• 1 حزيران 2023
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل العسلي

 "نفرح بالحسين " هذه العبارة زينت كل زاوية وكل شارع وكل حافلة في عمان ، وكانت فعلا تعبيرا عن حالة الاردنيين  بمناسبة زفاف ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني ، فتجد أن الشباب والشيب النساء والفتيات يعبرون كل بطريقته عن حبه للعائلة الهاشمية ويظهر سعادته بهذه المناسبة ، فهذا يرفع علما على سيارته وهذا يرقص في زقاق حيه وثالث يرفع صوت المذياع يصدح بالأغاني الوطنية والأهازيج الشعبية التي كتبت ولحنت خصيصا لهذه المناسبة الهاشمية الا وهي زفاف ولي العهد .

 وكانت ذروة الاحتفالات الرسمية بهذا الزفاف الاحتفال الخاص لرجالات الأردن في مضارب بني هاشم والتي نصبت في القصر الملكي الأول  في قصر رغدان العامر الذي يعتبر رمز الاردن ومكانا يجمع الشمل  .

 وشارك بهذه الاحتفالات وفد مقدسي ضم خيرة من مثل المجتمع المقدسي من قضاة ورجال قانون وشخصيات عامة يمثلون المجتمع المدني المقدسي بكل اطيافه ومكوناته بما في ذلك الجانب الإعلامي ممثلا بمؤسس ورئيس تحرير جريدة " أخبار البلد" المقدسية.

 لقد كان هذا الوفد المقدسي من المحظوظين ليكون شاهدا على لحظة تاريخية سوف تحكى عنها الأجيال القادمة ، هذا الشعور هو فعلا كان الشعور الذي ساد الوفد المقدسي الذي حرص كل الحرص على تلبية الدعوة وأن يكون هناك في الوقت والمكان  المناسبين ليكون جزءا من هذا السيل البشري المحب العاشق للملك وولي عهده الذي شارك بهذه الاحتفالات البديعة في مضارب بني هاشم .

ووفق التعليمات فانه يحظر أن تحمل الهواتف الخلوية ، مما يعتبر تحديا قاسيا لمن أصبح الموبايل جزءا من جسده ومن عقله ومن حياته ، ورغم ذلك فلقد كانت هذه فرصة رائعة للتعرف على بعض بدون الانشغال بهذه الاجهزة ، فتجد هذا يتناقش بهمس مع ذلك ، وذاك يحاول الاستفادة من هذه الفسحة من الزمن قبل الانطلاق للاحتفال بالتعرف على أكبر عدد ممكن من كبار الشخصيات التي تجمعت في مكان مخصص لهم ، في تنظيم بديع دقيق التفاصيل وكما قال احد الاصدقاء ان تنظيم هكذا احتفالية بمشاركة الالاف يتطلب انضباطا وتنسيقا منقطع النظير " يا اخي  الأردن دولة مؤسسات ونظام كل يعرف ما يجب أن يقوم به في الوقت والمكان مما يخلق تناسق في الحركة وفي الانضباط " 

 في زاوية أخرى من زوايا قصر الثقافة حيث نقطة الانطلاق كان الهم المقدسي  وما تعانيه المدينة وأهلها واقصاها محور الحديث وبعيدا عن الموبايل وعن الأشغال حاول البعض التوصل الى تفاهم هنا وهناك حول قضايا عامة ، فالاجواء مريحة والنفسيات سعيدة بهذا الحدث، في هذه الأجواء يجد المرء نفسه متحررا من كل القيود الشخصية والرسمية وكما يقال يفتح قلبه لزميله وصديقه في هذه اللحظة الأكثر انسانية في حياة البشر ، أن تتحرر  من كل القيود وأن ينطلق لسانك بقول ما يجول في خاطرك  بدون قيد او وجل … وهذه احدى ميزات  السفر .

 للحقيقة فلقد كان المقدسي محل ترحاب منقطع النظير من قبل كل الشخصيات الاردنية سواء العامة أو الشعبية أو الرسمية  فالقدس في القلب الهاشمي دائما وفي الوعي وفي العمل أيضا  .

