- 3 آب 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : نافذ عسيلة
أثارت تغريدة السفير الأمريكي التي أشارت إلى محبة الغزيين لترامب خلال زيارته لموقع توزيع مساعدات في رفح تساؤلات حول تسييس العمل الإنساني. جاءت التغريدة في ظل ظروف إنسانية صعبة تعيشها غزة تحت الحصار والقصف والتجويع، مسلطة الضوء على التباين بين الخطاب الرسمي والتجربة اليومية للسكان الذين يعانون. تثير هذه الحادثة تساؤلات حول دلالات الزيارة وصدق المشاعر المنقولة، وهل تعكس واقعًا حقيقيًا أم تستخدم كجزء من لعبة دبلوماسية أوسع؟
تحمل الزيارة لموقع إغاثي أبعادًا سياسية تتجاوز الطابع الإنساني، خاصة في ظل سياسات إدارة ترامب تجاه القضية الفلسطينية. تصريح السفير عن حب الغزيين لترامب أثار جدلًا، واعتبر محاولة لتلميع صورته أو ترويج تقبل شعبي لسياسات مثيرة للرفض. الزيارة تطرح تساؤلات حول تسييس المساعدات، واستغلال معاناة السكان لصياغة روايات سياسية لا تعكس واقعهم، ما يكشف عن غياب صوتهم الحقيقي في الخطاب الدولي.
في ظل الحصار والأزمات المتواصلة في غزة، تستقبل تصريحات المسؤولين الأجانب، خصوصًا الأمريكيين، بتوجس وقراءة نقدية. ورغم تقدير السكان لأي دعم إنساني، تبقى الشكوك قائمة حول الأهداف السياسية خلفه، خاصة حين ترافقه تصريحات دعائية مثل قول السفير إن الغزيين يحبون ترامب. هذه العبارات قد تفهم كمجاملة أو سخرية في سياق مضغوط أمنيًا، وتعتبر محاولة لتلميع سياسات أمريكية ساهمت في معاناة الفلسطينيين. تسلط الحادثة الضوء على استغلال الخطاب الإنساني لتمرير أجندات، وتبرز غياب الصوت الحقيقي للمجتمع الغزي في الروايات الدولية.
رغم تقديم المساعدات كعمل إنساني، إلا أنها غالبًا ما تستغل سياسيًا لتجميل صورة جهات معينة. في غزة، يتضح هذا التداخل، حيث تستخدم صور الدعم لبناء سرديات تخدم مصالح خارجية، في حين يعاني السكان من آثار قرارات تلك الجهات. تصريح السفير عن حب الغزيين لترامب مرتبط بسياسات الإدارة التي زادت من معاناة الفلسطينيين، مثل تقليص دعم الأونروا وتقديم الدعم العسكري والدبلوماسي ونقل السفارة إلى القدس. السكان يدركون هذا التناقض، ويقبلون المساعدات من باب الحاجة لا التأييد. وتبرز هذه الزيارات غياب صوت الناس الحقيقي في الخطاب الدولي، محلولة بروايات دعائية لا تعكس الواقع المعقد على الأرض.
التغريدة تختزل واقعًا معقدًا وتظهر اختلالًا في توازن الخطاب بين الولايات المتحدة والمجتمع الغزي. في ظل أزمات متراكمة، تبسط مشاعر السكان وتستخدم لأغراض دعائية، متجاهلة السياقات المحلية. في غزة، غالبًا ما تستقبل مثل هذه التصريحات بسخرية أو امتنان قسري نابع من الحاجة لا القناعة.
الإرث الطويل للمساعدات المشروطة والسياسات المتقلبة، خاصة من الإدارات الأمريكية، يخلق شعورًا مزدوجًا لدى الغزيين، قبول الدعم مع رفض توظيفه سياسيًا. تصريح السفير يعيد للأذهان هذا التلاعب ويبرز سردية تصور المجتمعات الضعيفة كأنها ممتنة دائمًا، بينما الواقع أكثر وعيًا وتعقيدًا.
لفهم المواقف الحقيقية، لا تكفي التصريحات الرسمية، بل يلزم قراءة ميدانية دقيقة تستمع لصوت الناس لا لمن ينوب عنهم. فالتغريدة قد تبدو بسيطة، لكنها تعكس سردية تحتاج إلى نقد وفهم أعمق لآليات تمثيل الصوت الفلسطيني.