• 10 تموز 2025
  • أقلام مقدسية

                                                                      

بقلم :  عبد الله توفيق كنعان *

  

  صادف هذا الأسبوع في  السابع من تموز عام 1937 م، توصية لجنة بيل الملكية البريطانية بتقسيم فلسطين لدولتين عربية ويهودية، وهو بكل تأكيد حلقة خطيرة من النهج الاستعماري في محاولة تسوية القضية الفلسطينية بشكل يضمن المضي قدماً في مخطط اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، تنفيذا لوعد بلفور عام 1917م، وما تبعه وسبقه من مخططات ومؤتمرات واجتماعات علنية وسرية خدمة للصهيونية العالمية ومشاريعها الإحلالية الاستعمارية في فلسطين المحتلة.

   جاءت لجنة بيل الملكية البريطانية على إثر اندلاع ثورة البراق عام 1929م، وقد ارتبط بها ما تسمى بثورة أو انتفاضة الكف الأخضر عام 1930م ، وهي ثورة ونضال بدأ في مدينة صفد وتوسع ليشمل مناطق ومدن فلسطينية أخرى، نشط في مواجهة الانتداب البريطاني، الذي ساهم بشكل كبير في المساعدة والعمل على توسيع الاستيطان اليهودي في فلسطين، من خلال تسليح المستوطنين وفتح باب الهجرة اليهودية ، وقد خلص تقرير لجنة بيل ( نشر بحدود 400 صفحة) التي استمرت مهمتها ما بين تشرين الثاني عام 1936م الى أيار عام 1937م، إلى التوصية بتقسيم فلسطين الى دولتين عربية ويهودية ووضع القدس تحت الانتداب البريطاني، ولأن الهجرة اليهودية المستمرة وما تبعها من استيطان كانت من أكثر الأخطار التي تلمسها ورفضها العرب وطالبوا بريطانيا بسرعة ايقافها، بينما رأت بريطانيا أن حلها يكمن في طرح التقسيم ، ومن المعروف ان الهجرة والاستيطان هي العصب الخبيث للصهيونية، لذلك وبالرغم من رفض العرب واليهود لتقرير اللجنة المرفوع لحكومة بريطانيا، إلا أن المؤتمر الصهيوني المنعقد بتاريخ 1937م في مدينة زيورخ بسويسرا، رحب بتوصية واحدة وهي الخاصة باقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فكانت نقطة مهمة بالنسبة للصهيونية للتعاون مع الانتداب من أجل  تنفيذ مخططاتهم وأساطيرهم المختلقة.

 ان لجنة بيل الملكية لم تكن هي اللجنة الاولى التي كلفتها حكومة الانتداب البريطاني للنظر في مسألة فلسطين، بل سبقها لجان أخرى مثل لجنة شو 1929م،   وجميعها خرجت بتوصيات لصالح الصهيونية على حساب الحق التاريخي والشرعي للفلسطينين بأرضهم المحتلة، كما أنها كانت تأتي في أعقاب كل ثورة وانتفاضة في فلسطين ، لتكون حل سياسي مؤقت وجرعة لتهدئة الغضب العربي ضد سياسة بريطانيا، واليوم أصبحت القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها، كذلك بعثات التحقيق والرصد التي تقوم بها المنظمات الحقوقية الدولية والمؤسسات الاعلامية، جميعها تضرب  قراراتها وتقاريرها عرض الحائط من قبل الاحتلال الاسرائيلي، ليبقى واقع واحد يمكن للجميع رؤيته وهو احتلال واستعمار وحشي اسرائيلي يحظى للأسف بتأييد بعض الدول التي يفترض بها أن تضغط باتجاه الشرعية الدولية وترسيخ السلام والأمن العالمي، ولكن سياسة الكيل بمكيالين ودبلوماسية المصالح هي اللغة الغالبة للأسف والداعمة لإسرائيل على حساب الجرح الفلسطيني النازف.

إن اللجنة الملكية لشؤون القدس تُبين للرأي العام الدولي أن استعراض بعض المحطات التاريخية المرتبطة بالقضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، تظهر أن الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني كان تحت رعاية الانتداب والاستعمار، وتؤكد هذه المحطات التاريخية ان النضال سيبقى مستمراً ومتواصلاً ما دامت الحلول والمقترحات وتوصيات اللجان والمؤتمرات لا تراعي الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

ان التاريخ يشهد بأن الأردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس كان وسيبقى يساند ويدعم الشعب الفلسطيني ضد كل المؤامرات والمخططات التي تستهدف حقوقه، وهو موقف اردني ثابت على الدوام مهما كان الثمن وبلغت التضحيات.

 

*أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس