- 12 تشرين أول 2025
- ثقافيات
موسكو- أخبار البلد - كتب المراسل الخاص:
أن تفتتح معارض فنية دولية داعمة لفلسطين، في المتاحف، وقصور الثقافة، والجامعات، والمعاهد، والكليات، والمدارس، والمراكز الثقافية، والأندية الرياضية، فهذا كله أمر طبيعي، لكن أن تنتقل هذه المعارض الفنية، الى دور العبادة، ابتداءا بالكنائس في سيبيريا، وتحديدا في جمهورية ألتايسكي كراي السيبيسرية والان في المساجد فإن هذا حدث غير اعتيادي.
فلقد تقرر افتتاح المعرض الفني الدولي ال 163 ، "فلسطين في قلوبنا"، داخل مسجد، وفي يوم جمعة، وأن يزين المسجد بعلم كبير لفلسطين، وأن يقوم إمام المسجد بنفسه، بدعوة المصلين لمشاهدة المأساة الفلسطينية من خلال الفن التشكيلي، وأن تكون خطبة الجمعة كلها عن فلسطين ومأساة شعبها وعن دور الفن في حشد الشعوب نحو تحقيق العدالة لفلسطين وللانسانية جمعاء، وأن يتحول المسجد بجميع مصليه للاستماع للقضية الفلسطينية وعذابات الشعب الفلسطيني، وهم يرون بأم أعينهم هذه المأساة من خلال لوحات فنية تبارى فنانوا روسيا والعالم في رسمها تضامنا مع فلسطين، فهذه سابقة ستسجل في التاريخ، ولحساب جمهورية تترستان الروسية، والتي قام امام جامعها، "ميرغازيان"، والواقع بالعاصمة التترية مدينة "قازان"، في شارع ديكوبريستوف 111 بوسط المدينة، فهذا هو الحدث المشرق الذي يجب النظر اليه من باب حرص المساجد الروسية على ايصضال الحقيقية لمسلمي روسيا عن فلسطين بجميع الوسائل بما فيه الفن التشكيلي، وهذا ما يحسب لحضرة امام هذا المسجد، "فريت يقوب اوللي"، الذي بذل قصارى جهده لتحقيق هذا الهدف، وحض المصلين على دعوة أصدقائهم وأسرهم، ذكورا واناثا لزيارة هذا المعرض طوال فترة وجوده بالمسجد وهي مدة مفتوحة، ولم تحدد الفترة النهائية لنقل المعرض لمكان آخر والذي سيكون على الاغلب مسجدا آخر كما قال حضرة الامام فريت.
المفاجأة الجميلة أن المعرض لقي دعما وترحيبا غير مسبوق، حيث تم عرض جزء منه أمام المنبر وقام الدكتور بسام فتحي البلعاوي، منظم هذا المعرض بالشرح للمصلين عن كل لوحة ، وعن اسم الفنان الذي رسمها وعن سيرته الذاتية، وقد كانت هناك أسئلة واستفسارات كثيرة من قبل المصلين حول الاوضاع اليوم في فلسطين، وحول دور الجوار العربية، والدول الاسلامية التي تركت فلسطين وشعبها وحدهم ليلقوا حتفهم، على أيدي عصابات إجرامية لم تترك جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية إلا وارتكبتها.
ثم انتقل المصلون إلى الدور الثاني للمسجد حيث تم هناك عرض العدد الأكبر من اللوحات، وواصل الدكتور البلعاوي شرحه عن جميع اللوحات، وهناك واصل المصلين طرح أسئلتهم واستفساراتهم، عن كل لوحة، وعن كل صغيرة وكبيرة تجري حاليا على أرض فلسطين.
وقد استمر الشرح والنقاش لعدة ساعات، بينما كان الضيوف المرافقين للدكتور البلعاوي، وهم من الفنانات التشكيليات المشاركات بالمعرض، "سفيتلانا ميدفيديفا وزوجها ارنيستو، ورجينا بوتانينا"، متواجدات في مكتب الإمام بالمسجد حتى ينتهي تقديم المعرض للرجال، حيث قدم لهم الإمام في هذه الاثناء جميع وسائل الراحة وأظهر كرم الضيافة على أصوله، كي لا يشعر الضيوف بالملل.
وقد قام رجل الأعمال التتري "خالد"، بدعوة الامام وضيوفه الى الغداء الذي قدمه في مطعمه الخاص الذي يديره بالمدينة، وتواصل هناك النقاش حول فلسطين ولم تهدأ الاسئلة ولو لدقيقة واحدة.
وأجمع الإمام ومساعديه، وأذكر منهم "عبد الرحمن، والمير"، وغيرهم على ضرورة مواصلة هذا العمل الهام للتوعية بالقضية الفلسطينية من خلال المعارض واللوحات الفنية، و تناقشوا حول الوجهة المقبلة للمعرض بعد انتهاء عمله في مسجدهم، وكانت لديهم بعض الاقتراحات لعرضه في مساجد أخرى.
وفي لفتة مؤثرة قام إمام المسجد، "فريت اوللي"، بتقديم هدية للبلعاوي، وهي علم كبير لفلسطين حجزه خصيصا لكي يرافق معارض فلسطين في مدن وعواصم و جمهوريات روسيا الاتحادية.
وبدوره شكر الدكتور بسام فتحي البلعاوي إمام المسجد، ومساعديه وجميع المصلين على وقوفهم الى جانب الشعب الفلسطيني، حيث أن هذا المسجد هو أحد المساجد التي تقوم بجمع التبرعات وإرسالها الى فلسطين منذ نحو عامين، ويقدم ما يستطيعه من أجل التخفيف عن شعبنا في هذه المأساة الغير مسبوقة في التاريخ الإنساني.
وقدم البلعاوي، رواية الحب والخبز للكاتبة والروائية الفلسطيني، أسيا عبد الهادي، كهدية للإمام والمصلين للاضطلاع من خلالها على ما تعرض له الشعب الفلسطيني في النكبة الأولى التي بدأت قبل نحو ثمانين عاما والمستمرة الى الآن من خلال نكبات متلاحقة ليس للشعب الفلسطيني أي ذنب فيها.
وفي مؤشر هام على جدية الامام فريت واهتمامه بايصال حقيقة المأساة الفلسطينية الى جميع الناس ابتدأ بأقاربهم إليه، حيث قام في اليوم التالي لافتتاح المعرض، بدعوة أطفاله وأسرته وأقربائه الى معرض فلسطين وشرح لهم من خلال لوحات المعرض عن المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني.