• 12 تشرين الثاني 2023
  • مقابلة خاصة

 

 

 

 القدس - أخبار البلد -  بالنسبة  الى الكثيرين منا ومن الاجيال الشابة فان قطاع غزة  ارتبط بالمعاناة والكارثة والمقاومة ، بالنسبة للبعض فان قطاع غزة كانه لم يكن له وجود قبل الاحتلال الاسرائيلي. ومن اجل هؤلاء فان الدكتور ”علي قليبو“  استاذ علم الحضارات الثقافية خصص المقالة التالي  في شبكة ” أخبار البلد“ لشرح تاريخ واهمية قطاع غزة والجذور الضاربة في عمق التاريخ  فهذه البقعة هي معقل الجبارين الكنعانيين والذين اطلق عليهم شعب العمالقة ايضا قبل ثلاثة الف عام ، فهذه الجذور الكنعانية العربية منذ الازل  وما زالوا صامدين حتى الان .

 في المقالة تظهر اهمية القطاع لارتباطه بمكة وهاشم بن عبد مناف  جد الرسول صلى الله عليه وسلم ،  ورحلة الشتاء والصيف  المذكوره في القران الكريم، حيث كان القطاع ملتقى طريق البخور القديم، انها غزة الابية :

 بقلم : د. علي قليبو


"
يجب أن تتذكروا ما فعله بنا العماليق". بهذه الكلمات المقتبسة من التوراة استهل نتنياهو خطابه للجيش الإسرائيلي مستشهدًا بحروب القبائل العبرية أسطورية الطابع ضد شعب الجبارين عدوهم اللدود، وليعلن عن بدء الغزو البري في غزة كحرب مُقدّسة، وليحثّ الجيش الإسرائيلي على المضي قدمًا لشن حرب لا هوادة فيها ضد الفلسطينيين في غزة. فنجده يستلهم الهمم بتذكير جنوده بالحروب الأسطورية التي شنتها القبائل العبرية ضد دول المدن العمورية في العصر البرونزي إثناء اجتياحها لفلسطين - والتي وردت الإشارة التوراتية إلى شعبها بشكل عام باسم الكنعانيين والفلسطينيين والعناقيين، حيث يشير اللقب "العناقيين" الذين عُرفوا أيضًا باسم "العمالقة" إلى سكان فلسطين الأوائل في جبل الخليل خاصة والسهل الساحلي الجنوبي حين ذاع صيتهم كشعب الجبارين، وعُرفوا بطول قامتهم، فكانوا ذوي قوة وشدة وصعبي المراس، فتصدوا وقاوموا جحافل القبائل العبرية المغيرة على أرض كنعان. بهذه الاستعارة التشبيهية بين العمالقة الجبارين وبين الفلسطينيين وحماس من ناحية وبين اليهود من ناحية أخرى تصبح الأساطير التوراتية وسيلة لخلق مصداقية دينية وذريعة شرعية لقتل الفلسطينيين بل وإبادتهم أيضًا في مجازر متتالية لا يزال يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا باعتبارها حربًا مقدسة وواجب ديني.

مرحبًا بكم في علم الآثار التوراتي الصهيوني الحديث. إن القراءة الصهيونية لروايات التوراة مثل قصة داود وقتله للعملاق "جالوت" لا تريد أن تثير قضايا جدلية مثل طرح السؤال "ما الذي يتم التستر عليه؟" أو "من الذي يتم إسكات وجهة نظره؟" أو "ما هي الجريمة التي تحاول هذه القصة تبريرها؟" على العكس من ذلك، يستخدم الأيديولوجيون الصهاينة السرد التوراتي لتبرير أجندتهم السياسية التي تهدف إلى إبادة الفلسطينيين وتطهير فلسطين عرقيًا من خلال حرب متعمدة بدءًا من الإبادة العرقية في النكبة وحتى حمام الدم الحالي في غزة. وفي هذه العملية، يتم تشويه حماس، وبالتالي الفلسطينيين، وتجريدهم من إنسانيتهم ​​وتجسيدهم كخطوة أولية نحو الإبادة الجماعية.

أينما نظرنا في التوراة، تصدمنا كراهية وحقد اليهود لأجدادنا "الجبارين" حيث يتم التشهير والانتقاص من إنسانية الكنعانيين والعمالقة الفلسطينيين باعتبارهم وثنيين متوحشين. فيفتخرون بأسطورة شمشون وتدميره معبد داجان – إله القمح الكنعاني- ومقولته الشهيرة "عليّ وعلى إعدائي"– وسفكه لدم ألف فلسطيني بفك حمار وتجويعهم بإحراق محصول الحبوب في غزة؛ وذلك بإشعال النار في ذيول الثعالب وإطلاقها في حقول القمح في حقول بيت جبرين والمجدل وعسقلان وغزة، وما زال صدى سياسة التجويع يتردد في وقتنا الحاضر في الحظر الإسرائيلي لإمدادات الغذاء والماء والوقود والمساعدات الطبية للفلسطينيين لغزة الأبية. بإعلان نتنياهو حربًا الدينية ضد غزة نجده يردد صدى كلمات داود التوراتية في مبارزته ضد جليات، الفلسطيني العملاق:

[” أَنْتَ تُبَارِزُنِي بِسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَتُرْسٍ، أَمَّا أَنَا فَآتِيكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ جَيْشِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَحَدَّيْتَهُ. 46: الْيَوْمَ يُوْقِعُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي، فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ، وَأُقَدِّمُ جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِتَكُونَ طَعَاماً لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ الْمَسْكُونَةُ كُلُّهَا أَنَّ هُنَاكَ إِلَهاً فِي إِسْرَائِيلَ. 47: وَتُدْرِكُ الْجُمُوعُ الْمُحْتَشِدَةُ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلا بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ الرَّبُّ، لأَنَّ الْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَنْصُرُنَا عَلَيْكُمْ“.] صموئيل الأول 

إن تاريخ فلسطين كما ترويه التوراة هو سرد جزئي مُلفق للغاية ومرتبط باستراتيجية محكمة التركيب، ويحتوي على الكثير من الخيال والتلفيق، تم تصميمه لخدمة مصالح المؤلفين اليهود. فالتوراة ليست رواية واقعية ومحايدة عن "ما حدث بالفعل". وبناءً على ذلك، فإن التاريخ الكتابي التحريفي لإسرائيل كما قدمه الصهاينة المعاصرون مفيد بشكل أساسي لما يخبرنا به عن أجندة مؤلفيه، وليس للحصول على معلومات تاريخية موثوقة حول ما حدث بالفعل في الأوقات والأماكن الموصوفة.

على الرغم من صغر حجم تاريخ غزة، إلا أنها قد لعبت دورًا تاريخًا مهمًا في العالم القديم. فلقد تبوأت لموقعها الجغرافي ولتوسطها عظمى الطرق التجارية القديمة بين الصين ومصر وبين الهند واليمن عبر مكة ومدن النقب وعبر مرج بن عامر وبابل مكانةً استراتيجية بالغة الأهمية لتصبح مدينة متنازع عليها دوليًا، وساحةً للمعارك للطاحنة منذ آلاف السنين، ومركزًا للنضال الوطني الفلسطيني منذ الأزل. 

تقع غزة العزة بين صحراء النقب وسيناء من جهة والبحر الأبيض المتوسط ​​من جهة أخرى لتصبح نقطة الاتصال بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، وتبوأت مركزًا رئيسًا للتجارة الدولية في العالم القديم، جعلها مطمع كل الغزاة فتنازع عليها الفراعنة والبابليون والفرس واليونانيون وبنو إسرائيل والرومان والبيزنطيون والصليبيون، والعثمانيون والفرنسيون والمصريين والبريطانيون. وعبر التاريخ عانت منطقة غزة، التي لا تتجاوز مساحتها 365 كيلو مترًا مربعا، من تقلبات الأحوال وفاجأتها طوارق الأهوال ما بين تنافس الفراعنة والبابليين والفرس والإغريق لفرض هيمنتهم السياسية أو الاستحواذ عليها وإبادة سكانها بدون هوادة بدءًا من هيمنة المصريين القدماء وحتى الاحتلال الإسرائيلي المعاصر.  فكانت غزة ذات يوم ملتقى للكثير من الحضارات العالمية نظرًا لموقعها الاستراتيجي على تقاطع طرق مرورية تجارية رئيسة تربط طريق التوابل والبخور بين المحيط الهندي عبر اليمن ومكة وغزة من ناحية وبين طريق الحرير من الصين وسمرقند  وبلاد ما بين النهرين  مرورًا بدمشق وبيسان ومجدو، ثمّ الطريق الساحلي جنوبًا إلى غزة ومصر والذي عُرف في العصور القديمة باسم "طريق البحر" في إشارة إلى الممر عبر السهل الفلسطيني الذي يتكون من السهل الساحلي الجنوبي لفلسطين الذي تُهيمن عليه غزة باعتبارها من أهم ثغور البحر الأبيض المتوسط  للتجارة الدولية في العالم القديم قبل أفول نجمها وتحول السفن التجارية إلى ميناء يافا في القرن التاسع عشر.

وصل البشر الأوائل إلى فلسطين منذ حوالي 500 ألف سنة. وبدأت الحياة الزراعية المستقرة بين 12500 و9500 قبل الميلاد، ورافقها تطور في العلاقات الاجتماعية العمرانية والدينية ومختلف الجوانب الثقافية النطوفية والتي اكتسبت اسمها نسبة إلى اسم وادي النطوف، شمال غرب القدس ولكنها امتدت وشملت بلاد الشام ومصر والعراق. عاشت المجتمعات الزراعية المبكرة حياة الكفاف في الكهوف المرتفعة والتجمعات السكنية المفتوحة واعتمدت على جمع الثمار والخضار والصيد بالإضافة إلى زراعة القمح ومختلف الحبوب حيث تم تطوير الأدوات الحجرية لحصاد الحبوب وطحنها، وتم إنتاج الأشكال والمجسمات الفنية والدينية الطابع والتي بلغت ذروتها في أول مستوطنة حضرية بشرية إيذانا ببدء العصر الحجري الحديث في مدينة أريحا المسورة.


ازدهرت الحياة الحضارية العمورية في ارض كنعان في المدن المسورة في الألفية الثانية قبل الميلاد قبل الميلاد. ولأول مرة تم بناء القصور في كبرى المدن حيث سيطرت مدن القصور هذه على القرى المجاورة وتنافست مع بعضها البعض على السلطة. ومن سوريا وصولًا إلى الدلتا المصرية، تنافس الحكام على الهيمنة وفرض نفوذهم من خلال الحروب والتجارة ومشاريع البناء والحرف الفاخرة.

تعدّ خربة "تل العجول" من أقدم المدن العمورية وغالبا ما يطلق عليها اسم غزة القديمة. تقع الخربة عند مصب وادي غزة المنحدر من جبل الخليل مارًا عبر النقب صوب البحر الأبيض المتوسط، على بعد بضع كيلومترات جنوب مدينة غزة الحديثة. على الرغم من أن أقدم بقايا الموقع تعود إلى عام 2100 قبل الميلاد، إلا أن المدينة بلغت ذروة مجدها خلال العصر البرونزي الأوسط - أي حوالي 2300 - 1550 قبل الميلاد- وبصورة خاصة خلال القرنين السابع عشر والسادس عشر قبل الميلاد حينما حكم شمال مصر الهكسوس وهي الأسرة الخامسة عشرة ومن المعروف علميًا أن سلالة الهكسوس الفرعونية من أصل عرقي كنعاني عموري. وحددت الدراسات الحديثة معظم أسماء ملوك الهكسوس بأنها سامية.

يتضح من التحليل الجيني للعظام وللبيانات المختلفة المستمدة من مقابر بعض مدن العصر البرونزي المبكر أن العموريين في عسقلان وغزة وحاصور في فلسطين وصيدا وصور وجبيل في لبنان وعبلة في سوريا يحملون سِمات جينية متماثلة في تركيبة الحمض النووي تجمع بين الصفات القوقازية والنطوفية التي انتشرت في جميع أنحاء الهلال الخصيب وصولًا إلى دلتا النيل والتي تجتمع بنسب مختلفة مع السمات الجينية المحلية التي لا تزال تتوارث وتعطي الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والعراقيين وعرب النقب وسيناء وصولًا إلى دلتا مصر سماتهم المميزة.

قاومت التحالفات الإقليمية العمورية على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط من ناحية ومن بابل وصحراء النقب من ناحية أخرى الهجرات السكانية الهائلة وخاصة إلى فلسطين، بين القرنين الثالث عشر والثامن (أواخر العصر البرونزي والحديدي). من بين دويلات المدن الكنعانية التي انضمت إلى التحالف العموري القبلي ضد القبائل العبرية الغازية وشعب البحر اليوناني، ومن بين هذه التحالفات العمورية تبرز مدن معينة: القدس، جبعون (الجيب)، أيجالون (يالو)، جازر (تل أبو شوشة)، الخليل، دبير، بيت مرسم، ومريشا (بيت جبرين) لاكيش، عسقلان، وغزة. بالرغم من الاستيطان العرقي لليونانيين (شعب البحر) في المنطقة الساحلية، وللقبائل العبرية في المناطق الجبلية - وعلى الرغم من تأثيرهم على الصورة الديموغرافية والجينية السياسية لفلسطين - إلا أن الحضارة والموروثات الكنعانية مارست تأثيرًا قسريًا كبيرًا في عملية الاندماج الثقافي في كافة جوانب الحياة الدينية، والاقتصادية، والزراعية كما تفاعلت مع المنظور الثقافي للبيئة الفلسطينية والأساطير المرتبطة بها التي كانت قد تشكلت عبر تجارب أسلافنا النطوفيين والعموريين

مع مرور الزمن وفي حوالي القرن العاشر قبل الميلاد، انشطرت القبائل العمورية إلى قبائل عدة، وبرزت قبيلتان رئيسيتان انتشرت عشائرهما وبطونهما وأفخاذهما ألا وهما: قبيلة "بني جذامة"، وقبيلة "بني لخم" اللتان انتشرتا أيضًا في شمال إفريقيا والجزيرة العربية والهلال الخصيب. بحلول القرن الرابع الميلادي شمل الملف الديموغرافي لفلسطين الكثير من الأقوام، نذكر منهم العرب والآراميين والأدوميين والأنباط والقادريين والسامريين واليونانيين والرومان واليهود.

