• 28 كانون الثاني 2021
  • حارات مقدسية

 

 بقلم : الباحث الشيخ مزن اهرام

 

حكاية اليوم هي عن حارة مقدسية عريقة يعرفها القاصي والداني انها حارة باب الساهرة وهذا الاسم هو الاسم العربي الإسلامي لباب الساهرة احد أبواب سور القدس . وهو باب صغير متواضع، لكنه يتمتع بثراء زخرفي واضح حيث يوجد بالقرب من الباب حي عربي يدعى باب الساهرة. يقع في الحائط الشمالي للسور. إلى الشرق من باب العمود، ويؤدي إلى حارة السعدية وحارة باب حطة.

 والساهرة تعنى المكان المنبسط الفسيح، وكان مغلقاً حتى سنة 1875م . وحول اسم "الساهرة" أوضح الكتاب إنه جاء فى كتاب "غريب القرآن" لأبى بكر السجستانى، أن الساهرة وجه الأرض، وسميت ساهرة لأن فيها سهرهم وقومهم، وأصلها مسهورة.

وقيل أيضًا أن الساهرة أرض القيامة، وفى حديث "ابن عمر" أن أرض المحشر تسمى، وأن أصل الساهرة الغلا ووجه الأرض. فيما قيل أيضًا أن الساهرة هي الأرض العريضة المنبسطة.

قال عارف العارف في وصف مقبرة الساهرة أنها تبعد بضعة أمتار عن الباب المعروف بباب الساهرة، عند سور المدينة من الشمال، وهي من المقابر الإسلامية الكبيرة، قديمة العهد؛ ذكرها عبد الغني النابلسي في رحلته، وقال: إنها تشتمل على قبور عدد كبير من الصالحين، وإنها واقعة فوق الزاوية الأدهمية؛ وأيضاً ذكرها مجير الدين في الأنس الجليل، فقال عنها: إنها البقيع الذي إلى جانب طور زيتا من جهة الغرب؛ وروي عن إبراهيم بن عبلة قوله: أنها هي التي أشير إليها في القرآن الكريم عند قول الله تعالى : فإذا هم بالساهرة. كان الناس يسمونها فيما مضى بـمقبرة المجاهدين.

الزاهرة هو تحوير لاسم "الساهرة" نظرًا إلى التل والمقبرة بالقرب من باب الزاهرة، حيث دفن الناس الذين أقاموا الحج إلى مكة المكرمة. كما ويوجد تفسير آخر في سورة النازعات،

) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ((14) آية  من القرآن حيث يتحدث عن يوم القيامة باستخدام عبارة أنهم سيعودون إلى سطح الأرض (" ساهرة")، ويوجد تفسير قديم يشرح أن هذا المصطلح هو الاسم الصحيح لوادي أو سهل. المعنى الآخر لـ "الساهرة"، مأخوذ كفعل، وهو "أن يكون متيقظًا". أصبح اسم "الساهرة"، الذي تغير إلى "الزاهرة"، "الزهرة" على بعض من الخرائط من القرن التاسع عشر والعشرين

وقد حرفت بالعامية فاصبحت زاهرة، والعامرة بالحياة ومباهجها ، والذي تم تجديده وتوسيعه في حقب تاريخية متأخرة من عثمانية وانتداب بريطاني  او كما يسميه الكثيرون من المؤرخين الاحتلال البريطاني .

 ويمكن معاينة فتحة منكسرة يعلوها منطار دفاعي واشكال من العقود المروحية واقواس مدببة وعقد متقاطع كناية عن العقد الصليبي اي على شاكلة صليب

 

 

 

 

 

 

 

