• 30 كانون أول 2025
  • من اسطنبول

 اسطنبول - أخبار البلد - نشرت بعض المواقع التركية حكاية حقيقية جرت قبل سنوات طويلة في احدى المدن التركية النائية بهدف التاكيد على ان الانسان خلق لدور يؤديه في الحياة غادرها تاركا أثرا كبيرا في المجتمع وتخلده الأجيال .

 تبدأ هذه الحكاية في بداية أربعينات القرن الماضي عندما تم تعيين الشاب الطموح "مصطفى غوزل جوز" أمين مكتبة في مكتبة "تحسين آغا "في مدينة أورغوب التركية. كانت  هذه وظيفة الدولة مما يعنى الاستقرار الوظيفي، لكن مصطفى وجد مكتبه فارغًا تمامًا لا زوار ولا قراء .

 حاول دعوة الناس وتشجيعهم على القراءة، بلا جدوى، حتى زملاءه استغربوا من هذا الإصرار وقالوا له طالما ان راتب مستمر فلا تتعب نفسك ، المكتبة فارغة منذ سنوات ولن تتغير".

وبعد تفكير عميق  في حاله واحوال المكتبة الفارغة من القراء  خطرت له فكرة قد تبدو مجنونة في البداية بل ومستغربة  ولكن تصميمه حولها الى واقع حيث قام بشراء حمار وسَند صناديقًا خشبية خاصة  وعبئ هذه الصناديق بين 180 و200 كتاب. كتب على الصناديق: "صندوق إعارة الكتب"، وبدأ يجوب القرى حاملاً الكتب على حماره، وزار الأطفال في منازلهم، يوزع عليهم الكتب ويعلمهم القراءة، وكأنه نسخة حقيقية من "بابا نويل"، لكن مع حمار بدلاً من الغزلان.

الأطفال في القرى استقبلوه بالفرح، وقلوبهم تخفق من شدة الحماس، ينتظرون كل زيارة جديدة بفارغ الصبر. ومع مرور الوقت، بدأ الناس يزورون المكتبة، وبدأت الحياة تعود إليها شيئًا فشيئًا. لاحظ مصطفى أن النساء نادرًا ما يأتين، فكتب إلى شركات "سينغر" و"زينيث" المتخصصة بصناعة ماكينات الخياطة للحصول على آلات خياطة، ووعد بوضع أسماء الشركات على مدخل المكتبة.ر

أرسلت له زينيث تسع آلات، وسينغر آلة واحدة .وأصبح يوم الثلاثاء مخصصًا للنساء. خلال انتظارهن، كان يوزع عليهن الكتب ليقرأن أثناء الانتظار، ويعطي الدروس لتعليم القراءة والكتابة، ثم أطلق ورشًا للحرف اليدوية وأعاد إحياء صناعة الحياكة في المنطقة.واجه مصطفى معارضة السلطات، واقيمت عليه دعوى بتهمة تجاوز نطاق وظيفته، ومع ذلك، ظل يواصل مهمته الإنسانية حتى وصوله سن التقاعد، ليغادر الوظيفة رسمياً لكنه يترك إرثًا خالدا أصبح "مصطفى غوزلغوز"  وحماره أسطورة في القرى، فلقد غرس حب القراءة في قلوب الأطفال، وعلّم الناس أن المبادرة والتجديد تصنع الفرق، وأن قيمة  الحقيقية للإنسان تقاس بما يضيفه للعالم. 

وعندما توفي اجتمع أهل المنطقة قرروا إقامة نصب تذكاري له ورفيق دربه في طريق العلم والمعرفة ألا وهو حماره  في مدينة أورغوب، إحياء لذكرى رجل رفض الواقع فغيره بيده واثر على أجيالا كاملة.