 ولحظة الوصول إلى المضارب يقع بصرك على بحر من البدلات السوداء الرسمية  بينها الملابس التقليدية لرجالات العشائر الاردنية الأصلية تسير نحو الخيام الضخمة التي وضعت في الساحة ليجلس كل في مكان بانتظار مراسيم الزفاف العربية الأصيلة وما هي إلا لحظات حتى دخل العريس الهاشمي بزفة شبابية يعرفها كل شاب عربي في القدس وفي عمان ، وكان بانتظاره عمه كبير العائلة الهاشمية سمو الأمير الحسن بن طلال  ووالد العريس جلالة الملك عبد الله الثاني الحنون الذي كانت نظراته كلها حنية وابويه وأمل في مستقبل أفضل لابنه الذي يخرج من كنفه هذا اليوم ليكون عائلته الخاصة، هذه اللحظات السعيدة  رغب جلالة الملك ان يشاركه اياها الشعب الاردني عامة وهذا النفر من الشخصيات الرسمية فهذه قمة  الانسانية .

 ورغم  أن الطابع الرسمي  ساد  حفل الزفاف إلا أنه في النهاية  هو عبارة عن حفل يمثل علاقة الأب بابنه،  وكان جلالة الملك عبد الله الثاني صادقا في هذا التعبير، عندما تحدث لابنه ولي العهد ناصحا موصيا اياه بتقوى الله ،  متمينا حياة سعيدة ، ولعلها أكثر اللحظات انفعالا كانت عندما قال جلالته انه ابني.

 واللحظة التي أثارت المشاعر لدى الحضور كانت عندما قبل ولي العهد راس جلالة الملك الذي قدم له السيف العائلي حفاظا على الإرث الهاشمي.

 لتبدأ بعدها الاحتفالات التراثية الهاشمية التي عبرت عن الفسيفساء الاردني  خير تعبير  كان واضحا  في عيون واكف الحضور انهم غاية في السعادة في هذه اللحظة التاريخية ، حتى شيوخ العشائر الاردنية كانوا يقفون كل لحظة احتراما وتقديرا وسعادة للمشاركة في الفرحة العارمة .

بعد ساعة من الاحتفال والفرح والسعادة التي أدخلها الحضور الى قلب جلالة الملك ومشاركته فرحته بابنه ولى العهد ،  دعاهم صاحب المضارب الهاشمية الى حفل العشاء الأردني، هناك امتدت المناسف على مساحات شاسعة  والتف الجمع حول  تلك الأكلة الشعبية ذات الشهرة العالمية وللحقيقة هذه الاكلة لذيذة ايضا ، فهناك من مارس حقه في الأكل بالملعقة وهناك من عاد إلى  الأصول واكل المنسف باليد ، ولكن خرج الكل شاكرا سعيدا متمنيا حياة مباركة لولي العهد والعمر المديد للوالد جلالة الملك عبد الله الثاني .

 خرج الجميع سعداء  من تلك الواحة الهاشمية المبدعة ليدخلوا مباشرة في حياة عمان اليومية وازدحامها الذي بات جزءا من هوية المدينة الجميلة الغالية .

 قال احد الحضور المقدسيين ان هذه أكثر مناسبة من حيث عدد المشاركين والأكثر تنظيما التي اشارك بها العائلة الملكية الهاشمية ( وهو فعلا شارك بالكثير من المناسبات الرسمية ).

 عاد الوفد المقدسي في ساعة متأخرة  الى المدينة المقدسة حاملا معه أجمل الذكريات واسعد اللحظات الانسانية بمشاركة لحظة فرحة والد بزفاف ابنه،  عاد الوفد المقدسي  وهو يشعر بفخر فلقد كان شاهدا على لحظة تاريخية سيبقى يحكيها كل واحد منهم لعائلته وأصدقائه لتتحول وتصبح إرثا عائليا تتناقله الأجيال حيث يقول الحفيد للحفيد أن جدي حضر زفاف ولي العهد الاردني .

 فهنيئا للأردن بهذا الزفاف ، وهنيئا للقدس بهذا الشرف ان تكون شاهدة على هذا الحدث.