خضعت فلسطين من القرن الثامن إلى القرن الرابع قبل الميلاد، لهيمنة بلاد ما بين النهرين؛ حيث احتُلت في عام 721 قبل الميلاد من قِبل الآشوريين، وفي عام 586 قبل الميلاد من قبل البابليين، الذين كان أسلافهم قد دمروا الكثير من المدن العمورية في العصر الحديدي ونفوا الكثير من السكان. وفي هذه الفترة ظهر لأول مرة اسم فلسطين بصيغة "بليستو" المشتق من الفلسطينيين، في الوثائق الآشورية.

غزا الإمبراطور الفارسي كورش الثاني (600-530 قبل الميلاد) -وهو مؤسس السلالة الفارسية الأخمينية- فلسطين وسمح للقبائل العمورية واليهودية بالعودة من المنفى من بابل. في غياب الروايات العمورية، اكتسبت رواية المنفى اليهودي أهمية خاصة. فتجد المؤرخون اليهود يعزون الكثير من أفكارهم العقائدية ومؤسساتهم الدينية، بما في ذلك مصطلح اليهود كاسم علم إلى أنها ظهرت خلال هذا الوقت؛ كما تمت إعادة كتابة وإكمال جزء كبير من التوراة في فترة ما بعد السبي.

وجد الإسكندر الأكبر، بعد أن هزم "صور"، وفي طريقه لاجتياح مصر، مقاومة شديدة في غزة لكنها سقطت في أكتوبر 332 قبل الميلاد. انتصار مقدونيا وإنهاء الأسرة الحادية والثلاثين في مصر، والتي كانت بمثابة مرزبانيه في ظل الإمبراطورية الفارسية الأخمينية، وهكذا بدأ عصر جديد في ظل الحضارة اليونانية الهلنستية.

أدى إدخال الثقافة الهلنستية إلى فلسطين إلى تنشيط جميع أشكال التعبير الثقافي والفن والعمارة والفلسفة والدين. أطلقت الثقافة اليونانية خطابًا توفيقيًا وجدت فيه روحانية الشرق الأدنى أشكالًا جديدة من التعبير مستوحاة من الأساطير اليونانية والعلوم والفلسفة والمنطق الإغريقي.

وبعد موت الإسكندر انقسمت إمبراطوريته في الشرق الأوسط بين اثنين من قواده: فوقعت سوريا وفلسطين تحت حكم السلوقيين، ومصر تحت حكم البطالمة. ثار اليهود، وفقًا لرواية المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس، بقيادة المكابيين، ضد الهلنستية القسرية، وتم إنشاء المملكة الحشمونية مستقلة في عام 129 قبل الميلاد في الشمال. كما أسس الأدوميون -وهم تحالف من القبائل العمورية- مملكتهم الخاصة في الجنوب الممتدة من جبل الخليل، على امتداد وادي الخليل، ومدن النقب الصحراوية وصولاً إلى بيت جبرين وعسقلان وغزة. أي على طول الطريق التجاري من اليمن عبر مكة والبتراء إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث يتشعب الطريق غربًا إلى مصر وشمالًا باتجاه طريق مارس via maris الذي كان أهم طريق من مصر إلى الهلال الخصيب. اتبع خط سير الرحلة السهل الساحلي قبل العبور إلى سهل يزرعيل (مرج ابن عامر) مروراً بمجدو وزرعين وتعنك وجنين ووادي الأردن مروراً بسوريا إلى بابل.

بعد غزو الرومان لفلسطين عام 63 قبل الميلاد، بدأت عملية الكتابة بالحروف اللاتينية؛ كما تم إنشاء مدن ذات طابع روماني مثل القدس، قيسارية، سبسطية، بيسان. كذلك تم تعيين الملك التابع، هيرودس الكبير (عربي أدومي)، حاكمًا على يهودا في عام 37 قبل الميلاد. شمل التنوع العرقي المجتمعات العربية الأدومية والنبطية السائدة في الجنوب بالإضافة إلى الجاليات العمورية مثل الصيداويين واليونانيين في الجنوب والقادريين في الشمال الذين ينتمون إلى قادر أحد أبناء إسماعيل، واليونانيين، والسامريين واليهود وغيرهم من الأقليات الإثنية.

