• 27 حزيران 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم: داود كُتّاب

قبل 24 عام وعندما كنت مسؤولا عن محطة تلفزة صغيرة في جامعة القدس قررنا بث جلسة المجلس التشريعي التي كانت مخصصة لبحث الفساد في السلطة الفلسطينية.  البث ازعج المقربين  من الرئيس ياسر عرفات  لدرجة انه تم اعتقالي وسجني لمدة اسبوع بدون اي توضيح.

تذكرت هذا الأمر بعد اعتقال نزار بنات وهو ناشط معارض للرئيس محمود عباس يوم الخميس من قبل الأمن الفلسطيني وقد توفي اثناء الاعتقال.

 الشرطة الفلسطينية  داهمت منزل بنات في الخليل حيث كان يعتقد أنه سيكون في أمان من بطش قوات الامن الفلسطينية رغم  انه اطلاق النار على منزله بعد أن انتقد قرار عباس في 29 نيسان إلغاء انتخابات المجلس التشريعي. تلك الانتخابات لم تجرى في فلسطين منذ عام 2006. المجلس التشريعي الذي كنا نغطي نشاطه وجلساته، لم يعد يجتمع ولم يعقد أية جلسة منذ أكثر من عقد من الزمن .

اما عن السبب المعلن الذي قدمه الرئيس عباس لتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 22 ايار هو ان اسرائيل لم تسمح للسكان القدس المشاركة. ولكن العديد من الفلسطينيين بما فيهم تزار بنات يعتقدون أن عدم اجراء الانتخابات كانت لأنه لم تتوقع حركة فتح التي يرأسها عباس أن تحصل على غالبية الأصوات.

في عام 1997 ,قال البعض انه بما ان الشعب الفلسطيني منشغل في نضاله لانهاء الاحتلال الاسرائيلي فان الامور الداخلية مثل محاربة الفساد والمطالبة بحكم القانون وانتخابات دورية يجب تأجيلها. وهاذ ما يقال الان ايضا فلقد قال عزم الأحمد أحد كبار مسؤولي حركة فتح  أنه يعارض "اي انتخابات تعقد في ظل الاحتلال الإسرائيلي."  قد يكون هذا منطقي لو كنا نتحدث عن احتلال قصير المدى ولكن الاحتلال الاسرائيلي  قائم  من نصف قرن والنضال للتحرير والحرية يجب ان لا يكون فقط ضد المحتل الاسرائيلي بل ايضا ضد السياسات الشمولية المحلية التي لا تقبل أي نقد ولا توفر فرص للإصلاح السياسي أو محاسبة من هم في الحكم.

لا يعني ذلك تبرئة اسرائيل والمجتمع الدولي من مسؤولياتهم حيث  أظهروا  لامبالاة  ، عندما قرر عباس بصورة منفردة إلغاء الانتخابات التي طال انتظارها.  نزار بنات -الذي قتل على ايدي الامن الفلسطيني- كان مرشحا لتلك الانتخابات ولو نجح لكان قد عرض افكاره واراءه تحت قبة مجلس تشريعي منتخب.

إن غياب الارادة السياسية في السنوات الماضية افشل ايجاد اي تحرك جاد نحو حل سلمي للصراع. فلقد شعرت اسرائيل والمجتمع الدولي أن الوضع القائم هو الأفضل خاصة مع وجود قوى امن فلسطينية  قوية تديرها الرئاسة الفلسطينية في رام الله.

ما نراه الآن هو رفض الشعب الفلسطيني لكل من الاحتلال الإسرائيلي والحكم الشمولي من قبل الرئاسة والحكومة الفلسطينية. فالشعب الفلسطيني يطوق للحرية من الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي وفي نفس الوقت يشعر بغضب عندما تقوم قوى الامن الفلسطينية بقتل شخص  كل ذنبه انه وجه انتقاد للقيادة الفلسطينية . انه من الضروري ان لا يغمض المجتمع الدولي أعينه عن الامل الفلسطيني بإنهاء الاحتلال من خلال مفاوضات مباشرة تقودها قيادة شرعية ومنتخبة. إضافة الى الامل بإنهاء وجود سلطة فلسطينية شمولية بيد شخص واحد.

لقد استاء العالم من اغتيال المعارض السعودي جمال خاشقجي وهناك غضب في فلسطين الآن على مقتل نزار بنات على ايدي الامن الفلسطيني. يبدو أن القيادة السعودية ستفلت من العقاب فهل سيتم محاسبة القيادة الفلسطينية؟