- 10 آب 2016
- نبض إيلياء
ان من يكتب الله عليه ان يقوم بزيارة لدائرة الجوازات في عمان ، وبالتحديد الى القسم المخصص لاهل الضفة وقطاع غزة فانه يمر بتجربة قاسية ، تجرية رغم الكتابة عنها كل عام الا ان هذه الكتابة لم تساهم الا باطالة عمر المعاناة
ورغم ذلك نجد من الواجب علينا الاستمرار في الكتابة ، ونقل ما تعانيه هذه الشريحة من الشعب المعلق بين السماء والارض
هذا العام قررت ان اقوم شخصيا بزيارة مكتب الجوازات الرئيسي من اجل احضار جوازات ابنتي، فقط من اجل جلب الجوازات وليس عمل معاملة الجوازات ، والتي هي بحد ذاتها قصة يطول شرحها، لكثرة التعقيدات والطلبات والتي يمكن تقليصها، وفي بعض الاحيان لا تكون ضرورية بل هي تنفيذ لرغبة موظف يمارس سلطة لا يملكها ، فهذا الموظف يصر على وثيقة ما ، وهذا يعنى مصاريف وحرق اعصاب وحرق دهون على الدرج صعودا وهبوطا ركضا وهرولة في ذلك المكان المعقد والذي هو عبارة عن متاهة واحدة كبيرة ، وما ان ينتهى المواطن القادم خصيصا من اجل تجديد جوازه الاردني الذي يعتز به ، ويعود هذا المواطن لمشاهدة كشرة هذا الموظف الذي يعتقد انه موجود في هذا المنصب ليس لخدمة المواطنين وليس العكس وهو الصحيح ، حتى يبادره بالصراخ ويطلب منه وثيقة جديدة ، وان حن لحاله موظف اخر اكثر انسانية ، وحاول مساعدته يكتشف ان طلبات ذاك الموظف غير ضرورية لتجديد الجواز، وعندما يخبر الموظف المواطن بهذا، حتى يصاب المسكين بانهيار عصبي فلقد امضى ساعات وهو يركض ويصرف، ليكتشف ان جهده وماله ذهب هباءا ، ويتمثل هذا الانهيار العصبي اما بالبكاء والهبوط في المقعد ، او بنوبة صراخ في وجه الموظف الكشر
ما علينا
المهم ، ان ابسط معاملة في دائرة الجوازات تعتبر معركة حقيقه عليه ان يخوضها حملة الجوازات الاردنية المؤقتة ، وهنا اخص بالذكر اهل المدينة المقدسة والذين لا يحملوا سوى هذه الوثيقة الاردنية ، والذين ينتابهم شعور انه بسبب ذلك فهم يعاقبون ، اذا ما راجعوا الجوازات في عمان ، وهذا ما سمعته من اكثر من مقدسي هذا الصيف والصيف الذي سبقه ، فهذه السيدة قادمة مباشرة من القدس الى دائرة الجوازات الاردنية من اجل الحصول على جوازها الذي قام زوجها بتجديده ، يعنى فقط دفع الرسوم واخذ جواز السفر والعودة في نفس اليوم الى القدس لتجد نفسها تركض بين الطابق الثالث والرابع والخامس والثاني لتصل اخير الى القسم المنشود لاخذ جوازها، لتفاجئ باحد الموظفين هناك يقول لها وعلامات النصر بادية عليه : خلص سكرنا تعالى بكرة !! فترد عليه ولكن الساعة هي الواحدة والنصف! فيقول لها وعلامات الغضب باديه عليه .. انا قلت لك تعالى بكرة سكرنا اليوم .. ولكن يجب ان اعود الى القدس اليوم لا مكان لي في عمان … هذه ليست مشكلتي !!! فاخذ الجواز السفز يعنى ان يقضى على الاقل يومين كاملين مع حرق اعصاب لا نهاية له ، بينما يستغرق تجديد الجواز السفر لسكان الاردن فقط بضعة ساعات
وهناك الكثير الكثير من قصص المعاناة ، وكما قال احدهم من القدس وهو خارج من متاهة دائرة الجوازات،: بدل ان نجد من يساعدنا ويخفف عنا مصيبتنا وضنك العيش الذي نعانيه في القدس ، نجد من يصعب علينا ويعقد حياتنا ! ويضيف اننا نريد الجواز السفر الاردني فهو جزء اساسي من هوية المقدسي، ونتمنى ان هذا الشعور متبادل !!!
وكما اجمع المقدسيون اننا لا نريد ان يدللوننا ولكن نريد قليل من التعامل الانساني والتفهم للوضع الصعب، لا نريد ان تخرقوا القوانين من اجلنا، ولكن نريد روح القانون وليس نصه فقط ، فقليل من المرونة لن يقلل من هيبة واحترام موظف الجوازات،بل ستزيده اجلال واكبار بآعين المتلهف المقدسي ،
اما انا فبعد ان امضيت ساعتين بين الطوابق باحثا متفحصا ، وبعد ان شاهدت العشرات يحشرون حشرا في هذا الجو الحار والمكيف الذي لا يعمل في غرفة الانتظار ، وصوت الموظف يصرخ عاليا باسماء المراجعين المساكين ( وكانهم في سوق الخضار) للحصول على الجوازات ، قررت الخروج فورا بعد ان سيطرة حالة من الغضب الشديد على نفسي كادت ان تصيني بجلطة قاتلة ، قررت الخروج من اجل استنشاق قليل من الهواء، على امل ان يكون لي حظا اوفر في اليوم التالي
وللحديث بقية
خليل العسلي