• 7 تموز 2021
  • أقلام مقدسية

 

بقلم: الدكتور أمجد شهاب*

 

ناضل نزار بنات، الناشط السياسي والحقوقي بقوة مدافعا عن حقوق الإنسان ومكافحا ضد الفساد والتطبيع. كان نزار مناضلا قوميا مستقلا وداعما للمقاومة ومعارضا سياسيا ولم تفتر همته في مهاجمة السلطة الفلسطينية وسياستها وشخوصها ورموزها المتنفذين، وهو أحد اهم المرشحين في قائمة الحرية والكرامة. اعتمد في نشاطه على تسجيل وتوزيع "فيديوهات" قصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى صفحته في الفيس بوك.. 

خاض بنات معركة صراع ضد الإحتلال الاسرائيلي والسلطة الوطنية الفلسطينية التي رآها منشغلة بصناعة البطولات وبيع الأوهام للشعب. وتسبب نزار من خلال بثه لتلك "الفيديوهات" بإزعاج شديد لكبار المسؤولين في السلطة وخاصة أنه كان يتمتع بخطاب سهل وسلس  يجسد نبض الشارع ، رافعا سقف حرية التعبير والنقد.

 في 24\6\2021 داهمت كتبيه إعدام مؤلفة من حوالي عشرين فردا من أفراد في الاجهزة الامنية مكان إقامة نزار في الساعة الثالثة والنصف صباحاً واعتدت عليه بالهراوات والعتلات الحديدية والشاكوش وانهالت ضربا على جميع أجزاء جسده وخاصة رأسه، محطمين القفص الصدري ومفرغين محتويات ثلاث قنابل غاز فلفل في فمه بهدف قتله (من المعروف طبياً أن عملية تكسير القفص الصدري والضرب بآلات حادة على رأسه وتفريغ قنابل الغاز في الفم يؤدي إلى نزيف داخلي يسبب الموت خلال ساعة ،. وانتشار خبر مقتله صدم الشارع الفلسطيني، ومنهم الأصدقاء والأقارب من جراء ارتكاب هذه الجريمة السياسية النكراء الخارجة عن أي قانون انساني.

وقد تم التعرف على معظم أفراد كتبيه الإعدام وتحديد هوية معظم المعتدين من أفراد القوة المنفذة من خلال كاميرات المراقبة، وحسب افادة الشهود وشهادات اثنين من أولاد عمه الذين تواجدوا داخل المنزل أثناء الاعتداء . وتبقى برغم ذلك حلقات مفقودة تحتاج للجنة تحقيق محايدة سواء كانت محلية او دولية، لتوفير اجابات على الأسئلة: من الذي خطط لعملية الاغتيال، ومن أصدر قرار تصفيته ومن هم المسئولين الفعليين عن قرار التصفية.

لماذا قتل نزار؟! ومن المسؤول عن قتله؟! 

وتكمن خطورة نزار بنات بتهديد أركان النظام السياسي الفلسطيني الحالي بنشره الوعي الجمعي لدى عامة الشعب الفلسطيني لما يحدث داخل منظومة الفساد المتفشية، مما شكل ظاهرة بدأت تكبر وتتسع لتشكيل جبهة قوية فرضت نفسها على النظام السياسي الفلسطيني من المستقلين المعارضين لمراقبته ومحاسبته والذي أصبح منذ عقود منقسما ثنائيا بين حركتي فتح وحماس برغم وجود فصائل اخرى كان تأثيرها شبه معدوم على الساحة السياسية.  ومنذ عام ٢٠٠٥، يقود الرئيس محمود عباس السلطة الفلسطينية وحركة فتح ومنظمة التحرير والأجهزة الأمنية. وتزامنا مع سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007 أصبح عباس الرئيس الفعلي لجميع ما ذكر بالإضافة إلى قيامه بحل المجلس التشريعي تحت حجة (انقلاب حماس).

فاستطاع بذلك أن يسيطر على السلطات الثلاث (السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، والسلطة القضائية) وأصبح الامر الناهي من خلال إصدار مراسيم رئاسية تشمل جميع السلطات. ونال بذلك المكانة المفضلة لدى الحكومة الإسرائيلية بسبب إصراره على نبذ المقاومة المسلحة وإصراره على التنسيق الأمني وإفشال أي محاولات للقيام بعمليات مسلحة ضد الإحتلال في أراضي الضفة الغربية. وهذا أدى إلى توفير الجهد والمال والنفس على دولة الاحتلال فأصبحت لدى عباس قناعة بأن إسرائيل لن تتخلى عن بقاء السلطة الفلسطينية ودورها بالحفاظ على الامن  ولن تسمح بإسقاطها ولن تقبل بحركة حماس كبديل عنها في الضفة الغربية بجانب الموقف  الاوروبي والامريكي الذي لم ينقطع عن تمويل الاجهزة الامنية التي تلعب الدور الاساسي بمنع الانشطة المعادية للاحتلال باعتراف الرئيس نفسه امام الاعلام.

من جهة أخرى سيطرة حماس غير المرغوبة اقليميا ودوليا بسبب انتمائها للاخوان المسلمين وتبني نهج المقاومة ضد الاحتلال الذي يعتبر وجودها  في قطاع غزة واستمرارها يساهم بشكل كبير في تعميق الإنقسام الفلسطيني وإبقاء الحصار وإضعاف الشعب الفلسطيني وخاصة أن الضفة الغربية وقطاع غزة تحولتا إلى أسواق استهلاكية للبضائع الإسرائيلية تساهم بدعم الميزانية الاقتصادية لدولة الاحتلال سواء الضفة او القطاع.

ولكن  ظاهرة معركة الوعي التي كان يقودها نزار بنات  تؤتي أكلها بتشكيل جبهة جديدة أبرزها قائمة الحرية والكرامة التي كان نزار من أبرز مرشحيها. وأثارت هذه القائمة قلقاً متزايدا لدى سلطات الإحتلال والسلطة الفلسطينية خاصة وان البديل عن حركة فتح وحماس فعليا غير موجود بالرغم من وجود فصائل كثيرة مثل حزب الشعب والجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية وفدا وجبهة النضال الشعبي ....الخ ولكن تاثيرها جميعا على الشارع الفلسطيني يكاد يكون غير مؤثر لتغير النظام السياسي الفلسطيني وخاصة ان معظم هذه الفصائل تحصل على مخصصات مالية من الرئيس عباس، خاصة بعد ترشح   29 قائمة مستقلة اثبت رغبه كبيرة لدى الشارع الفلسطيني بالتغير. وإلغاء الانتخابات المقرر اجرائها في 22/5/2021  بمرسوم رئاسي غير قانوني وغير شرعي تحت حجج واهيه خوفاً من الحاق هزيمة ساحقة لحزب حركة الرئيس حسب استطلاعات الرأي.

ضحى نزار بنات بحياته لاجل مستقبل افضل لكرامة اولاده وشعبه وقضيته تاركا ورائه زوجه وخمسة أطفال

فمن سينصره وياخذ بحقه.

* رئيس قائمة الشهيد نزار"الحرية والكرامة"