• 7 حزيران 2021
  • ثقافيات

 

  القدس – أخبار البلد - في اطار الشهادات الشخصية التي سجلتها " أخبار البلد"  من قبل الكتاب والادباء والنشطاء والشخصيات المقدسية  حول النكسة التي حلت بالقدس بشكل خاص ، كتب المهندس فؤاد الدقاق عضو مجلس الأوقاف السابق ومن ابرز الشخصيات المقدسية في شهادته عن النكسة:

" الساعة العاشرة صباحا ، في محل والدي المرحوم الحاج فخري  الواقع  في باب خان الزيت ، يخبرني والدي ان الحرب قد بدأت . وقبل ان ينهى حديثه دخل الى المحل صديق الوالد السيد صبحي أبو غربية  شقيق الأخوان بهجت ونهاد ،  حديث و همس مع والدي في نهاية المحل ليخرج السيد صبحي  مسرعا حاملا أمانة كان قد تركها عند والدي بالمحل " علمنا بعدها أنه ذهب لينضم إلى المقاومين المدافعين عن القدس .

 طلب مني والدي  أخذ إبن عمي يوسف "  وكان عمره ثماني سنوات "  الذي كان قد  حضر من جدة ليصيف عندنا للذهاب لبيتنا في العيزرية ، كان الجو مشحونا بالبيت ، نستمع لإذاعة صوت العرب ليخرج علينا  المعلق أحمد سعيد  باقوله لحماسية وهو يعد عدد الطائرات التي أسقطها الجيش المصري ، وكانت الأرقام ترتفع مع كل بيان حتى تجاوزت إسقاط 99 طائرة للعدو ،  صادف وجود خالي المرحوم أنور الدقاق بالقدس ليقدم إمتحانات التوجيهي تاركا أسرته في الكويت

في اليوم الثاني لاحظ خالي سيطرة الطيران الإسرائيلي على الأجواء فأخبرنا أن السيطرة الجوية للطيران الإسرائيلي معناه سقوط القدس ، فحزم حقيبته الصغيرة وودعنا ذاهبا لأسرته التي كانت بالكويت .

 مع ازدياد قصف المدفعية ، أخذ والدي قرارا أن نحتمي في الليلة الثانية في مغارة عند جيران العمر  دار أبو سليمان خضر وفعلا قضينا تلك  الليلة الثانية معهم  في تلك المغارة نسمع بين الحين و الأخر أصوات القذائف المدفعية تحترق هدوء الليل لتبث الرعب والقتل والدمار ،

مع إنفراج صباح اليوم الثالث تركنا المغارة ، وعدنا للبيت الوضع غير مريح حتى بدأ " الطابور الخامس " يبث سمومه ، ينقل اخبار مفادها ان اليهود إحتلوا وادي الجوز  وأنهم يقتلون الرجال و يشردون النساء و الأطفال ، إزدات هذه الإشاعات ، فما كان من جدتي والتي فقدت زوجها ( جدي فؤاد ) برصاصة في منطقة باب الخليل عند سقوط القدس الغربية ،  الا ان قالت  لوالدي لقد فقدت والدك عام 48 وغير مستعدة لأفقدك ، علينا الرحيل لعمان  ، وقد تصادف وجود سيارة المرحوم حسين خضر أمام منزلنا ، ركبنا جميعا بها و توجهنا لعمان ، في الطريق  أذكر مشاهدة  الجثث المحروقة على قارعة الطريق ، وقالوا هذه قنابل نابالم المحرقة ، وصلنا عمان  الي جبل الجوفة عن أخت جدتي  أم شاكر الخياط ( الدجاني )  ، إستقبلتنا بكل حفاوة ،

في اليوم الخامس  ذهب والدي وإجتمع من أحد الأصدقاء و الجيران  الذي كان قد رحل أيضا لعمان  ، وهو أبو نبيل الخلفاوي ، فأخبر والدي أن الموضوع لن يتعدي ثلاثة أشهر لان هيئة الأمم المتحده ستجتمع و سيصدر قرار العودة  للقدس ،

 والدي لم يعجبة الكلام وفي اليوم السابع  توجه للشونة و قطع الشريعة ( نهر الأردن ) ، في منطقة المشروع الإنشائي ، إستوقفته دورية إسرائيلية و سلبوا محفظته ، توجه للمشروع الإنشائي حيث كان إبن خاله شحادة الدجاني يعمل هناك ، و أخبره أن دورية سلبت محفظته ، فما كان من شحادة الدجاني إلا الإتصال مع قائد المنطقة وماهي إلا سويعات ليتم إرجاع المحفظه  ، ليتوجه عائدا للقدس فعاد  للبيت و عاد لفتح محله باب خان الزيت ، وأرسل لنا  طلب العوده وفعلا بعد أسبوع عدنا أنا والوالدة و أخواتي ، تاركين جدتي أم فخري في عمان عند إختها .

تسللنا  عبر نهر الأردن ( الشريعة )  للنويعمة مشيا على الأقدام لنأخذ سيارة لتقلنا  للقدس

 رافقنا بهذا التسلل : أصدقاء الوالد العم المرحوم  أبو محمد جعفر ، الجار المرحوم  عدنان عابدين و إبن عم الوالد  المرحوم مفيد الدقاق

إبن عمي يوسف تم ترتيب عودته  للسعودية ليتنضم  لكنف أسرته على متن طائرة تجارية  

بقيادة كابتن الطيار المقدسي هشام النابلسي ليوصلة لأهله بمدينة جدة -

جدتي تم ترتيب عودتها عبر الجسر بعد حوالي ثلاثة أشهر .

أما صديق الوالد صبحي أبو غربية فلم نسمع عنه سوى أنه كان يدافع عن القدس  مع الأحرار في منطقة وادي الجوز ، و الأغلب أنه دفن مع شهداء المقاومة " رحمهم الله "

مباشرة بعد الإحتلال إزدهرت الأعمال التجارية في باب خان الزيت ، تدفق اليهود للشراء بكثافة غير مسبوقة ، وكأن أسواقهم كانت فارغة من التشكيلات و البضائع ،

زار والدي الدكتور صبحي أبو غوش من فلسطيني 48 من قرية أبو غوش ، فوالدته من دار الدقاق ، إجتمع مع والدي في المحل ، أبدى والدي الإستغراب من الإنتعاش التجاري غير المسبوق ,

 فكان رد الدكتور صبحي أبو غوش

أنتم في شهر عسل !!!  وسوف ينتهى قريبا