• 5 أيلول 2022
  • مقابلة خاصة

 

 ملاحظة : بمناسبة عودة الحياة إلى عروق الحوار التركي العربي، وسط اهتمام كبير من قبل المثقفين الأتراك والعرب في تفعيل المنظمة الدولية للحوار التركي العربي ، وجدت شبكة " أخبار البلد"  في ارشيفها هذه المقالة للمفكر المخلص ورافع  راية الحوار التركي العربي  الاستاذ " ارشد هورموزلو" التي نشرها قبل سبع سنوات في صحيفة الحياة اللندنية ، عن تجربة الحوار الأولى بين العرب والأتراك ، ونحن في شبكة " أخبار البلد" نتمنى ان يستمر الحوار بين الشعوب ، وأن لا يكرر القائمون على هذا الحوار أخطاء الماضي ، فالحوار هو طريق الحياة وطوق النجاة وهو بريق الأمل للشعوب .


 بقلم : أرشـد هورموزلو

 

قلنا دائماً إن الحوار هو الوسيلة الفضلى للوصول إلى نتائج تسر طرفي الحوار. من هذا المنطلق بدأ عدد من الناشطين العرب والأتراك تأسيس منظومة للحوار كان هدفها التخلص من الدعوات التحريضية والولوج إلى طروحات تتبنى الألفة والمودة والتفاهم بدل الكره والشك والتوجس، وهكذا كان.

كان هدف الحوار المؤسساتي أن نَفهم ونُفهم (بفتح النون وضمها) أو أن نعظّم الإيجابيات وليس السلبيات كما يقول صديقنا أحد مؤسسي المنظمة الدكتور محمد الرميحي. وهكذا بدأ ملتقى الحوار العربي- التركي أولى خطواته قبل سنين في جو كان البعض يعتقد فيه أن طرق هذه الأبواب ليس سهلاً ولا مفيداً في ظروف صعبة تمر بها المنطقة. قلنا العكس، قلنا إن أسلم طريق للولوج إلى الدار يكمن في طرق بابه بنية حسنة وبابتسامة لا تكشير للأنياب فيها.

وقبل أيام قفلنا راجعين من المنامة، عاصمة مملكة البحرين، بعد الاجتماع الثاني فيها وبعد ثلاثة أخرى في إسطنبول. درس الاجتماع الموسع لملتقى الحوار العربي- التركي الكثير من الخيارات للتقريب بين الآراء والمفاهيم وكانت المناقشات نزيهة وواقعية وموضوعية، وقد أكد المجتمعون على ضرورة تعميق الحوار بين الشعبين العربي والتركي والذي يؤدي إلى الإسهام أولاً بتعظيم الجوامع والحفاظ على أمن المنطقة والتصدي لكل أشكال التطرف والإرهاب، وقاموا بالدعوة لنشر كل هذه الأهداف النبيلة في جميع المحافل الدولية والإقليمية. كما أكد الحاضرون أنهم لا يمثلون أية جهة ويعبرون عن آرائهم وأفكارهم بكل استقلالية، وأنهم غير معنيين بالتوجهات السياسية والأيديولوجية لكل من ساهم في إنشاء هذا الصرح أو من يرغب في الانتماء إليه مستقبلاً، داعين كل الذين يؤمنون بحق الشعوب في حياة حرة كريمة أن يدعموا هذا التوجه الجاد. هذا ما جاء في البيان الختامي للملتقى وما أكده الحاضرون بإجماع مثير للإعجاب.

قدمنا ورقتين إحداهما عربية قدمها الرميحي بموضوعيته الهادفة وإن كان قد سحب ما جرى في الأربعين عاماً الأخيرة من عمر الدولة العثمانية على القرنين الأخيرين، في حين قدمنا الورقة التركية ولفتنا النظر إلى أمر أغفله الكثيرون من المثقفين العرب الذين نهلوا من هذه الأفكار وقرأوا الكثير من الكتابات التي تقول أن العثمانيين كانوا أعداء للعرب أو أنهم استعمروا البلاد العربية وسيطروا على ثرواتها وأنهم اعتمدوا سياسة التتريك، وهو أن هناك فئة كبيرة وكبيرة جداً قد اعتقدت وصدقت بعد ما نهلت من أفكار وقراءات مختلفة أن الدولة العثمانية اتخذت موقفاً معادياً للأتراك وللأمة التركية، فهذه الفئة كما يرى بعض المؤرخين تنتقد أنظمة كثيرة للعثمانيين وتنتقد الكثير من الشخصيات التي كانت من أصول غير تركية مثل عائلة صوقوللو وغيرها نقداً عنيفاً.

اعترض البعض قائلين إننا يجب أن لا نغلق أنفسنا في غياهب التاريخ وأن نتطلع إلى المستقبل، ولكن الدراسات المنطقية تتطلب أن نشخص آثار الماضي لنبني المستقبل. اقتبست من الدكتور سيار الجميل ومن مؤلفه «العرب والأتراك- الانبعاث والتحديث من العثمنة إلى العلمنة»، أن الحاجة العلمية والضرورات المستقبلية تفرض على كل من العرب والأتراك اليوم أن يعتمد اعتماداً كبيراً على مؤلفات الآخر وأفكاره وآرائه ومفاهيمه وتواريخه وخطابه ومرتكزاته وأساسياته في تجسيد منظور تاريخي مشترك، متبعاً الخطى العقلانية والمصالح المتبادلة والرؤية المصيرية من أجل تكوين جديد، فضلاً عن اعتماد الدراسات العلمية الجديدة والمعاصرة التي بدأت تنتشر شرقاً وغرباً منذ قرابة عقدين من الزمن المتحرك الفعال. وإن الوصول إلى عنصر التوازن في تقييم الحقائق التاريخية والواقعية سيقدم إلى العالم كله حاضراً ومستقبلاً صورة غير مشوهة عن العرب والأتراك وعن القوميات الأخرى.

الجانب المشرق من الموضوع أن الذين حضروا من العرب والأتراك اتفقوا على مجمل هذه المفاهيم وقرروا المضي قدماً للتعرف إلى الآخر بشتى الوسائل. العقود الأخيرة شابتها رياح الاختلاف والشكوك إلا أن من الواضح أن الكثيرين من العرب والأتراك قد اتفقوا على أن يتفقوا.