• 11 تموز 2021
  • حكايات مقدسية

 

 بقلم : الباحث الشيخ مازن اهرام

 

ستي يا ستي  في  النملية    في الرف العلوي في طقم شاي صيني إبريق وفناجين وسكرية وإبريق للحليب وصحون للحلويات جميل جداً

يا ستي هذا الطقم أجاني نقوط يوم  عرسي  وبفضل منه الحبايب  الغالين على قلبي  وان شاء الله أنتم غالين أولاد الغالية

ستي كمان في الرف الثاني يوجد قُمْمْ

آه سيدك كان يكرم الضيوف لما  يْشرفُوا  على بيتنا ويرش عليهم ماء الورد منه (يعطرهم )

وهي كمان مكحلة  من فضة يا ستي

يوه سيدك كان يحب  الكحلة  على عيوني الزرق نكحل بالأثمد من بلاد اليمن أو نعمله من سراج الزيت لامبة   كاز نمرة أربعة

 وهي طاسة  مزخرفة  ؟؟؟ منقوش   عليها  آيات من القرآن  الكريم 

هاي يا ستي طَاسَةُ الرَّعبَة، كما تُعرف في   القدس و فلسطين أو طاسة الرَّوع  ونقولها   "طاسة الخضة"  و  "طاسة الشفاء" هي وعاية  معدنية صغيرة نُقِشَ بداخلها  بشكل دائري نصوص قرآنية أشهرها آية الكرسي والمعوذتان وبعض الزخرفات كالنباتات والأشكال الأخرى.

 مصنوعة من المعدن و الغالية  منها المصنوعة من الفضة   نستخدمها في الطب العربي الشعبي    والتي   كانت  تستعملها جداتنا  الحنونات لفك الخوف عن الصغار المرعوبين  والخائفين   

قبل أكثر من سبعين  عاما  أحضرها  جدك "طاسة الخضة" من السعودية عند  ما حج و اعتمر حيث كانت من جُملة الهدايا  وهي من المقتنيات الثمينة التي من الصعب التفريط بها  ونسقي  الأطفال  الخائفين وهيك يا ستي .

يعني يا ستي هي  موروث شعبي  تناقلته  الأجيال   جيل  بعد جيل

شو أصل "طاسة الخضة" أو "طاسة  الرعبة" كثرت الأقاويل الخرافية، والكثير يستخدمها دون اهتمام بمعرفة أصل ذلك الإناء النحاسي الذي عُرف أنه يعالج السحر والأمراض زي ما يقولوا !!

أنا عارفة يا ستي   والله كانت  تظبط  معانا   وشرب منها الكبار والصغار  أيام زمان  شو ذكرك فيها    

كان  زمان  يا ستي  الطب التقليدي (الشعبي) شوية معارف ومهارات وممارسات قائمة على المعتقدات والخبرات الأصيلة التي تمتلكها مختلف الثقافات والتي تُستخدم للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية و  في بعض البلدان، تُسمى  "بالطب البديل" أو "الطب التكميلي

بعدين صار في القدس  دكاترة   يحكموا  الناس  ,الحكيم باز داره في طلعة المنزل قبال باب الجديد فيلا

 والحكيم  نزهة باب الخليل,  والحكيم الدجاني باب الساهرة ,  والحكيم صليبا سعيد , والحكيم صبحي غوشه كان يصرف   الدوا ببلاش والدكتور أمين الخطيب   أبو الفقراء  الله يرحمهم  على أيديهم  الشفا والشافي الله   وكمان الفلوة تولد النسوان  في البيوت   سحبت رجلك يا ستي  قديش ولدت نسوان القدس  وصاق الله على أيام زمان  وكان المجبر أبو غازي بالواد  والمطهر أبو غزالة

شوفي يا ستي

 وفي  بلاد  الشام   يُسموها   "طاسة الرعبة"، أو "طاسة الروعة"، وفي مصر هي "طاسة الخضَّة"، و في  الجزيرة العربية يلقبونها بـ "طاسة السُّم"، أما في الكويت والعراق فهي تحمل اسم "المحو"