ومن بين الكثير من الأحداث التاريخية التي توالت بين القبائل العمورية في فلسطين من ناحية وبينهم وبين الرومان من ناحية أخرى نجد المؤرخ اليهودي يوسيفوس يزيف التاريخ ويخفي الحقائق الموضوعية ليسلط الضوء حصريًا على ثورتين يهوديتين كبيرتين ضد الرومان تم قمعهما. فنجده يكتب بإسهاب عن ثورة بار كوخبا عام 135م، والتي أدت إلى تدمير معالم القدس اليبوسية وإعادة بنائها بالنمط الروماني وإطلاق اسم إيليا كابيتولينا عليها من ناحية ويتجاهل من ناحية أخرى ولا يذكر تاريخ الكنعانيين، وتاريخ الأغلبية الأدومية والنبطية في الجنوب، والقادريين في الشمال، والرومان اليونانيين والعرب والقبائل العمورية الأخرى وهي الأغلبية.

كان ميلاد السيد المسيح وانتشار المسيحية بمثابة نقطة تحول اكتسبت بعدها فلسطين أهمية قصوى كمركز للحج المسيحي. وفي عام 325م أعلن الإمبراطور قسطنطين أن المسيحية هي الدين الرسمي للدولة، فقامت والدته هيلانة بزيارة المواقع المرتبطة بحياة وموت وقيامة ومعجزات يسوع ومريم العذراء وبنت الكثير من الكنائس لإحياء ذكرى هذه المواقع المقدسة. ومن بين مشاريع البناء الواسعة هذه، تبرز كنيسة القيامة في القدس وكنيسة المهد في بيت لحم والتي اكتسبت قيمة دينية عظيمة الشأن؛ كونها ارتبطت جغرافيًا بالأماكن حيث عاش يسوع ووعظ ومات وقام، حتى غدا مصطلح “الأراضي المقدسة" مُرادفًا لاسم أرض كنعان وفلسطين.

تضرب المسيحية الرهبانية في غزة جذورًا عميقة فارتبطت بالقديس هيلاريون الذي ولد في طاباثا عام 291 م، وهي قرية تبعد سبع كيلومترات جنوب غزة. ويعدّ هيلاريون أبو الرهبنة الفلسطينية، وقد بنى الدير الذي يحمل اسمه في جباليا كذلك تعدّ كنيسة القديس برفيريوس، التي قصفها جيش الاحتلال الإسرائيلي وقتل المحتمين بداخلها وحولها إلى ركام بالأرض في طوفان الأقصى، أقدم كنيسة نشطة في المدينة وثالث أقدم كنيسة في العالم. وتقع الكنيسة التابعة لطائفة الروم في حي الزيتون في البلدة القديمة في غزة، وقد سُميت على اسم أسقف غزة في القرن الخامس، القديس برفيريوس.

ومع ظهور الرهبنة الفلسطينية، شهدت غزة وضواحيها البعيدة المدى تزايدًا سريعًا في عدد المستهلكين ومنتجي النبيذ. إنّ ظهور معاصر النبيذ وكروم العنب الكبيرة بشكل غير عادي في المناطق الصحراوية بالنقب والممتدة بين جبل الخليل وأوديته، والتي تنحدر في طريقها إلى وادي غزة متعرجة عبر النقب، يشير على أن المنطقة كانت منتجًا رئيسيًا للنبيذ. ومما لا شك فيه أن السفن التي كانت تقل الحجاج إلى موانئهم الأصلية كانت تحمل أيضًا شحنات من نفس نبيذ غزة الذي تذوقه الحجاج أثناء إقامتهم في فلسطين وسيناء.

وفي القرن الخامس، أصبح النبيذ وإناءة الفخاري سلعة رئيسية لتصبح "جرة غزة" في تجارة في البحر الأبيض المتوسط. وذاع صيت نبيذها وراجت تجارتها في حوض البحر الأبيض المتوسط منذ العصر الروماني وحتى نهاية العصر البيزنطي وبداية العصر الإسلامي المبكر في فلسطين. وانتشرت جرة غزة أي إناء الخمر الخاص بغزة في الكثير من المواقع في حوض البحر الأبيض المتوسط ​​التي كانت تحت الحكم البيزنطي. وامتدت شهرتها إلى أماكن بعيدة مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وإنجلترا وألمانيا، كما بلغت بنغازي وقرطاج وتونس والإسكندرية.

تتصل عشائر وعائلات غزة بالقبائل السبعاوية والحجازية العمورية منذ العصور القديمة وتنحدر جذور معظمها من القبائل الأدومية والنبطية التي انشطرت بين بني جذامة وبني لخم في حوالي الألفية الأولى قبل الميلاد فليس بالإمكان التعامل مع صحراء النقب والحجاز ووادي عربة كحدود جغرافية تفصل بين القبائل، ولكن كآفاق رحبة تنقلوا بها وتناسبوا فيما بينهم، وأقاموا في ربوعها واستقروا في نمط زراعي تميز بثماره وحبوبه ولعبت التجارة دورًا كبيرًا في تشكيل أحلاف قبائلها لتوفير الأمن والأمان  لقوافل التجار في رحلة الصيف التي ورد ذكرها  في القران الكريم. فأنشئت المدن لتوفير مختلف وسائل الراحة للمسافرين والحجاج امتدادًا من مكة وصولًا إلى البتراء وعبر مدن النقب نذكر منها مدينة عبدة وسبيطه وكرنبة وصولًا إلى بير السبع ومنها إلى غزة الأبية.

ترتبط غزة، المعروفة باللغة العربية باسم "غزة هاشم"، ارتباطًا وثيقًا بالجد الأكبر للنبي محمد، هاشم بن عبد مناف، ويعتقد أنه مدفون هناك في مسجد يحمل اسمه. ويعود الفضل إلى سيدنا هاشم وهو مؤسس قبيلة الهاشميين، التي انشطرت من قريش، في إحياء التحالفات العربية القبلية التي تحمي طريق التوابل والبخور من غزة إلى مكة من ناحية وطريق الحج التي سلكها المسيحيون الأوائل إلى دير سانت كاترين وجبل الطور في سيناء. في هذا الإطار الاقتصادي والسياسي يذوب وادي عربة والنقب وسيناء والساحل الجنوبي الفلسطيني في حوض ثقافي شاسع الأطراف، إذ لعب دورًا كبيرًا في انتشار الإسلام حيث تم توحيد اللهجات النبطية والأدومية وغيرها من اللهجات العربية في لغة القرآن.

تم تحرير القدس من السيطرة البيزنطية عام 637 م، بعد ثلاث سنوات من معركة أجنادين، بالقرب من بيت جبرين - على بعد بضع كيلومترات جنوب غزة. وبعد فترة وجيزة تم بناء قبة الصخرة المشرفة على الصخرة المقدسة، وجنوبها المسجد الأقصى ضمن المجمع المقدس المعروف بالحرم الشريف. في عهد العباسيين في بغداد (750-969)م، والفاطميين في القاهرة (969-1073)م، والسلاجقة في دمشق (1073-1098)م، استمرت فلسطين في الازدهار واكتسبت القدس مكانة رفيعة كمركز للحج والتعلم الإسلامي، ولم تتعرض السيطرة العربية على فلسطين عامة وغزة خاصة للتهديد مرة أخرى حتى الحملة الصليبية الأولى عام 1099م حين انتزع الصليبيون السيطرة على غزة من الفاطميين عام 1100م، ولكن تم دحرهم في 2 أكتوبر 1187م على يد صلاح الدين، مؤسس السلالة الأيوبية.

بدأت السيطرة المملوكية عام 1277م. وفي عام 1293م، جعل ابن قلاوون الناصر محمد غزة عاصمة لولاية غزة. تغطي هذه المحافظة السهل الساحلي من رفح جنوباً إلى قيسارية شمالاً، وتمتد شرقاً إلى المنحدرات الغربية للسامرة وجبال الخليل. وكانت هذه فترة ازدهار لغزة هاشم. فوصف الجغرافي الدمشقي غزة عام 1300م بأنها "غنية بالأشجار لدرجة أنها تبدو وكأنها قطعة قماش من الديباج منتشرة على الأرض".
وفي عام 1516م، بعد وقت قصير من استسلام فلسطين للعثمانيين، تم تقسيمها إلى ست مقاطعات، بما في ذلك سنجق غزة (قضاء غزة) الذي امتد من يافا في الشمال إلى بيت جبرين في الشرق ورفح في الجنوب.

كان من أوائل محافظي سنجق غزة كارا شاهين مصطفى. وقبل وفاته بقليل أصبح ابنه رضوان باشا واليًا على غزة. وهو سلف سلالة الرضوان، التي اختارت غزة مقرًا لعائلتها، وحيث حكم أفراد الأسرة على التوالي تقريبًا حتى عام 1690م.

كانت الحملة الفرنسية عام 1799م بمثابة نقطة تحول مشؤومة، ونذيرًا بقدوم للاستعمار الغربي الذي كان على غزة أن تدفع ثمنه غالياً. وكانت إشارة نابليون بونابرت الخبيثة إلى غزة باعتبارها "المعقل الأمامي لأفريقيا، والباب إلى آسيا"، مثيرة للسخرية حيث فر معظم سكان غزة خوفًا من بطش جنوده وهدمت قواته بقايا أسوار المدينة وأقام مسكنه في قصر رضوان باشا. 

وفي غضون عام، بعد فشله في اختراق أسوار عكا، وتعرضه لهجوم من قبل البحرية البريطانية، انسحب من فلسطين. كان هذا الحدث بمثابة إشارة لضعف الإمبراطورية العثمانية وتمكين النفوذ البريطاني في بلاد الشام.

