• 16 آذار 2024
  • مقدسيات

 

 

يكتبها : احمد هيمت 

  " صحيح أنه لم يدخل حانوتي أي زبون منذ خمسة أشهر،إلا أن مشاهدة الناس  وهم يسيرون في أزقة القدس تثلج الصدر وتعطيك دفعة من الأمل بأن الأيام القادمة ستكون أفضل في شهر رمضان المبارك " 

 هذه الكلمات قالها "خالد الصاحب"( ٦٠) عاما  وهو صاحب حانوت في شارع الواد  الطريق المباشر  إلى المسجد الأقصى ويعتبر المدخل الرئيسي  من باب العامود لكل من يريد ان يصل الى المسجد.

 وأضاف " الصاحب"  الذي كان يقف أمام حانوته الصغير الذي لا يتجاوز الثمانية أمتار ويبيع فيه ملابس رجالي شبابية : "  رغم عدم وجود  زبائن الا انني مصمم على فتح حانوتي كل يوم من الصباح  إلى ما بعد صلاة المغرب ، حتى لو كنت وحيدا في السوق  على الأقل ليكن حانوتي  ضوء في طريق المصلين والمارة من أمامه "  

 وأثناء مشاهدة الحركة في السوق توقف  رجل أمام حانوت "الصاحب" متسائلا: هل هناك  دفعة جديد من الملابس ؟! فرد عليه :
"  هذا الأسبوع سوف احضر مجموعة حديثة من  الملابس والجاكيتات الشبابية الجميلة ،  وسوف احجز لك بعضا منها  لا تقلق فأنت زبون دائم "  تبسم الرجل قبل أن يغيب بين الجموع في الشارع .

 هنا التفت خالد الصاحب الى السماء شاكرا ربه  على هذه النعمة،  نعمة الوجود في القدس وخاصة في البلدة القديمة ، ونعمة ان هناك اشارات تبشر بحركة تجارية  سوف تعيد الدماء إلى  عروق أسواق البلدة القديمة التي جفت منذ زمن طويل ويأمل التجار وأصحاب الحوانيت في البلدة القديمة  أن يسود الهدوء في القدس  وأن تستمر الشرطة الاسرائيلية  بتخفيف إجراءاتها من أجل تهدئة الأوضاع حتى يتمكن المقدسيون  والعرب من داخل اسرائيل من العودة الى البلدة القديمة التي  باتت معزولة عن محيطها ويعاني تجارها من خسائر كبيرة فاقت قدرتهم على التحمل والاستمرارية لدرجة أن العديد من أصحاب الحوانيت قاموا فعلا ببيع حوانيتهم والبعض الآخر ينتظر الفرصة . 

 هذه الامل يعيش عليه تجار المدينة الذين ينتظرون بفارغ الصبر شهر رمضان المبارك كل عام لتحسين أوضاعهم ، فهذا هو الشهر الوحيد الذي تمتلئ فيه شوارع وازقة وحارات القدس بالمارة و الزوار الذين يحرصون قبل مغادرة القدس  على شراء الكعك المقدسي و شراب الخروب والتمر هندي، والقطايف  وبالتأكيد لن يغادروا البلدة القديمة قبل شراء  البرازق المقدسي الخاص بهذا الشهر وهو عبارة عن طبقة رقيقة للغاية من العجين عليها الكثير من السمسم هذه البرازق لا تباع الا بشهر رمضان المبارك وفي كل مكان بالمدينة المقدسة .

 قبل مغادرته البلدة القديمة متوجها الى منزله،  شاهد "خالد الصاحب" العديد من الحافلات تقف بالقرب من باب العامود وينزل منها العشرات من العرب من داخل إسرائيل   ويهمون بالسير نحو المسجد الأقصى لصلاة المغرب والإفطار هناك وبعد ذلك صلاة العشاء والتراويح  قبل العودة إلى مدنهم وقراهم  وقد امتلأت قلوبهم  روحانية لن يجدوها إلا في القدس .

هذا المشهد الغائب عن القدس منذ أشهر طويلة دفع "خالد" الى القول: 

"  الحمد لله  القدس لا تزال بخير ، فهي عنواننا وهويتنا " 

وهكذا انتهى يوم اخر من ايام  شهر رمضان المبارك لخالد وغيره من التجار بانتظار يوم جديد وأمل بأوضاع أفضل.