في الوقت الذي بنى فيه السلطان سليمان القانوني أسوار المدينة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، كان هناك بابٌ صغير موجود في الجدار الشرقي للسور، والذي كان نادراً ما يتم فتحه. في السابق، كانت المنطقة السكنية داخل هذا الباب تُعرف باسم بيزيثا (التي ترجمت إلى "المدينة الجديدة")، وبحلول عام 1875، من أجل توفير ممر إلى الأحياء الجديدة التي بدأت في التطور شمال المدينة القديمة، فتح العثمانيون بابًا جديدًا في الجدار الأمامي من السور، الذي يواجه شارع السلطان سليمان ن. توفيراً لسهولة الوصول، وتم إغلاق الباب الأصلي. في عام 1998 وفي السنين اللاحقة (أحدثها في سنة 2004)، أجرى علماء الآثار من سلطة الاثار الاسرائيلية  ة في المنطقة الشرقية من باب الساهرة تنقيبات أثرية. ركز الحفر على ثلاث مناطق منفصلة مجاورة للجدار، وتم اكتشاف تسعة طبقات أثرية من العصر الحديدي ي وحتى الفترة العثمانية. من بين أهم الاكتشافات هي الهياكل وتعدُ جزء كاملاً من الجدار البيزنطي الروماني وتم ايضاً ايجاد بقايا بناءٍ هائل تحت الجدار. تم تحديد هذه البقايا كأجزاء من حصن من العصور الإسلامية القديمة ومن العصور الوسطى. تشير الروايات التاريخية إلى أنه في عام 1099م، دخل الجيش الصليبي تحت قيادة غودفري المدينة من خلال خرق من الجهة الشرقية من باب الساهرة الحالي.

أجمع علماء الآثار ، على أن السور الحالى لمدينة القدس ، هو السور الرابع من تاريخ إقامة أسوار لهذه المدينة . والأسوار فى صورتها الحالية تعود إلى أيام السلطان العثمانى "سليمان الكبير" . حوالى سنة 1542م ، ومتوسط ارتفاعها حوالى 12 متراً ، وطول السور حوالى 4 كيلومترات ، وتواجه جوانبها الأربعة الجهات الأصلية للبوصلة تقريباً ، ورتابة السور يقطعها 34 برجاً وثمانية أبواب ما يلفت انتباه زوار القدس لباب الساهرة هو ثراؤه التاريخي، رغم صغر حجمه، حينما يقارن مع باب العمود أو باب الأسباط، لكن تاريخ إعادة بنائه ثابت إلى زمن السلطان العثماني سليمان القانوني. يتم العبور عبر الباب من خلال فتحة مدخل صغير، يعلوها عقد مدبب، وبينهما لوحة تخلو من النقش المعتاد، ووظيفتها زخرفية هنا. هذا المدخل يفضي إلى دَرْكَاهْ (أي ممر) يغطيها قبو مروحي، ثم يؤدي إلى ممر ينعطف إلى جهة اليسار ثم ينفذ إلى داخل المدينة.

تخطيط الباب

واتجاه الاستطراق الحالي لباب الساهرة حديث العهد ويعود إلى بداية القرن العشرين، حيث أن اصل الاستطراق يقع في الجهة الشرقية وذلك تحقيقا لاسلوب بناء مداخل الاسوار في العصور الوسطى، أي ضرورة وجود الممر المنكسر او الزاوية القائمة وهذا غير موجود حاليا لان الدخول للباب يتم اليوم بصورة مستقيمة. ونسيج الباب مكون من فتحة مدخل صغيره يعلوها عقد مدبب وبينهما لوحة تخلو من النقش المعتاد، وانما وظيفتها زخرفية هنا،  ويؤدي المدخل إلى دركاة يغطيها قبو مروحي. ثم يؤدي إلى ممر ينعطف إلى جهة اليسار ثم ينفذ إلى داخل المدينة.

تخطيط الباب

ويؤكد "الدكتور يوسف النتشة" أن هذه زخرفة إسلامية أصيلة، من أصول الزخارف الهندسية للفن الإسلامي، ولا علاقة لها بما يشاع أو يحاول البعض ربطه مع شعار "إسرائيل اليوم"، ولا صحة إطلاقا لما حاول البعض تفسيره على أنه طلسم أو شعار لسليمان القانوني، "لأنه لو كان الأمر كذلك لوضعت هذه الإشارة أو الزخرفة على باب العامود أو غيرها من الأبواب، وليس على واجهة داخلية متواضعة، وعليه فهذه الزخرفة إسلامية بحتة".

