• 4 آب 2018
  • أقلام مقدسية

 

 

 

بقلم : عزام توفيق ابو السعود

 

منذ تأسيسها في أوائل الخمسينات، وشركة كهرباء القدس تواجه التحديات واحدة تلو أخرى، كان عليها بادئ ذي بدء تزويد نصف الضفة الغربية بالتيار الكهربائي تدريجيا، بعد حرب عام 1948، التي فقدنا فيها مصدر التيار الكهربائي لأنه كان في الأراضي التي استولت عليها اسرائيل عام النكبة، وبدأت الشركة التي ساهم بانشائها عدد كبير من أهالي القدس وما حولها، وكذلك من المجالس البلدية والقروية في القدس ورام الله والبيرة وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وأريحا ودير دبوان وبعض قرى شمال غرب رام الله . 

وبعد احتلال القدس والضفة عام 1967، كان التحدي الكبير الذي واجهته الشركة في الاحتفاظ بمنطقة امتيازها، التي حاول الاسرائيليون تقليصها، ثم منع الشركة من توليد الكهرباء، لتعتمد على خطوط ربط من الشركة القطرية الإسرائيلية ، لتصبح شركة توزيع للكهرباء  للمناطق العربية فقط، وليست شركة منتجة للكهرباء. ومرت الشركة بأزمات وأزمات ، لكنها صمدت في صراع البقاء عبر ما يقارب السبعين عاما !

ومع وصول السلطة الفلسطينية ، تضخمت الشركة نتيجة لزيادة الطلب على التيار الكهربائي مع ازدياد حجم الاستثمارات، وحجم البناء، وزيادة السكان، ومع هذا المؤشر الايجابي، واجهت الشركة مشاكل كثيرة، كنتيجة للإنتفاضة الثانية، التي أعقبها فلتان أمني، أدى الى زيادة سرقات التيار الكهربائي، وعدم القدرة على تحصيل ديون الشركة من المستهلكين في المخيمات، أو تراكم ديون السلطة ومؤسساتها لدى الشركة، والتأخر في تسديد الديون، والتي جعلت الشركة في موقف مالي صعب، أدى الى زيادة ديونها للشركة القطرية الإسرائيلية، واضطرارها عدة مرات الى اعادة جدولة الديون التي عليها. 

والآن يبدو أن الشركة تواجه صراعا جديدا بينها وبين الحكومة الفلسطينية، صراع لست أدري إن كان سياسيا، أم إداريا؟ هل هو خطوة تمريرية لبعض بنود خارطة الطريق؟ خاصة فيما يتعلق بالقدس، التي باتت شركة كهرباء القدس، كمزود للكهرباء لمنطقة الوسط في الضفة، التي تكاد تستهلك نصف ما تستهلكه الضفة كاملة ... أم أنه صراع إداري نتيجة عدم رضى الحكومة عن طريقة ادارة الشركة لأمورها ؟ التي تدار بصورة تجارية وليست بصورة الادارات الحكومية المقيدة !!

أقول باتت شركة الكهرباء هي الرباط الاستراتيجي الوحيد الذي يربط القدس بباقي الضفة الغربية، ويحافظ على شعرة معاوية في أن القدس هي جزء من الأراضي المحتلة عام 67، وأن القدس العربية ترتبط اقتصاديا مع السلطة الفلسطينية، وتساهم بالإقتصاد الفلسطيني، وتنتمي الى فلسطينيتها قلبا وقالبا ومصالح أيضا! فالشركة حسب قانون امتيازها هي المزود الوحيد للتيار الكهربائي ضمن حود منطقة الامتياز، التي تقع معظمها في الضفة الغربية! والشركة مركزها القدس .. 

سمعنا في الأيام القليلة الماضية عن اشتداد الأزمة بين ادارة الشركة والحكومة، وسمعنا عن طلب الحكومة من مجلس الإدارة أن يستقيل، أو أن تقيله ، ولا أعتقد أن هناك وضعا قانونيا يسمح بمثل هذا الطلب، فالشركة هي شركة مساهمة عامة، ويحكمها قانون الشركات، وهي شركة قطاع خاص ، ليست تابعة للحكومة، وانما قرار إقالة إدارة الشركة هو من حق المساهمين، الذين يجب أن لا تتجاوزهم الحكومة، فهم أصحاب القرار، هم من جددوا الثقة لمجلس الإدارة قبل بضعة أشهر، وهم فقط القادرين على سحب هذه الثقة، إن كان هناك مبرر كاف لعقد جلسة طارئة عادية أو غير عادية للهيئة العامة للشركة... 

لست أدري ما هو موقف رؤساء البلديات في الضفة، الأعضاء في مجلس ادارة الشركة، هل حل مجلس الإدارة بقرار من الحكومة، هو سحب لثقة الحكومة بالمجالس البلدية التي اختارت ممثليها في مجلس الإدارة ؟ مجرد سؤال .. 

وأخيرا: هل تريد الحكومة أن تقطع العلاقة بالقدس عمليا، وأن لا تبقي للقدس صلة اقتصادية مع الضفة أو مع السلطة؟!! حتى تحجِّم شركة كهرباء القدس لتبقى مزودا للأحياء العربية من القدس فقط، ليسهل على السلطات الاسرائيلية إبتلاعها فيما بعد!!!

لا حول ولا قوة إلا بالله!!!