• 18 آب 2021
  • نبض إيلياء

إن السير في شوارع القدس  وخاصة في مثلثها  النابض المعروف من حي المصرارة مرورا بشارع السلطان سليمان وشارعي صلاح الدين والزهراء وأسواق البلدة القديمة لفترة  قصيرة من الزمن ،  ويستمع الى احاديث الأصدقاء ، والاحاديث العابرة مع أصحاب بعض الحوانيت  تكون كافية لان تصل  الى نتيجة حتمية واضحة لكل من براسه عينين بان القدس ليست بخير ، وان الهاوية التي كان يتحدث عنها الجميع ويحذر منها كل عاقل ،  قد وصلتها المدينة وأهلها منذ فترة طويلة ، وأن الجميع الأن يسير نحو الواد السحيق.

عندما يكون الانتماء العشائري والقبائلي اقوى من أي انتماء للمدينة وقيمها وحضارتها فان القدس ليست بخير .  

عندما ترى ان الحب والرحمة قد اختفت من قلوب سكان المدينة سعيا وراء الأموال والرزق غير الحلال والاستقواء على الضعيف ، وعلى كل من ليس له "ظهر" فإن القدس ليست بخير .

 عندما ترى أن الجميع يتامر على الجميع من اجل من حفنة من الدولارات فتجد المحامي يعقد الصفقات مع الشيطان ضد موكله وتجد المحاسب يبيع الذي امنه على أوراقه وتجد الطبيب يهمل في عمله وتجد من هم في مكان اتخاذ القرار لا يتخذون أي قرار مهم الا بعد حساب الربح والخسارة الشخصية ، فان القدس ليست بخير .

 عندما تجد البعض ضرب بسوط المحتل اهل المدينة لمصالحه تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى ان الجماعات اليهودية المتطرفة تجوب على راحتها رحاب الأقصى وتصلى فيه علانية ورغم انوف جميع العرب والمسلمين ، فان القدس ليست بخير.

 عندما ترى من يبرر للص سرقته الأرض والوقف والمنزل ،عندها تعرف ان القدس ليست بخير . عندما ترى ان المؤسسات المقدسية تدار على شكل مزارع شخصية الى ابد الابدين تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما يستخدم البعض الشبح الطائفي كسيف مسلط (ذلك الشبح لم يكن موجودا في القدس المعروفة بالتعايش والتناغم بين الجميع) للتبرير اعماله والسيطرة على الوقف والأرض  وتزوير التاريخ والأوراق ، تعرف ان القدس ليست بخير.

 عندما ترى من يتخذ من المحتل صديقا وسندا ضد أبناء جلدتهم لا لشيء فقط من اجل مصلحة ضيقة وجشع غير مبرر ، تعرف أن القدس ليست بخير.

 عندما ترى شيخ واماما بعظ الناس بما ليس عنده، وافعاله تخجل الكافر قبل المسلم  تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى من يعمل على هدم المؤسسات من الداخل لكسب مزيد من الأموال  مستغلا منصبه ونفوذه تعرف ان القدس ليست بخير.

 عندما ترى ان نفرا يعمل  مع المؤسسة المحتلة لتعميق سيطرته على المجتمع المدني المقدسي وعلى مؤسساته ، تعرف أن القدس ليست بخير .

 عندما ترى الكثيرون يرون الغلط والخيانة والتزوير والسرقة ويفضلون الصمت وغض النظر واشاح الوجه الى  الجهة الأخرى خوفا على حياتهم وعلى حياة من يحبون ، تعرف أن القدس ليست بخير

عندما ترى الجاهل يتحدث عن القدس في المؤتمرات والفضائيات وهو لا يعرف أسماء شوارعها ولا حكايتها ، تعرف أن القدس ليست بخير .

 عندما ترى المثقف فيها لا يجد قوت يومه ويضطر إلى العمل في أماكن لم يكن يحلم بها من اجل لقمة العيش وتلقى الخدمة الصحية المتردية بفعل الزمن ، تعرف ان القدس ليست بخير.

 عندما نرى حجم القهر في عيون المقدسي وقلبهم ينفطر واقفا  وحيدا شاهدا على قيام المحتل يهدم منزله امام عيونه، ليبدا رحلة تشرد قاسية كقساوة جغرافية المدينة،  تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى الاذلال الذي يتعرض له المقدسي على يد أبناء جلدتهم عادة  عند مراجعة وزارة الداخلية الإسرائيلية ليثبت حقه الطبيعي  للعيش في مدينة اجداد اجداد اجداده في ، تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى الحقد في عيون الشرطة وهي تضرب بوحشية هي عنوان كراهية الشبان المقدسيين لانهم قالوا لا ،  تعرف ان القدس ليست بخير .

عندما ترى الأخ يقتل اخاها بسبب متر مربع في الأرض، وتجد الجار يطلق النار على جاره بسبب موقف سيارة ، وعندما ترى العائلات تستخدم كل أنواع الأسلحة الثقيلة ضد بعضها البعض بسبب خلاف بين الأطفال على علبة عصير ، تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى احياء المدينة تحولت لتكون مداخلها اوكار بيع مخدرات، ويعرف عن ذلك كل سكان الاحياء ولا يعملون شيئا خوفا، تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى من قام ببيع الأرض والبيت للجماعات الاستيطانية يسرح ويمرح بكل حرية  ويصرخ بأعلى صوته انه بريء  من هذه الخيانة كبراءة اخوة يوسف من دمه ، تعرف ان القدس ليست بخير .

 عندما ترى المنظرين  وتجار الكلمة باسم القدس صباح مساء يتشدقون باسمها كسبا للمال والجاه ، وهم اول الفارين في ساحة الوغي ، وأول الهاربين من الحديث مع اهل المدينة،  تعرف ان القدس ليست بخير

ما علينا.

 المهم،  أن من يعيش في القدس  لحظاتها، ويتنفس هواءها ، ويسير بأزقتها يحترق قلبه حسرة وقهرا على حال المدينة وأهلها، يعرف انها تحتضر، ويعرف ان من اوكلت لهم مهمة استنهاض المدينة قد فشلوا في أداء واجباتهم  وفي المهام الملقاة على عاتقهم من حماية الحجر وتعزيز وجود البشر ولملمة الموروث الثقافي الحضاري لهذا المدينة الفريدة من نوعها  ...!!!.

 ويعرف ان  المحتل يخطط للقادم بدقة وإتقان وينفذ بحذر،  وذلك القادم المخطط له   لن يكن سهلا على الاطلاق ، فلا تزال قضية الشيخ جراح حامية الوطيس في أروقة المحاكم غير العادلة .

 بعد قليل سنسمع بقانون التسوية والذي سيحول حياة المقدسيين لجحيم حقيقي ان لم يستعدوا لذلك جماعة وفرادة ....  وبعد كل ذلك هل القدس بخير ...؟!

 وللحديث بقية ....

 

                      خليل العسلي