- 2 آب 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : الشيخ الباحث مازن اهرام
أحداث كموج البحر تتقاذف" تتدافع وتتلاطم كالأمواج في البحر وتتوالى بشكل متلاطم يتقاذفنا الموج السياسي بين الفينة والأخرى، فتارة يقذفنا إلى أعماق البحر وتارة يتركنا تتوالى الأمواج وتارة أخرى نُرمى على شاطئ الأحداث ومرات كثيرة لا نكاد نرى البحر..
فماذا تريدون بعد الموت؟؟
أردتم هيمنة اقتصادية فأفقرنا الشعب وسلبنا لقمة عيشه فأصبح جل تفكيره كيف يحصل لقمة العيش، أردتم استرضاء فألغينا معنى الكرامة وأرضيناكم، اعطونا لوائح مطالبكم مرة واحدة فننفذها ضربة واحدة ووجعا واحدا ودما واحدا، فقط اتفقوا على ما تريدون وسنكون السيف القاطع مرة واحدة.. وإلى الأبد هل يرضيكم يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
المثل الشعبي "غيض من فيض" يشير إلى أن ما يُعطى أو يُقدم هو مجرد جزء صغير من المتاح أو المتوفر.
فـ"الغيض" هو الشيء القليل، و"الفيض" هو الشيء الكثير.
يُستخدم هذا التعبير غالباً للتعبير عن الكرم أو السخاء، حيث يُظهر الشخص أنه يعطي أكثر مما يظهر، أو للتعبير عن أن ما يُقدم هو مجرد لمحة بسيطة من المعرفة أو القدرات الحقيقية.
في زمن أصبح فيه الشح مذهباً، سلوكاً سائداً ومقبولاً لدى البعض، بل وربما يُنظر إليه كقيمة أو مبدأ بخلاف كرم ووفاء ودلالة..
الآية الكريمة "وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ "وأن "الماعون" يشير إلى كل معروف وعون يقدمه الإنسان لغيره، وأن هؤلاء يمنعون كل ما هو خير ونافع للآخرين وأصل الماعون من القلة تقول العرب ما له سعة ولا منعة وقيل الماعون ما لا يحل منعه مثل الماء والملح والنار
فقد جاء عن نبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه قال
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه)
واليم ابتلى الناس بمصيبة عظيمة نسوا قوله تعالى
(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
قَالَ صلوات ربي وسلامه عليه للصحابي بلال رضي الله عنه
(أَنْفِقْ بِلَالُ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا)
آفةٌ أُخرى فتكت مجتمعنا اليوم الشماتة بالآخرين أمر منهي عنه في عُرف الإنسانية بشكل عام وفي الإسلام خاصة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَكَ"
وأن الذي تربى على الأخلاق الفاضلة ووعى سيرة النبى صلى الله عليه وسلم لا يشمت فى أحد ولا يفرح فى مصائب الآخرين سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد يكره أفعال البعض لكنه لا يشمت بهم ولا يفرح فى مصائبهم لأنه لا يكن حقدا لأحد ولا يبغض أحدا ولكنه يدعو للجميع بالهداية والمغفرة.
فما بال الأبواق تصدع على شاشات التلفاز تنعق بين الحين والآخر وكل حزب بما لديهم فرحون انخلعت لها قلوبنا وهذه القصة مأساة المجتمع المأزوم تجرد من لباس الإنسانية وأن البشر في هذه الرقعة من العالم الواسع يموتون بصمت لا لشيء إلا لأنه (لا حياة لهم) في عُرف الذين سلبوهم أرضهم وديارهم وتزهق أرواحهم ومن ورائهم شرذمة مردوا على النفاق قد يفيضون علينا مطولاً بكنوز حكمتهم المسمومة وصافي رؤاهم الضالة إلا أنه لا يوجد في هذا العالم كنز أخلاقي أكثر صرامة وتحكماً بالإنسان، أكثر من المتعة وأن الضحايا البشرية أضحت أرقام تُحصى أو كما قيل أرحام تدفع وأرض تبلع"
كما تُدين تدان، فان قمت بهذا الفعل فقد يشمت بك الآخرون غدا، والإنسان الحق قلبه لا يحمل الحقد ولا الحسد ولا الضغينة ولا الشماتة للناس ومن المبادئ الإنسانية احترام حقيقة الموت حتى ولو كانت لغير المسلم ويتمثل ذلك فى إجابته صلى الله عليه وسلم عمن سأله عندما وقف لمرور جنازة فقالوا له يا رسول الله أنها ليهودي فرد عليهم قائلا (أليست نفسا) والإسلام كرم جسد الإنسان أيا كانت ديانته وعدم تعريض جسده للإهانة ولا يمكن بحال من الأحوال أن يتحدث الإنسان فى شماته أو سخرية لموت إنسان آخر لأن ذلك يعد خوضا فى نظام المحاسبة الإلهية
والعبرة اليوم "وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!»" (يو 8: 7).
مقولة مأثورة من الإنجيل، وتحديدًا من حادثة المرأة الزانية التي أحضرها بعض الناس لروح الله عيسى بن مريم عليه السلام ليحكم عليها، فقال لهم هذه العبارة لتذكيرهم بخطاياهم الخاصة قبل أن يحكموا على الآخرين لم يجيئوا بها لأنهم طاهرون وحريصون على الآداب والعفة، لكنهم جاءوا بالمرأة الضعيفة التي زلت بها القدم والتي أغويت من الشيطان، ليتخذوا من صفعها والتشهير بها وسيلة لكي يمسكوا المسيح بكلمة لأنهم كانوا ضده وضد كرازته وتعليمه.
وأرادوا أن يحرجوا المسيح بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام). فقال لهم تلك العبارة، لما رآهم يتعاملون معها بقسوة المتعالي وبغلظة المتكبر. فلما قالها لهم، رجعوا، فلم يرجمها أحد، لأنهم قالوا لأنفسهم:
من منا بلا خطيئة؟! من منا الذي لا ينعم إلا بستر الله عليه؟!
وللأسف في مجتمعنا غالبا ما تتسارع الأيدي والألسن لنهش لحم أي شخص يخطئ أو تصدر حوله شائعة أو تصدر منه زلة ويستسهل الحديث عنه لكلمة أو مقالة أو مقولة لربما لم تفهم كما يقصد أو لفقت له.
فلنرجع لرشدنا (أليس منكم رجل رشيد....).