• 3 آيار 2023
  • نبض إيلياء

 بقلم : خليل العسلي 


نعم إن القدس الشرقية تسير نحو الانهيار التام ولا نتحدث عن الانهيار من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية ، فالجميع يعرف حالة المدينة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ولا حاجة للمزيد ، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن القدس وعن قصد من قبل السلطات الاسرائيلية تسير بخطوات متسارعة نحو الانهيار العام وخاصة فيما يتعلق بالحيز المبنى. 

 هل تعرفون أنه منذ احتلال القدس عام سبعة وستين من قبل إسرائيل التي أعلنتها عاصمتها الموحدة الابدية ، لم تقم البلدية الإسرائيلية (من ايام رئيس البلدية الاولى تيدي كوليك الذي دمر أكثر مما عمر) بناء حي واحد للسكان العرب في المدينة وبقيت الأحياء المعروفة كما هي منذ العهد الأردني والذي شهدت فيه القدس مرحلة ازدهار غير مسبوقة، يعيش فيها قرابة 400 ألف نسمة على مساحة لا تزيد عن  10  آلاف دونم ، بينما بنت البلدية لليهود المستوطنين في القدس الشرقية أكثر من 12 حيا (مستوطنة) يعيش فيها أكثر من 215 نسمة على مساحة تزيد عن 36  ألف دونم من أراضي القدس الشرقية ؟.

 هل تعرفون أن أكثر من ثلث المباني في القدس الشرقية غير مرتبطة بالبنى التحتية الأساسية؟!   فنجد أن عمارة مكونة من عدد كبير من الشقق مرتبطة بساعة ماء واحدة ولا توجد فيها شبكة مجاري عامة ولا الشوارع معبدة ، بل المصيبة أن السكان يدفعون الضرائب والمبالغ الباهظة من أجل  شق الطرق الى منازلهم غير المرخصة وغير المنظمة، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم شق أي من تلك الشوارع المدفوع ثمنا سلفا ومضاعفا لبلدية القدس  .  

 هل تعرفون أنه في حال ضرب القدس زلزال عادي فإن أكثر من 50%  من مبانيها سوف تتعرض للانهيار التام مخلفا خسائر بشرية لا يمكن تصورها وتحملها ؟ والسبب غياب التخطيط الاسرائيلي والتنظيم، ومنع اية محاولة للتخطيط من قبل السكان العرب.

 هل تعرفون انه تم بناء أكثر من  70  ألف وحدة سكنية خلف الجدار في قرية كفر عقب ومخيم شعفاط، تلك المباني الهائلة ولا يوجد بها أمر هدم واحد بحقها رغم علم السلطات الاسرائيلية ان هذه المباني تشكل خطرا حقيقيا وفوريا على حياة البشر ، حيث تفتقر كل المباني هناك الى الحيز العام والى المقومات الأساسية وبدون تخطيط وبدون أي تنظيم .؟

 هل تعرفون ان بلدية القدس  ترفض الاعتراف بأي مخطط يقوم به سكان بعض الأحياء  كما ترفض أن تقوم هي نفسها بمهمتها الأساسية وهي وضع مخططات لتنظيم الأحياء العربية في المدينة ؟  وخير مثال على ذلك وجود مخطط نجح سكان احد الاحياء بانجازه ولا زال ينتظر ان تقوم اللجان في البلدية بالنظر فيه ، لا زال ينتظر منذ 15 عام .

 وهنا قال أحد الأصدقاء المتخصصين أنه عندما قدم ذات يوم مخططا لاحد الاحياء العربية  لاحد المسؤولين الإسرائيليين ( يدعى انه يساري)  قال له إن يده ترتعد حتى لاستلام المخطط لان هناك سياسة عليا بهذا الموضوع  .

 ان استمرار تجاهل اسرائيل للتخطيط في القدس الشرقية سيؤدى الى كارثة حقيقية، وعندها لن ينفع اي ندم او شرح او دبلوماسية .

 إن غياب أي تخطيط مبادر تطويري مع غياب الدعم الدولي سوف تكون له خواتم معروفة في حالة حدوث زلازل او حدث غير متوقع  مثل حرب أو كارثة طبيعية او انهيارات لاسباب مختلفة ، وكما قال احدهم ان النتيجة ستكون أن الكثير من أحياء القدس  سوف تمحى عن الوجود .

 هذا الواقع الكارثي الذي ينتظر القدس يدفعنا جميعا إلى التفكير بصورة جماعية وليس فردية إن رغبنا أن يبقى أبناؤنا بعد موتنا في المدينة ، لأن جميع المؤشرات تقول انه بعد عقد من الزمن قد تتغير القدس العربية لتصبح شيئا آخر….

 وللحديث بقية … إن بقى في العمر بقية