- 3 تشرين أول 2022
- في إيتلية
القدس - أخبار البلد - شهدت الأيام الأخيرة نقاشا هادئا بين كبار الفنانين التشكيليين في فلسطين بعد المقابلة التي نشرتها قناة الميادين مع كبير الفنانين سليمان منصور تحدث فيها عن لوحة شقحة البطيخ، تلك المقابلة التي قال عنها الفنان منصور في الفيسبوك بأنها كانت غير كاملة وتم تجزئة اقواله ( وهذا معتاد في الصحافة المتلفزة ) أثارت بعض التساؤلات عن حكاية البطيخ في الفن .
هذا النقاش الهادئ دفع الفنان الكبير سليمان منصور الى توضيح الحكاية من اولها الى اخرها وبصراحة تثير الإعجاب . وخاصة اعترافه بصاحب الحق في هذه اللوحة المثيرة للحديث والنقاش والاهتمام الا وهو الفنان المبدع الاخ خالد الحوراني .
ويسعدنا في شبكة " أخبار البلد" المقدسية التي تعطي مساحة كبيرة للفن والفنانين أن تعيد نشر ما كتبه الفنان منصور في صفحته بالفيسبوك حرفيا :
لا يوجد دراسات حسب علمي حول كيفية اختراع الرموز وخاصة البصرية منها ولذا فأن هذا الأمر يظل مبهما نوعا ما. وفي الفن التشكيلي الفلسطيني هناك ثلاثة نماذج راقبتها منذ بدايتها ويمكن ان اذكرها كمدخل لدراسة "نشوء الرمز في الفن التشكيلي".
١-جمل المحامل:اولا، في بداية السبعينات لازمتني صورة العتال الذي كان متواجد بكثرة في القدس وساعدتني صور قديمة رأيتها في أن أقرر عناصر اللوحة. وثانيا قرار الحزب الشيوعي بطبعها ونشرها جماهيريا وبعد ذلك منظمة التحرير. ثالثا إميل حبيبي الذي كان متواجد في المطبعة خلال محاولاتنا انتقاء اسم ل اللوحة واقترح علينا اسم جمل المحامل هذا الاسم الذي كان له دور مهم في انتشار هذا العمل ودخوله وجدان الناس. يتضح من هذا السرد أن هنالك بالإضافة لي هنالك عدة أبطال ساهموا جميعا في نشر وتثبيت هذا الرمز.
٢-ثانيا "شقحة البطيخ" كرمز لعلم فلسطين. وكان دوري في هذا الرمز انني سردت حادثة حصلت معي ومع الزميلان نبيل عناني وعصام بدر في العام ١٩٨٠و كنت أذكر هذه الحادثة خاصة في محاضراتي عن الفن الفلسطيني في أوروبا والغرب وبالطبع هنا في فلسطين. وكان من بين الذين سمعوا هذه القصة مني الزميل خالد حوراني المعروف بذكائه وسرعة البديهة ورسم شقحة البطيخ في معرض كنت انا فيه كذلك في فرنسا عام ١٩٩٨وكان دائما يذكر نشوء هذه الفكرة. وانا أعلن هنا لأن الموضوع أصبح حساسا كما يبدو مؤخرا أن الزميل خالد هو أول من رسم شقحة البطيخ. المهم انه ومع هذا لم ينتشر شكل شقحة البطيخ ويصبح رمز وطني الا خلال أحداث الشيخ جراح وتعامل جيش الاحتلال مع اعلام فلسطين بغل وكراهية حيث جعلت هذا الرمز الذكي رمزا وطنيا عاما.
وهنا لا بد من ذكر العناصر التي ساعدت في انتشار هذا الرمز وأولها ضابط التحقيق الذي تم ذكر هذا الرمز خلال أعطانا اوامر بمنع استعمال ألوان علم فلسطين . ثانيا أنا الذي أخبرت العالم وبوسائل مختلفة بهذه الحادثة التي هي المنطلق لهذا الرمز. وبعد ذلك الفنان خالد حوراني الذي اول من رأى امكانيات القصة الفنية ورسم شقحة البطيخ. وأخيرا أحداث الشيخ جراح التي شدت كل الناس والكثير من شعوب العالم الذين رأوا كيف يتعامل جيش الاحتلال بغل و قسوة وشراسة مع علم فلسطين وكانت أحداث الشيخ جراح عامل مهم في انتشار هذا الرمز.
٣-طائر الشمس الفلسطيني الذي كنا نطلق عليه لقب "الفسيسي" عندما كنا نصطاد العصافير في طفولتنا. طلبت مني في أواخر أعوام التسعين شركة تأمين فلسطينية مقرها نابلس عمل روزنامة من ١٢ لوحة عن طيور فلسطين. وخلال بحثي عن طيور فلسطين بحثت في الموسوعة البريطانية فوجدت ان صديقي الفسيسي اسمه الفعلي هو "طائر الشمس الفلسطيني" وأنا كمن وجد قريب عائلة ضائع استعملت هذا الاسم في الرزنامة وبعدها اتخذته عدة مؤسسات وطنية شعارا لها ودخل كرمز في العديد من اللوحات الفلسطينية ليس لجماله فقط ولكن للاسم الذي شد الناس. واضح هنا أن الموسوعة البريطانية كانت عامل مهم في انتشار هذا الرمز.
كما كان لشركة التأمين التي طلبت ونشرت هذا العصفور دور مهم في انتشار هذا الرمز بالإضافة لي الذي اكتشف الاسم ورسم الطائر. واضح من هذا البحث المختصر ان الرموز الوطنية لها عدة إمهات كل واحدة لها دور معين. وأحيانا إذا ساءت وساهم اثنان من الفنانين في تكوين رمز معين يصبح كل واحد ينظر للآخر كضرة سرقت زوجها. وهنا لا بد لي أن أعلن وبوضوح ان خالد حوراني هو أول من رسم شقحة البطيخ بناءا على قصة سمعها مني وانا يا خالد والله العظيم لست بضرة يا صديقي.