• 20 تشرين أول 2025
  • أقلام مقدسية

 

 بقلم : داود كتاب 

تعهّد الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس بسلسلة من الإصلاحات، منها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عامّة بعد سنة من سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة، ممّا يعني أنّنا مقبلون في أكتوبر/ تشرين الأول 2026 على انتخابات عامة، في حال عدم تراجع الرئيس عن تعهّده. وليس معروفاً ما إذا كانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ستشارك بصورة مباشرة في الانتخابات المقبلة، إذ جاء ضمن التعهد الذي قطعه الرئيس اشتراطٌ يطالب من يشارك في الانتخابات بضرورة الالتزام بالتعهّدات الدولية التي وقّعتها منظّمة التحرير الفلسطينية، وتشمل اتفاقات سياسية واجتماعية تتضمّن الاعتراف بدولة إسرائيل، وضمان حقوق المرأة والطفل، كما يشمل ذلك انضمام دولة فلسطين عام 2018 إلى البروتوكول الثاني الاختياري المُلحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
إذاً، وفي غياب تغيير جذري لمبادئ الحركة الإسلامية (حماس)، من غير المتوقّع أن تشارك سوى ببعض نواب مقرّبين من الحركة، وربّما بصورة مستقلّة عن قوائم محلية أو عشائرية. ولكن احتمالية غيابها، وغيرها من الفصائل المتشدّدة، لا يعني بالضرورة أن الحركة الوطنية الفلسطينية وفصائل منظّمة التحرير ستفوز بسهولة في الانتخابات المقبلة، إلّا إذا غيّرت كثيراً من ممارساتها وشخوصها بصورة تقنع الجمهور الفلسطيني بأنّها مؤهّلة للاستمرار في الموقع القيادي الذي احتكرته عقوداً، وشابته أخطاء عديدة وتفرّد بالسلطة، وشبهات الفساد، واستغلال المناصب الحكومية للمصالح الشخصية والعائلية.

من هنا يبدو أنّ حركة فتح ولجنتها المركزية قد بدأتا خطوات صغيرة لمحاولة إعادة اللُّحمة للحركة المنقسمة، من خلال إعادة عضو لجنتها المركزية ناصر القدوة إلى مواقعه السابقة التي فُصل منها عندما حاول تشكيل قائمة مناهضة للقائمة الرئيسة في انتخابات كانت مقرّرةً العام 2021، ألغيت أو تأجّلت حسب البيان الرسمي. وقد جاءت عودة القدوة بقرار 12 عضواً مقابل ثلاثة، مع تغيّب أعضاء من اللجنة المركزية، ولم يرشّح عن أسماء المعارضين بناءً على تقليد للحركة بهدف الحفاظ على وحدتها.
كما يبدو أنّ هناك تحرّكاً أيضاً في موضوع محاربة الفساد، إذ أوقف أخيراً وزير، وتمكّن مدير المعابر من الإفلات من الاعتقال، حين هرب إلى البلد الوحيد في أوروبا (إستونيا) التي ليست ضمن الدول التي تطبق قوانين الإنتربول، وهي قوانين تلتزم بها السلطة الفلسطينية. ولكنّ هذه الأمور من الصعب أن تُعالِج الدمار الداخلي لدى القيادة الفلسطينية، ومن دون إطلاق سراح أو ترشيح الأسير مروان البرغوثي للرئاسة، ولو في المعتقل، من الصعب أن ينجح أيّ مرشّح آخر، ومن الصعب أن تحرز الحركة الوطنية أو غيرها غالبية أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني أو المجلس الوطني الأوسع.
سيكون للمجتمع الفلسطيني الفتيّ والمتداخل في العصر الرقمي كلمة مهمة في حال إجراء الانتخابات، وكما رأينا في المغرب، فإنّ لجيل الشباب أو ما يسمّى بـ"جيل زد" تطلّعاتٌ (ورؤىً) مناهضةٌ للتيارات السياسية التقليدية التي تربّعت في العرش السياسي الفلسطيني عقوداً طويلة. لن تستطيع الحركة الوطنية الفلسطينية التي يقودها حالياً كبار السنّ أن تنافس قيادات شابّة قد تخرج علينا في الأشهر المقبلة، والتحدّي الكبير اليوم أمام الحركة الوطنية الفلسطينية أن تتحرّك بسرعة وتُدخل دماءً جديدة، وتعلن رسمياً أن القيادات الموجودة في الأَسر جزء من القيادة المستقبلية للشعب الفلسطيني. ومن دون ذلك لن يكون للحركة الوطنية الفلسطينية وفصائل منظمة التحرير أيّ فرصة في النجاح، إذا فعلاً أُجريت الانتخابات بعد عام.

 

عن العربي الجديد