- 27 تموز 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : نافذ عسيلة
تشهد القضية الفلسطينية مرحلة جديدة مع تصاعد الحديث عن احتمال ضم إسرائيل للضفة الغربية، مما ينذر بتحول كبير في المشهد الجيوسياسي للمنطقة. في هذا السياق، تبرز تساؤلات حول المواقف العربية المتوقعة، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، والتي تتراوح بين الغضب والاحتجاج الرمزي، مروراً بالخطابات الدينية والسياسية، ووصولاً إلى مشاعر الاحباط والعجز، في ظل غياب رؤية عربية موحدة للتعامل مع هذا التطور. يتطلب الوضع دراسة دقيقة للمشاعر والمواقف داخل المجتمعات العربية، مع مراعاة عوامل مثل الانقسامات الداخلية والضغوط الاقتصادية واختلاف أولويات النخب السياسية عن الجماهير. تبقى الأسئلة مطروحة حول كيفية تعامل الشعوب العربية مع هذا التحدي، وهل ستتحول مشاعر الرفض إلى فعل سياسي مؤثر، أم ستقتصر على موجات غضب موسمية تنتهي بالتسليم بالواقع.
من المتوقع أن ترفض السلطة الفلسطينية خطوة الضم بشدة، معتبرة إياها انتهاكاً للقانون الدولي وعقبة أمام إقامة دولة فلسطينية مستقلة. قد يشمل الرد قطع العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة مؤقتاً، وتعليق التنسيق الأمني، بالإضافة إلى تحرك دبلوماسي لحشد الدعم الدولي ضد الضم. كما قد تلوح السلطة بحل نفسها وتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة، مع تحذيرات من اندلاع احتجاجات شعبية أو انتفاضة جديدة. في الضفة الغربية، رغم الرفض الشعبي الواسع للضم، تتفاوت ردود الفعل بين احتجاجات محدودة ومواجهات متفرقة مع الجيش الإسرائيلي، وبين مشاعر احباط بسبب ضعف السلطة والانقسام السياسي، وانشغال الكثيرين بالظروف المعيشية. مع ذلك، قد تظهر مقاومة أقوى.
على الصعيد العربي، من المتوقع أن تشهد مدن مثل القاهرة وعمان وبيروت والرباط احتجاجات شعبية، خاصة بين الشباب والحركات المعارضة للتطبيع مع إسرائيل. قد تتخذ هذه الاحتجاجات أشكالاً متنوعة، من تظاهرات إلى حملات إلكترونية، لكن حجمها سيعتمد على مدى تقبل الحكومات لها. في المقابل، قد تكتفي معظم الحكومات العربية بإصدار بيانات استنكار أو دعوات لضبط النفس، دون إجراءات فعلية، نظراً لتعقيدات العلاقات مع إسرائيل والضغوط الدولية.
الدول الموقعة على اتفاقيات التطبيع، مثل الإمارات والبحرين والمغرب، قد تواجه غضباً شعبياً متصاعداً، مع دعوات لإعادة النظر في تلك الاتفاقيات وحملات مقاطعة للمنتجات المرتبطة بالتطبيع. كما قد يتصاعد خطاب ديني وسياسي ينتقد مواقف هذه الدول.
في الفضاء الرقمي، قد تشهد منصات التواصل الاجتماعي موجة تضامن رمزي مع الفلسطينيين عبر هاشتاغات وتصميمات جرافيكية، لكن هذا التضامن قد يبقى افتراضياً دون تحول إلى ضغط سياسي ملموس. على المستوى الديني، قد تتصاعد الخطب التي تصف الضم باعتداء على المقدسات الإسلامية، خاصة المسجد الأقصى، مما يعزز المشاعر الدينية المرتبطة بالقدس.
في المجتمعات العربية، قد تظهر انقسامات بين تيارات تطالب بمواجهة حازمة وأخرى تروج للتكيف مع الواقع. كما قد تلعب الجاليات الفلسطينية والعربية في الخارج دوراً أكبر في تنظيم فعاليات ضغط على الحكومات الغربية.
قد تبرز اتجاهات جديدة تربط القضية الفلسطينية بقضايا محلية كالعدالة الاجتماعية، أو مبادرات تعتمد على التكنولوجيا لنقل الرواية الفلسطينية للعالم. لكن في المقابل، قد يتصاعد الإحباط لدى الشباب العربي نظراً لغياب رؤية عربية مشتركة، ما قد يدفع بعضهم إلى الابتعاد عن الاهتمام بالشأن السياسي أو السقوط في براثن اللامبالاة. في دول الجوار مثل الأردن ومصر ولبنان، قد تكون ردود الفعل أكثر حدة بسبب التأثيرات المباشرة للضم. فالأردن يخشى موجات لجوء جديدة وضغوطاً ديموغرافية، بينما تخشى مصر تدهور الأوضاع في غزة. أما لبنان وسوريا، فقد يقتصر رد فعلهما على خطابات إعلامية بسبب الأزمات الداخلية. في الخليج، قد يهيمن الخطاب الرسمي الداعي للتهدئة، بينما يشهد الشارع احتجاجات غير رسمية، خاصة في الكويت والسعودية. مع ذلك، قد تنشغل مجتمعات تعاني أزمات معيشية، مثل لبنان وسوريا، بمشاكلها اليومية، مما يحد من تفاعلها العملي مع القضية.
قد تستغل بعض الأنظمة الحدث لصرف الانتباه عن أزماتها الداخلية، أو تسعى قوى إقليمية غير عربية لاستغلاله لتعزيز نفوذها. كما قد تظهر نظريات مؤامرة تتهم بعض الأنظمة بالتورط في تمهيد الطريق للضم.
في النهاية، ستكون ردود الفعل العربية مزيجاً من الغضب الشعبي والاحتجاج الرمزي، مع مبادرات تضامن فردية وجماعية، لكن التأثير الفعلي سيظل محدوداً بسبب الانقسامات وضعف التنسيق العربي. الفجوة بين الخطاب الرسمي الهادئ والغضب الشعبي قد تعمق الشعور بانفصال النخب عن الشارع، مما يعزز فكرة أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية فعلية للعرب.