ويوضح أن التوجه نحو الشرق يمنح الزائر فرصة مشاهدة الانحدار (الخندق) الذي كان يحيط بجدار السور الشمالي، حيث تنخفض الأرضية بشكل ملحوظ، وعند التوقف عند البرج المقابل للمدرسة الرشيدية، يتأكد هذا الانحدار، ويظهر للمشاهد كيف أن الأرضية المحيطة بهذا البرج قد ارتفعت كثيرا منذ سنوات تأسيس السور، "فهذا البرج  وزخارفه الجميلة على مستوى نظر المشاهد، وكذلك اللوحة الكتابية، في حين أنها في أماكن أخرى في السور مرتفعة بشكل ملفت للنظر".

ويقول "الدكتور يوسف النتشة" إن من لديه رغبة وولع، فإنه سيتمكن من استقراء اللوحة الكتابية المنقوشة بخط الثلث العثماني، وكذلك العناصر الزخرفية للدوائر الحجرية، وللأوراق الثلاثية الفصوص، والمتابعة لعدة أمتار أخرى شرقا، توصل إلى الزاوية الشمالية الشرقية لسور القدس والبلدة القديمة، حيث برج اللقلق:

يقع في الزاوية الشماليه الشرقية لسور القدس مقابل المتحف الفلسطيني (روكفلر)، يبدو أنّه يرجع إلى التحصينات التي شادها الأيوبيون في سور مدينة القدس إثر تحرير صلاح الدين اللأيوبي للمدينة في عام (583 هـ/ 1187م).  وقد أعيد بناؤه ضمن مشروع السلطان العثماني (سليمان القانوني) لتجديد سور القدس في سنة (947هـ/ 1540م) (كما يفيد نقش التجديد الحجري المعلق في سور القدس أسفل البرج

ولا يختلف هذا البرج وظيفياً ومعمارياً عن برج الكبريت؛ إلّا أنّه يتألف من طبقتين، يتوصل إليهما عبر مدخل غربي صغير وبسيط، يقود إلى ممر منكسر ومستطيل الشكل ومغطى بسقف أشبه بقبو نصف برميلي، كما تتصف جدران الطبقة الأولى بالضخامة، كي تتناسب مع حجارة الجدران الشمالية، والشرقية، والجنوبية لها؛ إذ إنها تشكل أقساماً من سور القدس؛ ناهيك عن أنها تقوم بمهمة الدفاع عن المدينة من الجهة الأكثر انفتاحاً على ما حولها. وهناك قاعة صغيرة تشبه الإيوان ضمن هذه الطبقة المغطاة جلها بقبو متقاطع.  ويقود إلى الطبقة الثانية سلم حجري يقابل المدخل. وهناك ممر علوي يقود إلى سور المدينة نفسه، يشاركه الدوران حول المدينة، هنا نجد أن المعالم تنسجم داخل سور المدينة وخارجها  ونذكر بعضاً منها

ومن أهم المعالم  داخل باب الساهره :

 زاوية الهنود :

 واقعة تجاه   باب الساهرة  أسسها  بابا  فريد شكر كنج  من مسلمي الهند  وكان ذلك  في أواسط  القرن  السادس للميلاد  وذكرها مجير الدين   فقال إنها قديمة  العهد  كانت  بادئ ذي بدء  مخصصة  لفقراء الطريقة الرفاعية  ثم راح الهنود  ينزلون  بها  وللزاوية أملاك  موقوفة  بباب حطة  ولقد تبرع  لهذه  الزاوية  بعض أغنياء  الهنود  فأضافوا  إليها بعض العمارات  الجديدة . 

مقام الشيخ مكي :

 ويقع في باب الساهرة  ويعود الى عبد السلام  بن الحسين  بن القاسم بن الأنصاري  الرملي الشافعي  ألحافظي  واحد من السادات الشافعية  القرن الخامس الهجري  القرن الحادي عشر الميلادي وكان مولده سنة 432هـ/1038م. و مات سنة492هـ

حارة السعدية

 إحدى حارات البلدة القديمة لمدينة القدس وتقع داخل أسوارها بين بابي الساهرة والعامود، وبالقرب من المسجد الأقصى المبارك، يحدها من الشمال سور القدس الذي أنشأه السلطان العثماني سليمان القانوني ومن الشرق عقبتا الشيخ شداد والبسطامي ضمن منطقة باب حَطَّة، ومن الجنوب النَّزُل النمساوي، ومن الغرب سويقة باب العامود

