• 23 كانون أول 2025
  • نبض إيلياء

ها قد شارف عام 2025  على المضي بلا رجعة ، ذلك العام الذي وصفه الكثيرون بأنه عام الانهيار ، عام الدمار ، عام الموت ، عام الهزيمة والانهزام،  عام الخيانة العربية والإسلامية للقدس وأهلها ولفلسطين عامة، عام القهر، والعديد من الأسماء التي توحي بأنه كان عاما أسود لم يمر علينا مثله منذ الاحتلال البريطاني وما تبعه من الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي.

 وتأكيدا على ذلك قبل نهاية العام غير المأسوف عليه بايام قليلة  أقدمت السلطات الاسرائيلية في القدس على مجزرة بكل ما في الكلمة من معنى وبكل تفاصيلها تتمثل في تشريد أكثر من مئة شخص بعد هدم العمارة التي يسكنونها حتى بدون إعطاء السكان أية فرصة لإخراج اثاثهم  وذكرياتهم ، وجاء الهدم  كعقاب وقهر النفس المقدسية المتعبة .

 المحزن في الأمر أن بلدية الاحتلال التي تجنى مئات الملايين من الشواقل من المقدسيين على شكل ضرائب جائرة ظالمة غير عادلة ،  استخدمت المتطرفين اليهود العنصريين للاعتداء على سكان العمارة المنكوبة تحت غطاء موظفي بلدية ، فإذا كان موظف البلدية مصنف  وفق  الأعراف الاسرائيلية بانه يهودي متطرف عنصري فما بالك برئيس البلدية وكل موظفيها ومدرائها .

 هذه المجزرة  بحق  العشرات من المقدسيين في حي سلوان تثبت اننا نسير نحو الدمار والانهيار طالما ان الوضع كذلك  فإنه لا أحد يستبعد أن تقدم الحكومة على ما هو أعظم من ذلك  بحق القدس ومقدساتها  سواء كانت اسلامية او مسيحية على حد سواء.

  ما علينا 

 المهم اننا وكما هي العادة كل نهاية عام  طلبنا من المحررين في  "اخبار البلد" ان يختاروا قصة قاموا بكتابتها في هذا العام لتكون القصة الأفضل التي تمثل القدس ، فكان الاجماع من قبل المحررين والصحفيين والصحفيات على عدم اختار قصة  بذاتها لتكون الأفضل ولتكون الأكثر وصفا للواقع الحزين الذي تعيشه المدينة وأهلها .

 ولسان حالهم يقول :

 انه من الصعوبة بمكان أن نختار قصة واحدة من القصص التي  عملنا عليها طيلة عام ٢٠٢٥  لتكون القصة الأكثر تأثيرا وتحولا في المشهد المقدسي ، فكل قصة نشرناها في الشبكة لها طابعها المختلف ولها تأثيرها ولها طبيعتها، الشيء المشترك الوحيد بين جميع القصص والتي نفتخر جدا باننا ننفرد فيها ، هو القدس وأهل المدينة وتاريخها وحضارتها وازقتها وحتى حجارتها ، لقد قمنا بتكريم  المدينة بما يليق بها من خلال القصص التي كتبناها.

قسم كبير من القصص هي عبارة عن  نبض المقدسي وهي حديث قلبه وعقله وهي تعبير صادق عما يعيشه المقدسي بل أيضا هي مؤشر للدبلوماسي الأجنبي في القدس  بأن المدينة ليست بخير… ولن تكون بخير طالما ان الاحتلال جاثم على قلبها وصدرها وروحها.  

ان ما يكتب عن القدس في "اخبار البلد"  ليست قصص صحفية بل هي حكاية المدينة  وتوثيق كل حركة وكل ومضة تاريخية وكل نبضه اجتماعية فيها قبل أن تختفي المدينة بتراثها وارثها وحضارتها ( لا سمح الله) 

 كل قصة هي خفقة قلب رجل كبير بالسن منع من الدخول إلى الأقصى ، بكى على مدخله وصلى في  حارة من حارات المدينة لقربها من الأقصى. 

هي قصة كل  مقدسي مسيحي وحاج اجنبي منعه الاحتلال من الوصول الى كنيسة القيامة في عيد الفصح فكانت الدموع هي الحل قبل وصول النار المقدسة لتبعث الأمل في غدا افضل .

 كل قصة هي نبض طفل يرى والده يهدم منزله بيده ، فيلعن العرب والمسلمين قبل أن يلعن  المحتلين الذين شرد طفولته من منزل العائلة وقهروا  والده.

 كل قصة هي دمعة طالبة ترى مدرستها قد أغلقت واصبحت بلا مدرسة ، فنهار عالمها أمام عيونها وسرقت منها طفولتها وذكريات مدرستها في مخيم شعفاط وفي سلوان وغيرها .

 كل قصة هي وجع الحجارة  المقدسية التاريخية التي أصبحت تحت رحمة المحتل الذي لا يرحم الحجر ولا البشر.

 تلك الحجارة التي حطمتها على عتبة الأقصى يد عالم آثار يهودي حاقد بالمطرقة حتى يمحو أي اثر اسلامي يثبت أن المدينة لها أصحاب ، هذه الحجارة حتى لو تم تحطيمها ستبقى حصاها  تصرخ لتروي حكاية المسح والإقصاء.

 كل قصة هي بسمة طفل وهو يخرج من فرن " الرازم " حاملا عددا من البرازق راكضا الى منزله بانتظار أن يتناولها بعد الإفطار في رمضان ، معلنا انتصاره على الجوع والعطش  وانتصاره في معركة البقاء في القدس . 

 كل قصة هي بكاء حارس  من حراس الاقصى وقد تعرض للضرب والجر والإبعاد عن المسجد فقط لأنه يريد منع تدنيسه، فهو آخر حارس لقبلة المسلمين الأولى بعد أن تركت لوحدها من قبل ملياري مسلم وعربي لتنهش لحمها حية الذئاب الاستعمارية. 

كل قصة هي حسرة في قلب صاحب الحانوت في حارة النصارى التي هجرها المسيحيين والسياح ، فباتت مسرح للاشباح ولصوص الأرض والتاريخ.

 فعذرا عزيزي رئيس التحرير لن اختار قصة واحدة بل اختار القدس التي تضم كل القصص مجتمعة لتشكل  فسيفساء المدينة المقدسة الجميلة الحزينة التي هجرها السلام …  ولكن نور التفاؤل  رغم انه خافت خائف مختبئ في جبنات القدس وفي أزقتها وحاراتها  إلا أنه سيبقى مضيئا في اجمل مدينة في العالم وأقرب المدن الى السماء.

وللحديث بقية…

 طالما أن هناك في العمر بقية 

                                                خليل احمد العسلي