اعتبر محمد علي والي مصر أن غزة هي مفتاح الشام وبعد مرور أقل من أربعة عقود على اندحار الجيش الفرنسي سار الجيش المصري على خطى نابليون بقيادة إبراهيم باشا، نجل محمد علي، في تحدٍ علني لإسطنبول فاحتل غزة ووصل إلى أسوار عكا حيث أوقف البريطانيون تقدمه. وكانت أصداء الغزو المصري ذات أبعاد كارثية في فلسطين. فلقد ترك البلاد في حالة من الفوضى نشبت بها معارك قبلية ضروس وانقسمت فلسطين إثرها إلى تجمعات وتحالفات سياسية عدنانية (قيسية) وقحطانية (يمنية). وساد الشغب فنهب البدو الغزاة في أنحاء مختلفة من فلسطين الريف ودمروه. فتدخّل البريطانيون مرة أخرى لاستعادة القانون والنظام، كما ساعدوا اليهود على الهجرة إلى فلسطين، وقدّموا الحماية من السلطات العثمانية كخطوة أولية لنشر المسيحية بينهم تحسبًا لعودة المسيح.

غزة، غير المدركة للعاصفة السوداء التي تلوح في الأفق، عاشت لحظة شاعرية. فزار إدوارد روبنسون غزة عام 1838م، ووصفها بأنها مدينة "ذات كثافة سكانية" أكبر من القدس، حيث تقع مدينتها القديمة على قمة تل، بينما تقع ضواحيها على السهل المجاور. وذكر كذلك أن تربتها غنية تزخر بكروم وبساتين المشمش الوفيرة وتتميز بمذاق التوت اللذيذ.

في عام 1881 بدأت الموجة الأولى من الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وكان هرتزل قد أعلن هدف إقامة وطن لليهود في فلسطين في المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897.

كان الثورة العربية، والانفصال عن الإمبراطورية العثمانية، والتحالف مع فرنسا وإنجلترا، سبباً في هلاك فلسطين والفلسطينيين. وفي عام 1916، اتفقت بريطانيا وفرنسا سرًا على تقسيم المقاطعات العربية التابعة للدولة العثمانية فيما بينهما. وفي عام 1917، احتلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي القدس. وفي نفس العام أعلنت الحكومة البريطانية في وعد بلفور تأييدها لإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين.

بعد الحرب العالمية الأولى، منحت عصبة الأمم السلطة الاستعمارية على الأراضي العثمانية السابقة لبريطانيا العظمى وفرنسا، وأصبحت غزة جزءًا من الانتداب البريطاني على فلسطين.

أدت زيادة الهجرة والاستيطان اليهودي، بدعم بريطاني، إلى اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936، والتي استمرت ثلاث سنوات. فلقد بات الفلسطينيون يشعرون بالقلق من السلطات البريطانية التي كان لديها تفويض بتقسيم دولة ذات سيادة لليهود المهاجرين في فلسطين، وصاحب الانتداب البريطاني موجة من الإرهاب اليهودي والتخريب ضد كل من الفلسطينيين والبريطانيين كخطوة تمهيدية نحو التطهير العرقي لفلسطين والتي بلغت ذروتها بخطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة في عام 1947 لتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين: اليهودية والعربية.

تتابعت مشاهد وفصول المأساة التي يثير توالي أحداثها مشاعر الشفقة والخوف والرعب حتى بلغت ذروتها في الإبادة العرقية والنزوح القسري للفلسطينيين في النكبة وتألب العالم علينا آنذاك فنشرت الدول العربية المجاورة جيشاً عربياً مشتركاً لمراقبة تشكيل الحدود الجديدة وضم ما تبقى من أراضي فلسطين العربية تحت سيادتها. في ختام الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، تولت مصر إدارة غزة والمنطقة المحيطة بها، والتي أصبحت تسمى قطاع غزة. وفي عام 1959، مع إلغاء حكومة عموم فلسطين، وضعت غزة تحت الحكم العسكري المصري المباشر حتى احتل الإسرائيليون غزة في عام 1967.

لجأ في النكبة عام 1948، أكثر من 200 ألف شخص إلى غزة، مما جعلها معقل القومية الفلسطينية. هنا، في مخيم جباليا للاجئين، اندلعت الانتفاضة الأولى وتحول النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال إلى حلم الدولة، فكانت رحلة مليئة بالتحديات بلغت ذروتها في حالة الحصار التي استمرت ما ينيف على عشرين عامًا.

الطريق إلى الحرية ليس مفروشاً بالورود فلقد سقط الآلاف من الشهداء في غزة. بدأ الكفاح المسلح المنظم ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي على الفور وبلغ ذروته بين عامي 1969 و1971، لكن الجيش الإسرائيلي سحقه بلا رحمة.