سميت بهذا الاسم نسبة إلى سكانها وهم من بني سعد أو السعديين إحدى القبائل التي جاءت مع الفاتح صلاح الدين الأيوبي لاستعادة القدس من أيدي الفرنجة الصليبيين، وهي من الحارات التي ماتزال تحافظ على تراثها المعماري الإسلامي

برج لقلق

 هو برج يقع في البلدة القديمة في القدس، بُني في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني عام 945/1538-1539 كما يستدل من النقش الكتابي على الوجه الشرقي من البرج. ومن الممكن أن أساس هذا البرج قديم إلا أن سماته المعمارية الحالية عثمانية.

إن بناء البرج يأتي ضمن المشروع الصلاحي -صلاح الدين الأيوبي- لتحصين مدينة القدس في 587 هجري- 1187م، وأنه يُطل على أماكن حساسة، كانت تشكل نقطة ضعف في سور المدينة، وبالتالي الوظيفة المعمارية للبرج كانت للحماية والتحصين

و أن البرج يُطل على عدة أماكن هامة، وهي المتحف الفلسطيني الذي يعرف اليوم بـ"روكفلر"، وعلى منطقة كانت تسمى قديما بسوق الجمعة، الذي كان يختص ببيع الأغنام والمواشي، وكذلك على المقبرة اليوسفية

وعلى أرض البرج والمساحة الممتدة داخل البلدة القديمة يقع مركز برج اللقلق، إذ تصل مساحته إلى 9 دونمات. تكون البرج من طابقين يتم الوصول إليهما عبر مدخل صغير بسيط التكوين من جهة الغرب، ويتشكل الطابق الأول من غرفة شبه مربعة جدرانها الشمالية والشرقية والجنوبية جزء من سور المدينة، وفيها طاقات طولية الشكل لغايات الرماية.

المدرسة الرشيدية :

 تعتبر بحق ام المدارس الحكومية في فلسطين بدون منازع ومنارة علمية شامخة في مدينة القدس وهي من المدارس الحكومية الاولى والقلائل بالوطن العربي مرت بأربع مراحل تاريخية وخرجت من تحت سقفها ثلاثة اجيال على التوالي فالطالب الذي على مقاعدها هذه الايام كان قبله على نفس المقعد والد جده فهي بحق تاريخ تربوي وتعليمي وسياسي بامتياز.

تقع الرشيدية في مدينة القدس خارج اسوارها وبلدتها القديمة من الجهة الشمالية مقابل باب الساهرة ( الزهور )على شارع سليمان القانوني ومن خلفها متحف روكفلر ومن جهتها الشمالية الغربية فندق الراضي المقدسة على مساحة ارض تقدر بعشرة دونمات.

بدء البناء في المدرسة الرشيدية عام 1903 ميلادية في زمن السلطان عبد الحميد الثاني وينسب تسميتها الى متصرف القدس العثماني احمد رشيد بيك ولذا سميت بالرشيدية وانتهى العمل ببنائها الجميل سنة 1906 وهي البداية التاريخية الاولى للمدرسة ومسيرتها التعليمية وهذا ما يثبته حجر السارية المثبت على واجهة المبنى الامامي ، ومن الجدير ذكره أن الأرض المقام  عليها المدرسة وقف  يعود  إلى قبة الصخرة المشرفة

المتحف الفلسطيني:

ان مبنى هذا المتحف من معالم مدينة القدس البارزة، فبرج  المتحف الحجري السداسي يلفت النظر من مسافات بعيدة ومن علو، خاصة وان المتحف انشئ على تلة، وعلى بقعة ارض كانت ولا تزال تعرف بكرم الشيخ محمد الخليلي، حيث لا تزال معالم قصره  المكون من طابقين ماثلة وقائمة. وطراز هذا القصر يمثل أصدق تمثيل طرز العمارة العثمانية المحلية التقليدية التي سادت في القدس وفلسطين منذ نصف اوائل القرن السابع عشر واستمرت حتى دخول التأثيرات والتيارات البنائية الحديثة.

