• 7 تموز 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : عزام توفيق ابو السعود

 

المتتبع للأوضاع الفلسطينية والإسرائيلية هذه الأيام يلاحظ أن عدوى سياسات العناد والمجاكرة هي الطابع الغالب على التصرفات السياسية الفلسطينية والاسرائيلية، ويبدو أن الاسرائيليين، وخاصة نتنياهو وتحالفه، أصبحوا يتصرفون وكأنهم فلسطينيون .. ولا عجب في ذلك فكلا الفلسطينيين والاسرائيليين يشربون من مياه واحدة، ويستنشقون هواء واحدا، فيتصرفون تصرفا متشابها الى حد ما... ما اريد أن اقوله أن الجكر لا ينطبق على الشعبين، وانما على حكومات ورجال السلطة هنا وهناك!

الجكر انطلق بداية من السياسيين الفلسطينيين، ولعل ذلك ما يمكننا أن نفاخر به، التمسك بالكراسي للإستفادة من مزاياها، وعدم الرغبة بالإصلاح الداخلي ومن ثم معارضة أي صوت يدعو الى التغيير هي السمة الغالبة على أي سياسي فلسطيني يجلس على كرسي براق، حتى وإن كان كرسيا زائفا مقعده مهلهل .. مقعده ممسوك بمسامير من ذهب طري يسهل خلعه إن وقف الجالس ، لذا لا بد من الصاق مؤخراتهم عليه بصمغ مستورد من أمريكا!

انتقلت العدوى الفلسطينية الى نتنياهو، الذي قاوم التغيير وأراد أن يبتاع صمغا ذا قوة إلصاق أقوى، فقاوم بكل قوة أي حركة للتغيير، أو لإزاحته عن الكرسي، وحتى عندما نجح تحالف مهلهل من خلعه عن الكرسي بقي يقاوم، ويعاند أفكاره في مقابل العودة بأي شكل من الأشكال الى كرسي الحكم، ورأينا ذلك في معارضته لقانون لم الشمل، الذي صاغه هو نفسه سابقا وذلك لمجرد الجكر !

القيادة الفلسطينية تعاند وتجاكر الشارع الفلسطيني الذي طفح به الكيل.. ولم يعد يؤمن بالسياسة الفلسطينية، ولا بالجمع بين السلطات، ويرى بأم عينه كيف يتم إسكات الأصوات الحرة إما بالقتل كما في حالة نزار بنات، أو بقمع المظاهرات المطالبة بحرية الرأي ومحاكمة قتلة نزار بنات . وإما باصدار قرارات غير ديمقراطية ولا تستند الى منطق .. وربما إصدار قرارات سرية لم تعلن أو تنشر في وقتها ولم يعلم عنها المعنيون بالأمر، وإبرازها بعد سنوات طويلة في حيلة مكشوفة لاسكات صوت آخر هو صوت ناصر القدوة مثلا... هذا الصوت الذي ارتفع من داخل النظام مطالبا بالتغيير، فقمع صوته، فاستقال من منصب براق، وعلا صوته في الشارع مطالبا بالتغييرومحاسبة الفاسدين ، وخاصة بعد تشكيله تجمعا وطنيا ليخوض الانتخابات ضد إرادة السلطة، ودعمه من قبل مروان البرغوثي الذي يمثل صوت النضال، والقابع في سجون الاحتلال منذ عقدين من الزمن، والذي يشكل رمزية فلسطينية براقة.

الجكر الاسرائيلي واضح تماما، فنتنياهو ماطل وجاكر في تسليم منزل رئيس الوزراء أكثر من أسبوعين على أمل يسقط حكومة أعداءه الشخصيين، ومعظمهم حلفاء سابقين .. فلا يتكلف عناء لملمة أغراضه الشخصية من المنزل.. ولكنه كما يبدو فشل حتى الآن رغم إسقاطه قانون لم شمل.. ومحاولاته شل الحكومة وإظهار هشاشتها في قيادة اسرائيل، لكنه موضوع "جكر" حتى في مغادرة منزل رئيس الوزراء!

أنا شخصيا عضو في مجلس أمناء مؤسسة عرفات منذ تأسيسها قبل عقد ونصف من الزمن.. لم أعلم بأن مؤسستنا تتبع الصندوق القومي الفلسطيني بقرار رآسي صدر سرا قبل ستة أعوام، وظهر للوجود أمس فقط ، وقد سألت عددا من الزملاء عن مدى معرفتهم بأننا لسنا مستقلين في مؤسستنا كما نعرف وإنما نحن نتبع الصندوق القومي الفلسطيني فأجابوا بأنهم مثلي أيضا " غايب طوشه" !!!!.

لست أدري وأنا أكتب هذه الكلمات هل سأصبح من الأصوات الواجب اسكاتها؟؟؟ وهل من واجبي أن أبقى على طبيعتي مناهضا للفساد والحكم والمطلق ومطالبا بالتغيير .. أم أنه يجب علي أن لا " أجاكر" وأن ابقى " غايب طوشه" ..

لا حول ولا قوة إلا بالله..