- 15 أيلول 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : نافذ عسلية
تنعقد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة في ظرف حساس، حيث تشهد غزة تصعيداً غير مسبوقاً وتزايداً مستمراً في الاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية والقدس، وسط غضب شعبي واسع في العالم العربي والإسلامي وأوروبا، وتصاعد الإحباط نتيجة غياب تحرك رسمي فاعل تجاه القضايا الفلسطينية إن تم التطرق إليها. ومع توجيه الأنظار نحو هذه القمة، يأمل الفلسطينيون في أن تكون أكثر من مجرد اجتماعات وخطابات تقليدية، وأن تتحول إلى خطوات عملية تدعم حماية القدس وتعزز صمود سكانها.
الفلسطينيون ينتظرون أولاً تضامناً فعلياً يعكس جدية الموقف العربي والإسلامي، فمجرد انعقاد القمة في هذا التوقيت يحمل رسالة معنوية قوية مفادها أن قضيتهم لا تزال حية وحاضرة في وعي الشعوب وصناع القرار. هذا الظهور المشترك يمنحهم دعماً نفسياً ويخفف من حالة العزلة التي فرضتها السياسات الدولية والانقسامات العربية.
تمنح القمة فرصة لإعادة صياغة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من قضية محلية ضيقة إلى قضية مركزية تمس الأمة بأكملها، مما يعزز الرواية الفلسطينية على المستوى الدولي ويقلل من محاولات تصوير القضية كحالة معزولة. وفي ظل توقيع بعض الدول العربية اتفاقيات تطبيع، تبرز القمة كمنصة مهمة لتأكيد أن التطبيع لا يعني التخلي عن الحقوق أو السكوت عن الانتهاكات، بل يمكن أن يصاحب موقف متوازن يحافظ على المبادئ.
من الضروري أن تصدر القمة خطاباً موحداً وقوياً يدين بوضوح السياسات الإسرائيلية من استيطان وتهجير واعتداءات على المقدسات، مع استخدام مصطلحات قانونية تصنف هذه الأفعال كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. هذا الخطاب يمنح القضية الفلسطينية شرعية أوسع ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
على الصعيد الإعلامي، يجب توجيه خطاب واضح وواقعي للرأي العام العالمي يبرز معاناة المدنيين ويكشف حقيقة السياسات الإسرائيلية، مع إمكانية إنشاء مرصد إعلامي وقانوني مشترك لتوثيق الانتهاكات وتقديم تقارير للهيئات الدولية، إلى جانب دعم المؤسسات الإعلامية والصحفيين الميدانيين لضمان نقل الصورة الحقيقية في غزة والضفة الغربية والقدس، التوقعات أكثر تحديداً نظراً للمعاناة اليومية للسكان من إفقار وتهجير ومحاولات تغيير هوية المدينة. المطلوب هو تجاوز البيانات إلى تأسيس آلية عمل مستدامة تتابع الوضع وتدعم مؤسسات المدينة مثل المستشفيات والمدارس والمراكز الثقافية، مع تأمين تمويل دائم للأحياء المهددة مثل الشيخ جراح وسلوان.
ويمكن التفكير في إنشاء صندوق خاص بالقدس يديره فريق مستقل لضمان الشفافية والفعالية بعيداً عن البيروقراطية.
سياسياً، تتطلع الشعوب إلى مواقف أكثر حزمًا، مثل الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل اقتصادياً أو خفض التمثيل الدبلوماسي، وهي خطوات رمزية تعكس وضوح الموقف وتحدث تأثيراً معنوياً في الداخل الفلسطيني، خاصة في ظل الشعور بتفوق الاحتلال دون رادع.
إلى جانب العمل الرسمي، يجب إشراك المجتمع المدني وتمكينه من لعب دور فاعل عبر مبادرات شعبية وإعلامية وقانونية، بالإضافة إلى إطلاق حملات تنسيق بين الجاليات العربية والإسلامية في الخارج لتحريك الرأي العام الدولي والتركيز على جوهر القضية بعيداً عن التشويش الإعلامي.
ورغم أن التوقعات تبقى محدودة بالنظر إلى الواقع السياسي، فإن انعقاد القمة في ظل الضغط الشعبي وتزايد الوعي العالمي يشكل حدثاً مهماً يثبت أن القضية الفلسطينية لا تزال قادرة على جمع الفرقاء وتحريك الشارع وجذب انتباه العالم في أوقات الأزمات، مما يعيد للفلسطينيين الأمل والثقة بأن قضيتهم ما زالت حية وقادرة على فرض وجودها رغم كل العقبات.