يعرف المتحف باسم متحف اثار فلسطين ايضا، ومشهور في الكتابات الغربية بمتحف روكفلر، على اسم الثري الامريكي جون روكفلر، الذي تبرع بمبلغ 2 مليون دولار لانشاء المتحف وذلك في اواخر العقد الثاني من القرن العشرين. واسس المتحف ليضم ما اكتشف وما سيكشف عنه من آثار فلسطين.

رغم ان مقتنيات المتحف ليست من الاهتمامات المباشرة لهذا الدليل، الا ان الكاتب يشجع كثيرا على زيارة مجموعات المتحف، وعلى تأمل المبنى من الداخل، لان التعرف على المبنى لن يكتمل الا بمشاهدة الداخل والخارج.  علاوة على ان مجموعات المتحف هامة جدا وغنية، كان فيها بعض من لفائف خربة قمران، لكن نقلت لاحقا بعد عام 1967 الى المتحف الاسرائيلي وهذه تعتبر من اهم مكتشفات القرن العشرين. ولا يزال في المتحف مجموعة كبيرة من حشوات خشبية من المسجد الاقصى المبارك على سبيل الاعارة المؤقتة، و كانت هذه الحشوات تغطى سقف الجامع الاقصى. وفي المتحف اعتاب حجرية منقوشة من مدخل كنيسة القيامة، اضافة الى مكتشفات هامة من مجدو، وعسقلان والقدس ولخيش وغيرها من المواقع.

صمم مبنى المتحف المهندس البريطاني، اوستين سانت بارب هاريسون (1891-1976)، الذي درس العمارة الاسلامية والبيزنطية.  وقد اعجب بالعمارة الاسلامية كثيرا، وعين في منصب المهندس المعماري الرئيسي لدائرة الاعمال العامة لحكومة الانتداب البريطاني. وسكن هاريسون في القدس في بيت عربي في حي الثوري. وامتاز اسلوب هاريسون في تصميمه لمبنى المتحف وفي معظم بناياته، والتي كان منها مبنى قصر المندوب السامي البريطاني(حاليا مقر هئية الامم المتحدة)، وكان للبلاط الارمني مكان مرموق في الزخرفة والتصميم بتوقيع الفنان دافيد اوهانسيان (1884-1952). ومبنى المتحف في الواقع هو متحف معماري يظهر التيارات الواردة الى القدس وفي نفس الوقت يظهر اثر العمارة المحلية

قصر الشيخ محمد  الخليلي

في العقد الأوّل من القرن الثامن عشر، حمل الشيخ محمد الخليلي، مفتي القدس الشافعي، شتلة لشجرة صنوبر، من مدينة الخليل التي ينحدر منها، إلى القدس، ليزرعها أمام مصيفه الذي بناه خارج أسوار بلدة القدس القديمة، وتقول الحكاية، ربما لإضفاء أسطورة عليها، بان الخليلي، وهو شخصية مهمة في تاريخ القدس في تلك الحقبة، حمل الشتلة في عمامته. وتولاها بالرعاية، فكان يتوضأ تحتها.

في عام 1711 بنى الخليل قصره الصيفي في الكرم الذي يحمل اسمه (كرم الشيخ) قبالة باب الساهرة، وسيعرف، حتى الان، بقصر الشيخ، وهو مكون من طابقين، في الاسفل معصرة زيتون، وفي الاعلى قصر الشيخ.

لا نعلم اذا كان الشيخ، يشعر بالخطوة "الثورية" التي خطاها ببناء قصره في هذا المكان الذي ظل يحتفظ بطابعه الريفي، طوال قرون، بينما كانت القدس قابلة بقدرها خلف الاسوار.

في كرم الشيخ، عسكر قسم من الجيش الصليبي، بقيادة غودفري، ودخل إلى القدس يوم 15 تموز 1099، حيث ارتكبوا في المدينة، وفقا لمرويات صليبية، المجزرة المهولة. ولوّ صدقنا ما كتبوه، لكانت أبشع المجازر على مدى العصور. واحتفالا بانتصارهم، نحت صليبيو القدس، نَصّبا حجريا عليه الصليب كشعار. هذا النصب يمكن تبينه في بعض الخرائط القديمة، وكان الصليبيون يحتفلون، بانتصارهم، في المكان في 15 تموز من كل عام. لم يعثر على هذا النَصّب، الذي يُعتقد بان المسلمين حطموه سنة 1187م.