وفي الطب العربي الشعبي تستخدم "طاسة الرعبة"  للتداوي من الخوف والهلع، و هيك أهمية الشرب من وعاء كتب به نصوص مقدسة ويرجع هذا الاعتقاد إلى الحضارات القديمة حيث وجد علماء الأثر أمثلة لما يسمونها بـ"الطاس السحري

ياستي الشر  برا  وبعيد ....  أعوذ  بالله من شيطان مش ناقصنا  شياطين  وزبانيته

قرأت يا ستي

لا يقتصر استخدامها على التداوي من الخوف  والرعب  فقط    و كان  يعمد الناس، حين يُصاب أحدهم بالخوف نتيجة لخبرِ أو حادثِ ما، إلى ملء الوعاء بالماء وسقيه إياه اعتقاداَ منهم بأن الماء الذي لامس الآيات والنصوص المقدسة سيهدأ من روعِ المصاب. وقد يقومون أيضاً بترك الوعاء ليلاً، بسماء مقمرة، وعلى عتبة باب الدار، وإضافة سبع حباتٍ من التمر أحياناً، لشرب الماء في الصباح  وهنا  يظهر  ارتباط  طاسة   الرعبة بالطَّاس السحري الأثري وأسطورته في بلادنا  ومجمل الحضارات السالفة ببلاد الهلال الخصيب وبعلاقته بالإله سين رب القمر الأكادي والعربي الجنوبي وسلفه الإله نانار السومري.

 إضافة إلى ذلك، قد يستخدمها المرء للاستحمام، وتاريخياً  استعملت   جزء من العلاج النفسي هي تسمية شعبية وليست علمية،

آه يا ستي زي ما قال المثل طاسة وضايعة

 أكد الطبيب النفسي وأخصائي الأعصاب د. أسعد يوسف أبو غليون، موضحاً بأن استخدام ما يطلق عليها شعبيا "طاسة الرعبة"

 يشكل نوعاً من العلاج النفسي والمتمثل بالخوف  "لذا فإن طاسة الرعبة تشكل جزءاً من ذاك العلاج

أضاف د. أبو غليون: "لا وجود لمصطلح طاسة الرعبة في العلم، وفي علم النفس هناك ما يسمى بـ (الحلقات الدينية) و ( فنون التأمل ) Meditation حيث يعود كل فرد إلى ديانته، فالمسلم مثلاً يلجأ لقراءة القرآن حتى يشعر بالراحة، والمسيحي يصلي في الكنيسة كذلك وكلها أساليب للعلاجات النفسية من الخوف والتوتر"

واستكمل حديثه: وقد اختلف علماء الدين في جوازها، ولكن يمكن استخدام البدائل لها بقراءة المعوذات والرقية"."فهي أقرب للعادات من الدين ، هذا ما أوضحه الشيخ الداعية الدكتور أحمد شرف

وقال الشيخ شرف  الدين  :

طاسة الرعبة  هي أقرب للعادات والتقاليد من الأمور الدينية"، موضحاً بقوله بأن كلمة "طاسة الرعبة" لم تورد جملة في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو حتى السلف الصالح ، في ذات السياق

 "لم يرد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا حتى عن صحابته رضوان الله عليهم، أي شيء يتعلق بوضع الماء في إناء قد نقشت عليه آيات من القرآن الكريم، ويستخدم للاستشفاء من الخوف والرهب

واستكمل قوله:  

 "وقد ورد   بأنه  يجوز كتابة آيات من القرآن الكريم في صحن أو ورق وبواسطة مادة مطهرة غير ضارة كـ (الزعفران وماء الورد)،  ويجوز شرب ذاك الماء أو وضعه على موضع الألم، كما يجوز القراءة على العسل واللبن ونحوها ودهن الجسم بالمسك وماء الورد المقروء عليه بـ آيات قرآنية

 كان أهل الحجاز يستخدمون أحياناً ماء زمزم كقيمة مضافة.

