- 14 تموز 2025
- أقلام مقدسية
القدس - أخبار البلد - كتب نافذ عسيلة
في ظل التغيرات السياسية السريعة والانقسامات الداخلية، تثار تساؤلات حول إمكانية ظهور كيانات فلسطينية منشقة عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. تم تناول هذا الموضوع من خلال دراسة العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية التي قد تساهم في نشوء مثل هذا السيناريو.
الضفة الغربية تتمتع بتنوع ديموغرافي وبنية عشائرية متجذرة إلى جانب واقع جغرافي وسياسي مجزأ نتيجة للاحتلال والاتفاقيات الموقعة. هذه العوامل، إلى جانب تزايد السخط الشعبي تجاه السلطة وضعفها، تهيئ بيئة قد تدفع نحو ظهور كيانات محلية مستقلة. قد تتحول إلى كيانات منفصلة، مما يؤثر على المشروع الوطني الفلسطيني. من خلال دراسة البنى الاجتماعية والتحالفات السياسية والاقتصادية، يسعى هذا المقال لفهم مدى احتمالية حدوث هذا السيناريو وآثاره المحتملة على مستقبل القضية الفلسطينية. تتمتع الضفة الغربية بتنوع معقد في البنية العشائرية والعائلية، وهو ما قد يؤدي إلى انقسامات محلية قد تتحول إلى كيانات مستقلة. بعض العائلات الكبيرة والعشائر في مدن مثل الخليل ونابلس وجنين تتمتع بنفوذ تاريخي ومالي يمكن استغلاله لتشكيل كيانات محلية تتجاوز سلطة رام الله. إذا استمر تراجع السلطة وضعف التنسيق بين الأطراف الفلسطينية، فإن هذه الانقسامات قد تصبح أكثر وضوحًا، مما يزيد من احتمالية ظهور مشاريع مستقلة.
تلعب العوامل الجغرافية والسياسية، مثل تقسيم الضفة إلى مناطق أ، ب، ج، دورًا كبيرًا في تعزيز هذه الانقسامات، خصوصًا في مناطق ب و ج، حيث تضعف السلطة الفلسطينية وتستمر تأثيرات الاحتلال. في هذه الحالة، قد تتمكن القوى المحلية من تشكيل كيانات موازية، قد تجد دعمًا من دول إقليمية.
إضافة إلى العوامل العشائرية والجغرافية، تسهم العوامل الاقتصادية في دفع هذه المناطق نحو الاستقلالية والتي تعاني من نقص الموارد أو المناطق التي تحتلها المستوطنات الإسرائيلية، قد يظهر ميل نحو الاستقلال الاقتصادي. يمكن للعشائر الكبرى أن تلعب دورًا محوريًا في توجيه النشاط الاقتصادي نحو مشاريع محلية بعيدة عن سلطة السلطة الفلسطينية، مما يسهم في تفكيك البنية المركزية للسلطة ويزيد من تعقيد الوضع الداخلي الفلسطيني.
كما أن العوامل الاجتماعية والثقافية قد تلعب دورًا في تعزيز هذا الاتجاه. ففي بعض المناطق، قد تبرز مشاعر الهوية المحلية كعامل رئيسي يعزز النزعة الانفصالية، ومع تصاعد السخط الشعبي من ضعف قدرة السلطة على تقديم الخدمات الأساسية، قد يسهل جذب القوى المحلية نحو تشكيل كيانات مستقلة. هذه الكيانات قد تحصل على دعم من أطراف إقليمية ودولية تسعى لتفكيك السلطة الفلسطينية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الفلسطيني.
ومع تزايد التأثيرات الإقليمية والدولية، قد تتصاعد هذه التوترات والتدخلات من بعض الدول العربية المطبعة مع إسرائيل أو من أطراف أخرى، قد تُسهم في دعم كيانات محلية مستقلة، مما يعزز من تفكك السلطة الفلسطينية. بينما يمكن أن تؤدي هذه الانقسامات إلى زيادة الصراعات الداخلية الفلسطينية، مما يضعف الجبهة الموحدة ويعقد أي عملية تفاوض مستقبلية على الساحة الدولية.
من جهة أخرى، تظل القضية الرئيسية أن فكرة إنشاء كيانات منشقة ليست مسألة تلقائية، بل ترتبط بتفاعلات أوسع بين القوى الإقليمية والعوامل الداخلية. إن نجاح هذه الكيانات يتوقف على قدرتها وعلى التكيف مع التوازنات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية والتي قد تحدد مصيرها. في ظل تداخل المصالح السياسية المختلفة، قد تواجه هذه الكيانات تحديات كبيرة في الحفاظ على استقلالها واستمراريتها، أو حتى زوالها، إذا تم التوصل إلى تسويات سياسية تضمن وحدة الصف الفلسطيني وتعزز الزخم نحو تحقيق المشروع الوطني المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.