• 14 كانون الثاني 2024
  • حكايات مقدسية

 

 بقلم : الباحث الشيخ مازن اهرام 

 

القدس وفلسطين والأقصى قضية محورية وعقدية، ينبغي على المسلمين والعالم أن يفقهوا دراسة تاريخ مدينة القدس بجميع أطيافها والعمل على إحيائها ودعمها بشتى الوسائل فالقدس لا تحتمل الهرطقات والإتْيَانُ بِالْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لأُصُولِ الحقائق الثابتة. فهي كالشمس في كبد السماء في وضح النهار لا يزيغ عنها إلا هالك

 يُطلق على مدينة القدس: "مدينة السلام"، ومدينة البركة ومدينة الطهر، وبيت المقدس، إن إعادة دراسة تاريخ القدس وفلسطين لما تُشكله من أهمية كبيرة في مواجهة دعاوى الغير ممن يدعون ثبوت حقوقًا لهم هنا وهناك في أرض فلسطين، أو يشككون في انتماء هذه البقعة المباركة لقاطنيها من أهلها فتاريخ فلسطين أمانة بين أيدينا وقضية ننافح عنها

أول آثار ثابتة لأناس استقروا في فلسطين، تعود إلى الكنعانيين والآموريين وهم قبائل عربية دخلوا فلسطين من جزيرة العرب، 

 وهذا سبب تسمية تلك الأراضي “أرض كنعان” في تاريخ المؤرخين وعند علماء الآثار اسم “فلسطين” قديمًا له جذور تاريخية عميقة.

 بدأت أولى الهجرات البشرية الهامة إلى فلسطين في بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، وهي هجرة الكنعانيين الذين عرفوا باسم الأماكن التي نزلوا فيها، وبعد فترة أصبحت هناك ثلاث لغات: الكنعانية والآرامية -لغة المسيح عليه السلام- والعربية، وظلت فلسطين تسمى أرض كنعان حتى عام 1200 ق. م حينما غزتها القبائل الكريتية.

الاسم مشتق من كلمة “بلشتيم” (Philistim)، والتي كانت تشير إلى الفلسطينيين الأصليين، وهم شعب قديم عاش في المنطقة. هذه المجموعة العرقية ذكرت في النصوص المصرية القديمة وفي العهد القديم من الكتاب المقدس، حيث كان يُطلق عليهم الفلستيين أو الفلستيين.

في العصور القديمة، كانت المنطقة تعرف بأسماء مختلفة بناءً على الحضارات التي سيطرت عليها أو اللغات المستخدمة. على سبيل المثال، في النصوص اليونانية والرومانية، كانت تُعرف المنطقة باسم “فلسطينا” (Palästina). مع مرور الوقت، أصبح اسم “فلسطين” متداولًا للإشارة إلى المنطقة بأكملها التي تشمل الأراضي التاريخية للشعب الفلسطيني.

ونتيجة ما يحصل على الساحة الفلسطينية نجد أن بعض الأقلام من الساسة والكتاب والإعلاميون تشير إلى مواقف يغلب عليها الزيف والخداع تصدر عن أبواق مأزومة مهزومة والصراع العربي - الإسرائيلي ينوف عن ٧٥ عاما حتى الآن فلا يغير أو يمحوا الثوابت والحقائق مهما طال عليها الزمن أو النسيان أصبح المُتلقي العربي   والأجنبي والمؤيد والمعارض واختلط الحابل بالنابل وتجسدت عدة روايات غابت عنهم أسفار تاريخ القدس وفلسطين فهي من أقدم المدن التي عرفها التاريخ. إنها ليست بنت قرن من القرون، أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها، من اليوم الذي سطر التاريخ فيه صحائفه الأولى إلى يومنا هذا

فلا يخفى على شاهد التاريخ أن يستقرأ تاريخها حاضرها وماضيها فأهلها أدرى بشعابها 

الدِعاية الحداثية قد نجحت في الاستثمار في هذا الفضاء النسبي المضطرب بل وَحَسَّنَتْهُ فِي النظر والحكم فهو حكاية ثَوْرِيَّةٌ تَقَدُّمِيَّةٌ على الأصول الفكرية والأخلاقية الرجعية، فمارس الإعلام دوره في إدارة صراع فكري منخفض الحدة يَتَظَاهَرُ بالحيادية في الطرح والتَّنَاوُلِ وقد بَيَّتَ النية! واختار القول الراجح قَبْلَ أَنْ يَنْظُرَ فِي أدلة المخالف   وإنما اقتضى الخداع والمكر أَنْ تُمَرَّرَ الفكرة في سِيَاقِ جدالٍ يَتَصَاعَدُ في مشهد 

الصراعِ آنف الذكر ناظراً لأطماعه ومصالحه  

نجد بعض الساسة يقتبس من سفر صموئيل الأول (إصحاح 15) 

فقد حمُل النص أكثر مما حُمل وطاش سهم التأويل عن هدفه وخاب ظنه  

اقتلوا رجالهم ونساءهم وأطفالهم..  يستعين مجددا باقتباسات من التوراة للتحريض على غزة العزة 

واقتبس في رسالته من (مزمور 3:18): “تُمَنْطِقُنِي بِقُوَّةٍ لِلْقِتَالِ. تَصْرَعُ تَحْتِي الْقَائِمِينَ عَلَيَّ”.