استشهد الشيخ أشرف بموقف  عن  النبي  محمد  صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، حيث كان النبي إن أحس بمرض ينفث في يديه (3 مرات) ويقول:

 (  قل هو الله أحد)   أو (المعوذتين)  ثم يمسح بهما في كل مرة ما استطاع من جسده عند النوم، بدءا من رأسه ووجهه وصدره ، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح، ورقاه جبرائيل لما مرض في الماء بقوله:

 (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك) ولـ (ثلاث مرات)، وهذه الرقية مشروعة ونافعة، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم رقى بعض المرضى بقوله:

 (اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما

تقول  الحجة  هاجر  المقدسية إن أهلنا استخدموا هذا الوعاء النحاسي المنقوش على جداره الداخلي آية الكرسي وآيات الشفاء وبعض المفاتيح الصغيرة معلقة في وسطه، حينما كان يتلقى أحد أفراد العائلة خبرًا مفاجئًا ومزعجًا، كوفاة عزيز أو مداهمة لصوص للبيت أو كوابيس ليلية أو حادث مؤثر

وتُشير الحجة  هاجر أن الأم كانت تشتري ما يسمى بحوائج الطربة” من العطار أو الطبيب الشعبي في القرية، وهي عبارة عن مسحوق بهارات أو “حوائج الأربعينية”، فترشّها الأم على اللحم والطعام ليأكلها المرجوف ليلاً

أما “طاسة الرّجْفة” أو “طاسة الرّعبة” فيوضع فيها بعض الماء، وتُنجّم (توضح على سطح البيت أو شرفة المنزل مكشوفة للنجوم) في الليل لمدة سبع ليالي دون أن تتعرض لأشعة الشمس، وبعدها يشرب المرجوف هذا الماء المنجّم مع ذكر الله والتسمية والدعاء

ثم تشربها الحامل معتقدة أنها بذلك تحفظ جنينها، بينما تشربها العجائز كحرز يقيهن الأمراض والأرواح الشريرة، وأكدن أن ضعف الخدمات الطبية في المنطقة سبب رئيس في لجوئهن إلى طاسة الخلاص على الرغم من تحريم العلماء إياها

وأكدت أنها تحرص على أن تشرب بناتها خلال حملهن من طاسة الخلاص للبركة ولحفظ الأجنة في الأرحام من الأمراض وتقوية بنية الأم والطفل

فيما قالت الحجة  هاجر  أن الحامل  في الشهر السادس، تشرب من طاسة الخلاص على الدوام، فقد اعتادت الجدات على ذلك، وبدورها توارثت هذه العادة وستنقلها إلى بناتها مستقبلاً، مشيرة إلى أنها غير متأكدة من أن الطاسة فعلاً مفيدة في الحفظ من الأمراض، ولا تدري هل هي حلال أم حرام، تقول «عجائز المنطقة يؤكدن أنها مفيدة، و بزعمهم المتداول بينهن أن الحامل لو شربت من تلك الطاسة فإنها تنجب ولداً متديناً وصالحاً، كون أمه شربت من ماء الخلاص ونما جسده من خلال هذا الماء، كما يرين أنها تقي من العين والحسد"

 ذكر  الدكتور كنعان : " يعتبر الناس أن تقديم هدية مثل طاسة الرجفة شيئاً ذو قيمة كبيرة جداً ولا يقتصر استعمال طاسة الرجفة على الوسط الشعبي المسلم وتتضمن قائمة الأواني التي أجرى عليها الدكتور كنعان دراساته أواني مأخوذة من أسر مسيحية

وخلاصة القول   :

الخَوْف و الخَشْيَة هو الشعور الناجم عن الخطر أو التهديد ويحدث في أنواع معينة من الكائنات الحية، ويقوم  بدوره  بالتسبب  في  تغير  في  وظائف  العضوية ويفضي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك، مثل الهروب، الاختباء، أو التجمد تجاه الأحداث المؤلمة التي يتصورها الفرد

ومعالجة البيئة الحياتية ينطلق من أعماق النفس البشرية في معالجة الخلل الذي يعاني منه الإنسان بشكل عام» دون تحديد هويته وجغرافية وجوده ‏ من أجل بقاء النوع البشري» سليماً مُعافى    حُراً   ينزع   عنه لباس الجوع والخوف   ويحيا حياة كريمة دون وجل ومن حق  الإنسان  حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال،

ولأجل استمرارية الوجود دعا الإسلام إلى تعمير الأرض بما يُصلحها، وفي المقابل توعّد وأنذر من يُخلّ بالتوازن البيئي ويُفسد الحرث والنسل