائفية في إدارة حياتهم اليومية من مؤسسات مدنية ومجتمع مدني .

كما يخفى على الكثيرين ان بلدية القدس ليست صاحبة قرار في كل ما يتعلق بموضوع التخطيط في المدينة بل هي الحكومة وبالتالي فإن وصول المقدسيين الى المجلس البلدي لن يحرك ساكنا بموضوع بناء أحياء عربية جديدة او توسيع الأحياء القائمة لحل ازمة السكن الخانقة التي تعيشها المدينة المقدسة  .

 خطة البلدية الخماسية التي أقرتها مؤخرا لم تخصص أي ميزانية من أجل تطوير القدس العربية بل على العكس خصصت الميزانيات الضخمة بهدف فرض السيادة الاسرائيلية على المدينة بكل الوسائل الممكنة .

 ولهذا فإن الحديث عن مشاركة في الانتخابات البلدية لن يجدي نفعا ولن يغير حياة مواطن واحد في القدس يعاني من ويلات السلطات الاسرائيلية، ولن يضيف حجرا لبيت جديد في القدس ، انه حديث فارغ ، حديث كما يقول عنه أجدادنا  "طق حنك" …

 وللحديث بقية … إن بقي في العمر بقية