- 30 أيلول 2025
- حارات مقدسية
بقلم : الشيخ الباحث مارن اهرام
عندما يسير العابر في مدينة القدس القديمة عبر أغوار التاريخ يتنفس رائحة الماضي تأخذه الدهشة عندما يرفع بصره إلى تلك الشُرفات والمشربيات التي تحمل سِمة وجماليات العمارة الإسلامية لعدد قليل من المباني التي ما زالت شامخة فالقدس ليست بعيدة عن بقية البلاد الإسلامية العريقة في الفترات العباسية و المملوكية والعثمانية كذلك نجد المشربيات في مكة والمدينة واليمن ومصر ودول الخليج وفي بيوت الشام القديمة تبقى المشربيات في مدينة القدس، لها لون خاص ونكهة مميزة لخصوصية العوائل المقدسية والتي تميزت بها العمارة التقليدية في البلدة القديمة، هي نوافذ خشبية بارزة ومزخرفة كانت توفر خصوصية للنساء وتخفف من حدة الضوء والحرارة، ورغم أن استخدامها اندثر بشكل كبير، إلا أن بعض المنازل التاريخية لا تزال تحتفظ بها كجزء من إرث المدينة المعماري والاجتماعي.
المشربيات في القدس
الوجود التاريخي:اشتهرت العمارة التقليدية في القدس بالمشربيات الخشبية، خاصة في أسواقها القديمة ومنازلها، وكانت هذه المشربيات تشكل جزءاً مهماً من نسيجها العمراني ما زالت المشربيات تُستخدم في المساجد وبعض القصور والفنادق كعنصر معماري تقليدي يعكس عبق التاريخ وروح المدينة. وأحيناً تُدلي سيدة البيت سلتها المقششة بواسطة حبل لتستعين ببعض حاجات البيت من بعض الفواكه والخضروات من الحانوت الذي سُفل بيتها
تاريخها : تعود المشربيات إلى ما قبل القرن السادس الهجري (11م) واشتهرت في بعض البلاد لبراعتها وتفردها في النجارة الإسلامية والمشغولات الخشبية، لا سيما الأعمال التي استخدمت فيها أخشاب الخرط الدقيقة الصنع، وغلب عليها الطابع الإسلامي، حتى وصل قمة روعته خلال العصر العثماني.
هذه الميزات أتاحت للنساء أن يرين الشارع من نوافذهن دون أن يلمحهن أحد. ومن ناحية أخرى توفر المشربية الظل داخل المنزل بدون إغلاق كامل للنافذة؛ فتحافظ على حركة الهواء مما يساعد على تخفيف درجة الحرارة في الصيف. وفن المشربيات فن اقتصادي للغاية، فطريقة الخَرْط نفسها تقوم على توظيف القطع الصغيرة من الخشب.
المشربيات هي إحدى أهم ألوان الفن المعماري الإسلامي المميزة، ظهرت مع بدايات العصر العباسي بالقرن السادس الهجري – الثالث عشر الميلادي
ويرجع سبب تسميتها بالـ “المشربية" إلى كلمة "مشرب" بمعنى الغرف العالية، أو المكان الذي يُشرب منه الماء، حيث كان يوضع خارج المشربيات الأواني الفخارية الخاصة بالشرب، ويعتقد البعض أنها سُميت بالـ"المشرفية"، وذلك لأن نساء أهل البيت كانوا يطلون على الطريق منها ثم حُرفت إلى المشربية، ويرجح البعض سبب التسمية إلى خشب "المشرب" أحد أنواع الخشب الذي صُنعت منه المشربيات
وعرفت أيضاً في بعض الدول الإسلامية باسم الروشان أو الروشن وهي تعريب للكلمة الفارسية (روزن) والتي تعني الكوة أو النافذة أو الشرفة.
يعتبر الكثيرون أن المشربيات هي تعبير عن قمة إبداع الهندسة فى العصر الإسلامي، والسبب يرجع إلى أن المهندسين المسلمين استطاعوا تطويع واستخدام العديد من قوانين الفيزياء والمناخ وكذلك مراعاة الخصوصيات الثقافية المرتبطة بالبيت المسلم. استخدامها جميعاً في تصميم المشربية، للمشربيات فوائد عديدة، بالإضافة لتأثيرها الجمالي والفيزيائي، وفرت المشربية الخصوصية للسكان مع السماح لهم في الوقت ذاته بالنظر إلى الخارج من خلالها خاصة مع ظهور المشربية ذات الجزأين، كما اعطت المشربية بعداً نفسياً مريح حيث يشعر المقيم أنه غير منفصل عن الخارج وفي الوقت ذاته مستمتع بخصوصيته.
ويجدر بنا التعريف بالمشربية ونوافذ الزجاج المعشق كمظهر من مظاهر العمارة الإسلامية جاء متوافقاً مع الظروف المختلفة للمجتمع المقدسي فالمقصود بالمشربية ذلك الجزء البارز عن سمت حوائط جدران المباني التي تُطل على الشارع أو على الفناء للمنازل بغرض زيادة مساحة البيوت وإفساح نفاذ الضوء والهواء
فإن الشكل لم يختلف إلا في بعض الجزيئات البسيطة التي أضافت على شكل المشربية طابعاً مميزاً وخاصاً في بيوت المقدسيين بوحدة التنوع في النمط الفني المعماري
ظهرت صناعة المشربيات في القرن السادس عشر الهجري / الثالث عشر الميلادي إبان العصر العباسي وقد بلغت ذروة ازدهارها في العصر العثماني لثقافة الحرملك والز لملك واستمر استخدامها حتى أوائل القرن العشرين الميلادي وأُطلق اسم المشربية لوجود صلة وثيقة بين هذا الجزء من المبنى وبين أواني الشراب (القلل الفخارية) التي كانت توضع على قاعدة المشربية ويًبرد الماء بها ُ
ومن أهم المشربيات القائمة في بيت المقدس
مشربية دار المفتي الحاج آمين الحسيني ومشربية عائلة قطينة الحنبلية
ومشربية عائلة النشاشيبي الحنبلية ومشربية دار المملوك ومشربية عائلة الشهابي ومشربية عائلة الكشميري ومشربية عائلة القزاز ومشربية المدرسة الطازية وهنالك العديد من المشربيات التي سادت ثم بادت في حارة الشرف في حي المغارة ...