أعيان القدس بنوا قصورهم الصيفية، على قمم التلال، ولم يكن هناك أكثر من كرم الشيخ، مكانا، ليبني عليه الخليلي قصره، حيث بالإمكان الاطلال على المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وجبل الزيتون، والشيخ جراح، ووادي الجوز. بالطبع كانت المنطقة خالية من البنايات، وليس كما هو الحال الان.

اسم اخر أُطلق على قصر الشيخ، وهو قلعة الشيخ، بسبب طريقة البناء التي كانت تأخذ بالاعتبار المسائل الأمنية. والتي تضمنت بناء سور مرتفع يحيط بالقصر والكرم.

حكاية قصر الشيخ، طويلة، وذات أبعاد درامية، ومن تفاصيلها شجرة الصنوبر، التي اعجبت ولي العهد البريطاني الذي لم يجد افضل منها عندما زار القدس عام 1862، ليعسكر تحتها. هذا الامير هو مَن سيصبح لاحقا الملك ادوارد السابع.

كتبت السيدة فن، زوجة القنصل البريطاني في تلك الفترة: "اقترح آنذاك، انه من الافضل للأمير نصب خيامه قرب المدينة، واقترح الباشا بان تنصب الخيام تحت شجرة الصنوبر الكبيرة، حيث نصب غودفري من بويوف خيامه زمن حصار الصليبيين للقدس، تم ذلك ورفض الأمير جميع الاقتراحات بالإقامة داخل القدس".

وعلى درب ولي العهد، والملك لاحقا، نصب في سنة 1865 الامير آرثر معسكره في المكان. لم يبق القصر معزولا، وشجرة الصنوبر الكبيرة وحيدة. في نهاية القرن التاسع عشر، بنيت بالقرب منه، المدرسة الرشيدية، وبعد عدة سنوات، شُيدت أولى بنايات ما سيعرف بحي الساهرة.

في عام 1906سعت الحركة الصهيونية، من خلال الصندوق القومي اليهودي، للاستيلاء على المكان، وكان هدف الحركة الصهيونية، إقامة معهد (بتسالئيل) للفنون، وحلم مؤسس هذا المعهد بوريس شاتس، بإقامته مع جامعة عبرية مكان كرم الشيخ، لكن الحلم الصهيوني تأجل.

لاحقا، بُني في كرم الشيخ ومساحته 32 دونما، بعد شرائه من ورثة الشيخ الخليلي، متحف الاثار الفلسطيني (متحف روكفلر)، عام 1935، وافتتح للزوار عام 1938م، وتم الابقاء على قصر الشيخ، وعلى شجرة الصنوبر الضخمة، التي شهدت على التغيرات التي عصفت بالمكان، وبالأراضي المقدسة، وظلت تقاوم حتى عام 1988، عندما ماتت، فتقرر قطعها. وعندما يمرّ البعض من كبار السن، قرب قصر الشيخ، يتذكرونها بألم وحسرة.

مقبرة المجاهدين

وتعتبر مقبرة المجاهدين إحدى أشهر المقابر الإسلامية التاريخية في القدس، وتقع تحديدًا عند السور الشمالى للمسجد الأقصى المبارك، وهى قديمة العهد.

وبحسب كتاب "‏المفصّل في تاريخ القدس" لعارف العارف، فإن المقابر الواقعة شمال سور مدينة القدس الشمالية، على بعد بضعة أمتار من باب الساهرة، من أكبر المقابر الإسلامية قديمة العهد، ويوضح الكتاب، إن "النابلسى" فى رحلته قال "إنها تشتمل على قبور عدد كبير من الصالحين، وإنها واقعة فوق الزواية الأدهمية، وذكرها أيضا مجير الدين الحنبلى فى تاريخه، فقال عنها "إنها البقيع الذى إلى جانب طور زيتا من جانب الغرب، فيما أرجع إبراهيم بن أبى عيلة، إنها المشار إليها فى القرآن الكريم بقوله تعاله "فإذا هم بالساهرة".

