• 9 آيار 2024
  • أقلام مقدسية

 

 

بقلم: عزام توفيق أبو السعود

 

 عام 1947، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وضع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ، مارشال خطته الشهيرة لإعادة إعمار مدن أوروبا التي دمرت أثناء الحرب، ولإعادة بناء أوروبا إقتصاديا .. كانت تلك الخطة، وقيمتها 142 مليار دولار أمريكي ( تعادل تريليونات الولارات هذه الأيام) ذات أهداف بعيدة المدى وذات قيمة استراتيجية قلبت الأوضاع ومعادلات القوة والهيمنة رأسا على عقب في العالم، ويمكن تلخيص بعض منها بما يلي:

  1. أن أمريكا مولت 85% وحدها من هذه الخطة، ولذلك فقد كسبت أمريكا مودة الدول  والشعوب الأوروبية، لأنها أعادت بناء دولهم بعد الحرب.
  2. بداية النهاية للإستعمار القديم، وخاصة لمستعمرات بريطانيا وفرنسا، التي كانت تمتص خيرات الدول الافريقية بالأخص، ودخول أمريكا بدلا منهما بنوع إستعمار أمريكي جديد !
  3. زوال القوة البريطانية كأقوى قوى العالم وإحلال أمريكا بدلا منها، حيث كانت بريطانيا المستفيد الأكبر من أموال خطة مارشال!! 
  4. زوال قوة الجنيه الاسترليني كعملة العالم الرئيسة وإحلال الدولار محل الجنيه الاسترليني، حيث أن قوة المارك الالماني تلاشت كنتيجة لخسارة ألمانيا للحرب قبل ذلك بسنتين. وبذلك أصبح الدولار هو عملة القياس العالمية. وأصبحت بورصة نيوروك هي أهم بورصة بالعالم بدلا من بورصة لندن!
  5. تواجد قوات أمريكية وقواعد لها في جميع دول أوروبا وتأسيس حلف النيتو بزعامة أمريكية!
  6. رفضت روسيا أن تشارك أو تستفيد من خطة مارشال لإعادة إعمار مدنها وإعادة بناء إقتصادها ،  وكذلك الدول الحليفة لها كتشيكوسوفاكيا ، ذلك لأن روسيا كانت تعي أهداف الخطة الأمريكية أكثر من بقية دول أوروبا. وبعد ذلك أسست حلف وارسو في مواجهة حلف النيتو.

بعد ذلك اكتشفت أمريكا بأنها لا تحتاج لاستثمار مليارات الدولارات من أجل أن تكسب الدول، فقط هي بحاجة الى ملايين فقط لتشتري وتكسب زعماء الدول،  وأن تكون مساهمتها المالية فيما بعد لحل مشاكل العالم على حساب دول أخرى اشترت زعمائها أو رؤسائها ، ولهذا تغيرت بعض مفاهيم التكتيكات الأمريكية لكسب الدول وتحطيم اقتصادها والظهور بمظهر المنقذ للعالم .. وخطتها تقوم على أساس خلق نزاع بين دولة وأخرى، وتذكية هذا النزاع ليصبح حربا، وبيع السلاح لطرف النزاع او طرفيه، وإن كانت الدولة طفرانه، تعطيها قروضا لشراء السلاح  أو الغذاء منها ، وإن تأزم وضعها المالي بعد الحرب، تطلب من الاتحاد الأوروبي أو دول النفط العربية مساعدة تلك الدول للخروج من أزمتها المالية، وقد تعفي بعض الدول من فوائد ديونها .. وهكذا دواليك ... بحيث تصبح الولايات المتحدة هي أصل المشكلة، وأن لديها الحل ولكن على حساب غيرها ، وتبقى هي المستفيدة.. 

في حرب غزة ودمارها، لا بد من تمويل خطة للإعمار وإعادة بناء إقتصاد غزة، ويجب أن يحشد لهذه الخطة مليارات الدولارات ، وأمريكا تريد أن تكون مساهمتها قليلة نسبيا في إعادة إعمار غزة، لهذا ستأمر دول الخليج أن تدفع هي لتمويل إعادة التعمير، ولن يفكر أحد، وخاصة أمريكا أن من يجب أن يدفع لإعادة إعمار غزة، ولتعويض الشعب الفلسطيني المتضرر الأكبر من الحرب، هي إسرائيل نفسها، فكما أمرت الولايات المتحدة ألمانيا بدفع تعويضات للشعب اليهودي نتيجة الهولوكوست، وما فعلته ألمانيا باليهود، فإن على الولايات المتحدة  وعلى العالم أجمع أن يفرض على إسرائيل دفع تعويضات للشعب الفلسطيني في غزة لما اقترفوه بحق هذا الشعب من قتل وتدمير، وعلى الولايات المتحدة أن تكون من أكبر المساهمين أيضا في خطة كخطة مارشال لاعادة إعمار مدن قطاع غزة وتعويضهم لما فعل السلاح الأمريكي بهم .. فهل أنا أحلم بهذا الطرح ؟؟.. أم أن قواعد العدل والمنطق تفرض على الظالم أن يعوض المظلوم  وأن على إسرائيل أن تدفع حصة الأسد لإعادة إعمار غزة ، ومن يستطيع إجبارها على ذلك غير أمريكا ؟؟ !!!.. 

لا حول ولا قوة إلا بالله !!!