• 5 آذار 2024
  • مقابلة خاصة

 

القدس- أخبار البلد -  في السابع من اكتوبر  تشرين أول الماضي كان هو اليوم المخصص لإقامة مهرجان الأطفال في مسرح الحكواتي ( المسرح الوطني الفلسطيني ) في القدس بعد غياب لسنوات طويلة بسبب وباء الكورونا وغيرها من أسباب .

 ولكن وكما يقول مدير مسرح الحكواتي  الفنان عامر خليل " فإننا استيقظنا على واقع جديد في هذا اليوم دفعنا إلى إلغاء عرض حفل الافتتاح وإلغاء المهرجان بالكامل  وضياع جهد مضني من أجل إعادة إحياء المسرح والدخول في حالة ترقب شديد وخوف من القادم .

 ويضيف خليل في حديث ل " أخبار البلد" : " ان هذا المهرجان كان بمثابة الانطلاقة الحقيقية للعمل المسرحي والثقافي للمسرح الوطني بعد غياب سنوات طويلة، ولكن ما جرى هو أن هذه الأحلام تبخرت  وتلاشت ودخلنا في أزمة حقيقية خانقة وعلى جميع الأصعدة، تلك الأزمة استمرت طيلة الحرب على قطاع غزة لأكثر من أربعة أشهر لم نتمكن خلالها من مجرد التفكير بأي نشاط آخر فالحالة النفسية للمقدسيين كانت صعبة للغاية وهم يراقبون ما يجري لسكان غزة من قتل ودمار وتشريد وما يجري في القدس ايضا من حملة ترهيب  وتشديد غير مسبوقة من قبل السلطات الاسرائيلية .

يحاول عامر خليل  الذي يحاول ان يرسم الابتسامة على وجه بين الحين والآخر تخفى خلفها علامات الإرهاق والتفكير والإحباط ، في مكتبه بالحكواتي لملمة ما تبقى من ذاكرة الماضي لهذا المسرح الذي تأسس من لا شيء على يد مجموعة عاشقة للعمل المسرحي  على امل ان يتمكن من النهوض به من جديد، حيث يستعين خليل  بتلك الذكريات وصور زمن الحنين لشحذ الهمم للعودة الى الحياة من جديد ونفض الغبار عن هذا المسرح الذي هو بالنسبة للكثير من القدس ملعب الذكريات الخلفي لذاكرة المدينة .

  أما في القاعة الرئيسية المعروفة فكان العمل يجرى على قدم وساق من إعداد المسرح لنشاط للأطفال في اشارة الى عودة الحياة  حيث هذه الأيام العمل على إعادة تفعيل المسرح الذي يحتاج إلى استراتيجية ورؤية جديدة  لتعيد الجمهور المقدسي إلى المسرح والفن والثقافة

 ووفق أقوال "عامر خليل" فان احد اهم الصعوبات التي يواجهها المسرح هو التمويل الخارجي  المشروط الذي هو بمثابة سيف مسلط على رقاب المؤسسات الثقافية المقدسية مما يفقد هذه المؤسسات الحركة والعمل بحرية ، هذا التمويل المفقود حاليا ادخل المسرح بأزمة مالية خانقة غير مسبوقة.

 وهذا ما يتفق عليه المهندس المعروف "سيمون كوبا" رئيس مجلس إدارة  المعهد الوطني للموسيقى في القدس ( معهد ادوارد سعيد للموسيقى) والذي يقول ل " أخبار البلد"  بأن التمويل  المشروط يدمر عمل المؤسسات الثقافية في القدس ، تلك المؤسسات التي دخلت في أزمات مالية مستمرة ومتواصلة منذ زمن الكورونا ولم تكد تخرج منها حتى جاءت حرب غزة وقضت على أمل النهوض ولو مؤقتا ، كما ان هذه المؤسسات تعاني كثير بسبب غياب التمويل وشحه وشروطه حتى أن العديد من المؤسسات اضطرت الى رفض هذا التمويل بسبب هذه الشروط .

 ويضيف المهندس "سيمون"  الذي يعتبر من انجح الاداريين في قطاع الثقافة والشباب وبصماته واضحة في إدارة  منظمة ymca في فلسطين في العديد من المؤسسات الأخرى

 " بأن على المؤسسات الثقافية  المقدسية أن تكثف التعاون والتنسيق فيما بينها وأن تضع إطارا استراتيجيا لعملها معا  لتواجه فيه الممول العربي والدولي وحتى تتمكن من الخروج من الأزمة الحالية التي تعانيها جميع المؤسسات الثقافية وباتت تهدد بإغلاق بعضها واختفاء البعض الآخر عن المشهد الثقافي الفلسطيني ، كما حدث على مر السنوات الماضي منذ بداية تسعينات القرن الماضي ، بحيث لم تبقى سوى ثماني مؤسسات تعتبر الناشطة والفعالة في هذا المجال أما بقية المؤسسات الثقافية فهي قائمة على الورق فقط .

 وهذا ما يؤيده بشدة منتصر ادكيدك مدير مؤسسة برج اللقلق في البلدة القديمة والتي تعتبر المؤسسة الأكثر نشاطا وتفاعلا في المجتمع المقدسي داخل الأسوار وتتنوع نشاطاتها لتشمل جميع المشهد الثقافي و الرياضي والشبابي.

 ويضيف "منتصر ادكيدك" الشاب الذي أثبت مهارة واضحة في إدارة هذه المؤسسة لسنوات طويلة   ل " أخبار البلد" : " لقد تلقيت عدة اتصالات من ممولين لمشاريعنا  وغالبيتهم العظمى من الممولين العرب مثل روضة الأطفال وبعض النشاطات الشبابية الرياضية لاحياء البلدة القديمة والذين ابلغونا انهم سيتوقفون عن تمويلنا هذا العام بسبب الحرب على غزة وأن هذه التمويل سوف يتم تحويلها إلى غزة ، في حال توقف هذا التمويل لمؤسسة برج اللقلق فاننا سنضطر الى وقف العديد من البرامج الحيوية التي يستفيد منها قطاع الشباب المقدسي والأطفال  ويعنى أيضا  تسريح العديد من الموظفين، وتقليص نشاطاتنا لحد كبير.

 وأضاف ادكيدك الذي يتفاخر  بالعديد من انجازت مؤسسته بما في ذلك application  تطبيقات على أجهزة الهاتف المحمول التي لها علاقة بالاطفال وتطبيق  لمعرفة احوال الحواجز الطرقات حول القدس  ( المعروفة باسم أزمة ) اضافة الى  الانجازات الاخرى  في مجال الرياضة: 

" أن المؤشرات القادمة من المانحين لا تبشر بالخير للمؤسسات الثقافية المقدسية حتى بعض المؤسسات الدولية التي كانت توقع معنا عقود لمدة عام او عامين اكتفت هذا العام بالتوقيع على عقد لثلاثة أشهر فقط 

 ولم يكد مدير مؤسسة برج اللقلق من انهاد حديثه حتى وصله اتصال هاتفي من مدير احدى المؤسسات العربية الممولة يطالبه فيها بتعديل ميزانية أحد أهم المشاريع التي تمولها هذه المؤسسة

 ويذكر أن مجموع ما تقدمه جميع الدول المانحة الأجنبية والعربية الي قطاع الثقافة في فلسطين خلال ثلاث سنوات لم يصل الى ١٥٠ مليون دولار في حين ان بلدية القدس خصصت ما يزيد عن مليار دولار لتشجيع النشاطات اللامنهجية في القدس الشرقية عبر مراكزها الجماهيرية التي ترعاها تستقطب أكبر عدد ممكن من الشباب المقدسي وحتى المثقفين.

 وهذا ما أكده منتصر ادكيدك والذي هو ايضا منسق اللجنة الثقافية الوطنية في القدس ويختم حديثه بالقول ان ميزانية برج اللقلق السنوية لا تساوي ربع ميزانية احد اصغر المراكز الجماهيرية التابعة لبلدية القدس والذي يعمل في البلدة القديمة .

 واجمع جميع من تحدثنا معهم على ان المؤسسات الثقافية في القدس من مسرح وموسيقى وفن غيرها لم تتمكن من خلق جمهور مقدسي  يلتف حولها خلال السنوات الماضية داعين الى حملة توعية شاملة ومركز من قبل هذه المؤسسات لأن الجمهور هو أول داعم وممول نشاطات هذه المؤسسات التي عليها أن تنسق فيما بينها وأن تتبنى استراتيجية جديدة بهدف جذب جمهور الشباب بشكل خاص والحفاظ على الطابع الثقافي المميز لمدينة القدس  .