وأكد الكاتب أن من أسمائها "مقبرة المجاهدين" وذلك لأن المجاهدين الذين اشتركوا فى فتح القدس مع صلاح الدين وقضوا نحبهم أثناء الفتح، قد دفنوا فيها، ولا يزال يدفنون فيها إلى الآن (1947).

مغارة الكتان او مغارة سليمان في مدينة القدس

مغارة الكتان كما وصفها مجير الدين الحنبلي قاضي القدس  او (مغارة سليمان) هو الاسم الذي تقدم فيه بلدية القدس والجهات الإسرائيلية وعلماء آثار أجانب من المدرسة التوراتية الاثرية ويحيط الكثير من الغموض تاريخ هذه المغارة … التي تبلغ مساحتها تسعة آلاف متر مربع … وطولها المكتشف يقترب من الـ 250 مترا … واعلى ارتفاع لها يصل إلى 50 مترا …إن مجير الدين الحنبلي قاضي القدس في العصر المملوكي …الذي كتب كتابا أرخ فيه لمدينتي القدس والخليل قبل 500 عام  قصد هذه المغارة عندما أشار إلى اسمها بمغارة الكتان … حيث كان تسمى بمغارة الكتان أيضا والمغارة عبارة عن مقلع صخري كان يُستخرج ويُقطع منه الحجارة للبناء

الزاوية الأدهمية

تقع بين  باب الساهرة وباب العامود  على بعد مئتي  متر منه  إلى الشمال  ويعتقد  البحاثة  الأثري  كلير  مان  غانوا  أنها  مغارة  أرميا  النبي 

تقع هذه الزاوية خارج سور البلدة القديمة بين باب العمود وباب الساهرة، قرب محطة الباصات، على حدود مقبرة باب الساهرة الجنوبية. ويمكن الاستدلال على الموقع من منارتي المسجد الحالي. ومن المفارقات ان اغلب مرافق الزاوية قد درست، واغلب ما يوجد اليوم عمارة حديثة، وان كان يلمح بقايا من عمارة مملوكية في الغرفة التي تعلو مدخل المغارة. ولها أوقاف كثيرة في صفد، والرملة، وغزة، والقدس، وبيت صفافا، وغيرها. وهي زاوية لفقراء الأدهمية، من أتباع الزاهد إبراهيم بن أدهم. وفيها قبور جماعة من الصالحين، فقد دفن فيها عدد ممن تولوا مشيختها من آل الأدهمي، من أمثال الشيخ داود بن بدر الأدهمي المتوفى في سنة 777هـ/1375م، والشيخ صامت الأدهمي المتوفى في سنة 807هـ/1402م. وهي عبارة عن كهف كبير جداً، ويقع أسفل مقبرة باب الساهرة. وهو كهف مرتفع، غير منتظم الشكل. وقد أقيم بقربه مسجد حديث مستطيل الشكل، يعرف بمسجد الأدهمية 

مؤسس الزاوية ومنشئ وقفها الامير المملوكي منجك السيفي، مؤسس المدرسة المنجكية «دائرة الاوقاف العامة اليوم»، وكان منجك نائب الشام في حوالي سنة 760/1358. وكان للزاوية وقف سخي كبير وتولى مشيخة هذه الزاوية مجموعة من الاعلام اشهرهم داود بن بدر الادهمي(ت807/1404)، حيث عرفت به.

كهف الادهمية

ويجاور الزاوية كهف كبير (مغارة) تستحق الزيارة، ذكرها المؤرخ مجير الدين الحنبلي في كتابه الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل متندرا قائلا: «احياء تحت اموات»، والمقصود ان من يوجد في المغارة هم تحت قبور واموات مقبرة الساهرة او مقبرة المجاهدين، وذكرها ايضا الرحالة النابلسي في اثناء زيارته للقدس في القرن الثامن عشر. الزاوية لا تزال عامرة ونشطة خاصة مسجدها الذي ضمت اليه مرافق عديدة (متوضأ كبير وروضة اطفال) وتُوسع في مساحته في الآونة الاخيرة ورممت مئذنته القديمة وبني فيه مئذنة جديدة