وباشرت الإجراءات الإسرائيلية القمعية والعقابية فورًا بعد الاحتلال. وهدد الحاكم العسكري الإسرائيلي لغزة بإقالة المجلس البلدي الفلسطيني وقطع خدمات المرافق إذا ما فشلت القيادة الفلسطينية المحلية في إجبار سكان المدينة على تسليم أسلحتهم.
في عام 1972، وعندما رُفضت محاولة إعادة تصنيف وتغيير وضع اللاجئين الفلسطينيين من خلال ضم مخيم الشاطئ للاجئين إلى بلدية غزة، قام الحاكم العسكري الإسرائيلي لغزة بإقالة رئيس بلدية المدينة رشاد الشوا. وفي السبعينيات، اندلعت صراعات متكررة بين الفلسطينيين والسلطات الإسرائيلية في المدينة، مما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الأولى في غزة عام 1987. 

أصبحت غزة مركز المقاومة المسلحة للاحتلال العسكري القمعي وفي طليعة الانتفاضة القومية التي اجتاحت الأراضي المحتلة. وبلغت الانتفاضة الأولى ذروتها بزوال القضية الفلسطينية بموجب اتفاقيات أوسلو في سبتمبر 3199 حين وقع زعماء منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، المنفيون من الأردن ثم من لبنان، على اتفاقيات أوسلو تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية في قرار نفعي سياسيًا واقتصاديا، والذي بموجب شروطه تم الاعتراف بالإدارة الفلسطينية لقطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية، كدولة تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية الجديدة وتم تنفيذ الاتفاق التوفيقي في مايو/أيار 1994. وانسحبت القوات الإسرائيلية من غزة، تاركة السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة المدينة وحمايتها.

الطريق إلى الحرية محفوف بالمزالق. لقد أدى فساد فتح إلى حصول حماس على نصر ساحق في الانتخابات الفلسطينية عام 2006. وتصاعد الصراع بين حماس وفتح حيث أدانت كل مجموعة الأخرى. وفي عام 2007، أطاحت حماس بقوات فتح في قطاع غزة وتم طرد أعضاء حماس من حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية. حتى أصبحوا العدو اللدود لبعضهما البعض.

إن النضال الوطني الفلسطيني من أجل الحرية، رغم تغير مساراته ومنعطفاته وتألب العالم عليه يتخذ بُعدًا مأساويًا "سيزيفيًا" في نهج حماس في المقاومة المسلحة للاحتلال في إطار تشديد الإسرائيليين قبضتهم على غزة، وعزل جميع السكان عن العالم الخارجي من خلال فرض الحصار. وهو إجراء تعسفي وعقاب جماعي أضاف الوقود إلى حركات المقاومة المسلحة التابعة لجماعة حماس والجهاد المنشقة التي أطلقت صواريخ القسام محلية الصنع ضد بلدات المستوطنين الإسرائيليين في محيط غزة. وردت إسرائيل بقصف غزة في هجوم جوي وبري أطلق عليه اسم "عملية أمطار الصيف" بهدف إنهاء الهجمات المستمرة بصواريخ القسام التي تشنها حماس والجهاد الإسلامي ليتحول جزء كبير من غزة إلى أنقاض.

وفي مارس/آذار 2008، اعترضت مؤسسة حقوق الإنسان الدولية أن الوضع الإنساني في غزة قد وصل إلى أسوأ مستوياته منذ احتلال إسرائيل للقطاع في حرب الأيام الستة عام 1967.

في 27-28 ديسمبر 2008، بدأت إسرائيل غاراتها الجوية على غزة، والتي أطلق عليها اسم "عملية الرصاص المصبوب". وبررت إسرائيل الدمار والقتل الواسع النطاق للمدنيين الأبرياء بأنه رد على الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون المتكررة من قطاع غزة على إسرائيل منذ عام 2005، في حين ذكر الفلسطينيون أنهم كانوا يردون على الرحلات العسكرية الإسرائيلية والحصار المفروض على قطاع غزة ودعوا إلى وقف إطلاق النار ووضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي.

واستمر الحصار لأكثر من عشرين عامًا مع وقوع هجمات إسرائيلية متكررة "ردًا" على صواريخ القسام، ودائمًا بإفراط فائق بواسطة الأسلحة المدمرة وغير المسموح استعمالها دوليا. وفي هذه الظروف الحالكة ساءت الظروف الاقتصادية في غزة وتدهورت الظروف المعيشية. في 7 أكتوبر 2023، شنت حركة حماس هجومًا مفاجئًا على إسرائيل: طوفان الأقصى.

إن الاستشهاد بالكتاب المقدس واستخدام الدين كأداة لتأجيج مشاعر الإسرائيليين وقيادة العالم برمته كخدعة لإبادة حماس وبالتالي سكان غزة، قد أشاد به زعماء العالم. والهدف المتمثل في تدمير قطاع غزة بأكملها وتحويلها إلى ركام بهدف إجبار الناجين من حمام الدم على الفرار إلى مصر، يقابله الموقف البطولي لأهل غزة شعب الجبارين، أحفاد العمالقة المتمسكين بأرض الأجداد.