• 27 شباط 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : محمد  الصفدي*

 

والآن هل نحن قد وصلنا الى مرحلة اغلاق الدائرة في الحرب على غزة . في البداية أفاقت اسرائيل من عيدها على صدمة نفسية وجودية هددت كيانها وحطمت عددا كبيرا من مسلماتها وأساطيرها ذات صباح.

 مع الاستفاقة رويدا رويدا ،امتطت حكومة نتنياهو المعدلة صهوة الانفعالات الطاغيه وذهبت الى اعلى سقف في التصريحات المنفلتة العنصرية التي تحيون الفلسطينيين وتجردهم من آدميتهم وتدعو لابادتهم وترحيلهم الخ الخ بلا مبالاة أية محاذير أو معايير أخلاقية او قانونية ودبلوماسية وخلال أيام أفلتت اللجام لالتها العسكرية الضخمة لتبطش بأهل غزة بلا تمييز وبلا كوابح مدعومة من "العالم الحر" المنافق الذي يحق له ولدلوعته ما لا يحق لسواه .

 في البداية ساد الاعتقاد لدى قيادة اسرائيل وامريكا الحاضنة والغرب المساند ان حماس البدائيه ستسقط خلال ايام وبالكاد اسابيع وستقع في قبضة الجنود الإسرائيليين العصريين المدججين والنوعيين… لكن الأيام مضت والاسابيع مضت ووصلنا عتبة الشهر الاول كمحطة افتراضية.

 أمريكا سالت نتنياهو عن الانجازات فلم يكن لديه شئ سوى جرائم الحرب التي بدأت تقرع الضمير الإنساني كله وفي عقر العواصم الغربية ذاتها ، نتنياهو طلب التمديد وقال لبايدن اريد شهرا آخر وتقدم في عمق القطاع ، فأخذ الشهر الثاني ووصل غزة ومن ثم الى الجنوب  والى خان يونس كمحطة فاصلة افتراضية وساد اعتقاد غذته اسرائيل بانها وكر السيطرة والقيادة ومخبأ الرهائن وها نحن نتجاوز الشهر الرابع ومع ذلك لم تحسم لا خانيونس ولا حتى شمال غزة ولا حتى وسطها . اسرائيل المحبطة الدون كيشوتية تبدو وكأنها تقاتل طائر العنقاء وتحارب اشباحا تخرج من باطن الارض ورمالها المتحركة .

 اسطورة المقاومه تتحقق على أرض المعركة واسطورة اسرائيل تتحطم وتستبدل بالاكاذيب والمبالغات والفبركات ، وعلى أعتاب الشهر الخامس وصلنا الى حافة الهاوية السحيقة .

 معركة رفح الفاصلة ، معركة رفح هي الحلقه والمحطة الأخيرة من فيلم "لعنة غزة" الذي يعيشه نتنياهو المسرحي البهلواني أينما ذهب داخليا وخارجيا ، ولكن رفح تأتي الآن وما زالت خان يونس صامده والشمال الغزاوي حي يرزق ويقاوم والشمال الفلسطيني يشهد هجمات حزب الله المتصاعدة العنيده المقلقة والضاغطة الدامية حتى وان لم يعترف نتنياهو بخسائره المكلفة وقرر التستر عليها بسبب جبنه من مصارحة شعبه وخوفه من الحرب النفسية التي يخسرها بكل وضوح .

 رفح ليست كأي مدينة غزاوية فالناس هناك مكتظين ومكدسون بلا مأوى وعلاج وطعام وماء وملابس ، هم منكوبون لانهم جردوا من كل ما يملكون من مقومات الحياة ، هم مجروحون تائهون ومكلومين فاقدون لاحبابهم  .

 وفي ظل هذه المأساة والنكبة الفظيعة يأتيك  نتنياهو يهدد بالبطش بهم غير مبال بمحكمة لاهاي وسيرورتها ولا بتحذيرات غوتيريش ولا قادة العالم الذي ضاق ذرعا بانفلات إسرائيل المحرج .

 الاراجوز نتنياهو يقول للعالم إما أن تعطوني رأس حماس وأما أنني سأواصل "لعبة الحرب" والقي بالغزاويين  بالهاويه وعلي وعلى اعدائي ، ان  دخول رفح يعني وصول الابادة الجماعية الى ذروة البطش والفتك الذي تتحمل مسؤوليته اسرائيل وامريكا والغرب الذي يدعمها من البدايه ويتعامل معها بتفهم ودلال ويضعها فوق القانون الدولي والإنساني .

 تحرك جنوب افريقيا والجزائر والان نيكاراغوا ودول لاتينية أخرى يمثل الخط المعاكس للخط العربي . هؤلاء الأحرار يعكفون على تفعيل المسار القضائي العالمي ضد ربيبة الغرب الهائجة وهذه انعطافة ستؤسس لتغيير التوجهات الدولية مستقبلا . يضاف إلى ذلك تنامي الحراك والصحوة الشعبية خاصة في الغرب وتبلوره كقوة ثالثة حية صاعده وازنة .

 كل هذه  تغيرات استراتيجية الابعاد ، عملية رفح الوشيكة هي حاليا مجرد ورقة ضغط ولها معارضين كثر داخليا وخارجيا ولكنها في ذات الوقت وسيلة نتنياهو غلاة اليمين الفاشي الجنوني المقامر للبرهنة على جرأتهم ووسيلة لنتنياهو من أجل التخلص من تهمة " اللصوصية " وانه مازال "ملك اسرائيل" المخلص الذي لا يخشى أحدا ، هو بين هاويتين سحيقتين هاوية يوم الحساب وليل السكاكين حيث سينكشف مستور المعارك وعدد القتلى في جيشه،  وهاوية واقعة رفح معركة رفح  التي باتت واردة جدا وستكون ان حصلت لاسمح الله مجزرة دموية عبثية.

*محلل سياسي من القدس