ثم قال في رسالته: “ليسمح الرب أن يوبخ أعداؤنا الذين قاموا علينا في وجوههم! فليحفظ القدوس المبارك جنودنا ويحفظهم من كل ضيق وضيق، ومن كل مرض وسقم، وليباركهم ويوفقهم في كل أعمالهم. ويزينهم بتاج الخلاص وتاج النصر”.

ذكر شعب عمليق في الكتب العبرية بوصفه شعباً معادياً، وقد عدَّهم بنو إسرائيل من أعدائهم: 

«فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كل ماله، ولا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً» 

لا تأخذكم الرحمة في العماليق الفلسطينيين!!"

العماليق في الرواية التوراتية: شعب من أقدم سكان سورية الجنوبية ومن ذرية عيسيو، وكانوا يقيمون في البدء قرب قادش جنوب غربي حمص. وكانوا ينتشرون في فلسطين عند مجيء العبرانيين من مصر. 

العماليق في اللغة 

كلمة عملاق في اللغة تعني الطويل، ويبدو أن قبائل العماليق كانت تتميز بشيء من الطول والجسامة، ويرى بعض المؤرخين الحديثين أن سكان الجزيرة العربية كانوا حتى عام 1600 قبل الهجرة ضخاماً، وبقي لهم أحفاد إلى ما بعد ذلك وعرفوا بهذا الاسم، وإن لم يكونوا يحملون ذلك القدر من الطول ولا يعمرون ما يعمر به أسلافهم.

لعل السائل يسأل من هم القوم الجبارين الذين كانوا يسكنون فلسطين؟

إنهم قوم الجبارين العمالقة هم الفلسطينيون الكنعانيون 

والعماليق قوم عرب لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي، وأن عمليق أول من تكلم العربية، فعاد وثمود والعماليق وأُميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب. والعماليق قوم عرب لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي، وأن عمليق أول من تكلم العربية، فعاد وثمود والعماليق وأُميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب. فقوم الجبارين العمالقة هم الفلسطينيون الكنعانيون

 ويرى الطبري أن جدهم عمليق هو أول من تكلم العربية، قال الطبري:

عمليق أبو العماليق، كلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان أهل المشرق وأهل عُمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم؛ ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم «الكنعانيون»، ومنهم كانت الفراعنة بمصر، الأموريين العماليق البدو.

وقال ابن خلدون في كتابه تاريخ ابن خلدون:

ومن العماليق أمة جاسم، فمنهم بنو لف وبنو هزان وبنو مطر وبنو الأزرق وبنو الأرقم، ومنهم بديل وراحل وظفار، ومنهم الكنعانيون وبرابرة الشام وفراعنة مصر.

العماليق في القرآن الكريم: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ٢٢﴾ (المائدة، الآية 22)، وأصل الجبار: المتعظم الممتنع عن القهر، يقال: نخلة جبارة إذا كانت طويلة ممتنعة عن وصول الأيدي إليها، وسمي أولئك القوم جبارين لامتناعهم بطولهم وقوة أجسادهم، وكانوا من العمالقة وبقية قوم عاد

لا مندوحة في الاسم فقد أطلق عليها الكنعانيون -وهم عرب - اسم (هزاني) وهو أصل كل التسميات، وتعني المدينة المنيعة والعزيزة والحصين وقيل من معانيها القوة والمنعة والمخزن والكنز وما يدخر، او من العزة بمعنى القوة والثبات ومن أشهر اسمائها الكنوز واذا اشتق الاسم من الفعل غزا يغزو فالغزاة هم الرماة بالنشاب (وحديثا بالصواريخ). وقد سماها العرب غزة هاشم نسبة لهاشم بن عبد مناف جد الرسول الاعظم صلوات الله وسلامه عليه حيث مات ودفن فيها في طريق عودته من تجارة الى الحجاز، وهي مسقط راس الامام الشافعي رضي الله عنه 

فقد صدق فيهم قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم

(لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم الا ما اصابهم من لأواء فهم كالإناء بين الاكلة حتى يأتيهم امر الله وهم كذلك. قالوا يا رسول الله واين هم؟ 

قال ببيت المقدس واكناف بيت المقدس صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث: (لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ، إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ) (رواه أحمد والنسائي)