• 17 تشرين الثاني 2025
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : كريستين حنا نصر*

ان انضمام سوريا  الى التحالف الدولي يتزامن مع زيارة الرئيس  احمد الشرع إلى واشنطن ، واللقاء مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض ، حيث يعتبر الرئيس الشرع  أول رئيس يمثل الدولة السورية منذ 80 سنة يلتقي مع رئيس أميركي.

 في تلك الرحلة تمّ إلغاء ما يسمى ( قانون قيصر) عن سوريا ،  وهنا يبدو  ان الهدف الاهم هو رفع هذه العقوبات والسعي لعدم تكرار سيناريو ما حدث في العراق ، وبالأخص بعد سقوط صدام حسين ، حيث تمّ حينها انهيار مؤسسة الجيش العراقي ( او تم تدميره بصورة متعمدة كما قال المسؤول الأمريكي في العراق في تلك الأيام ) ،مما ادى ذلك الأمر الى انضمام الكثير من أفراد الجيش العراقي السابق التابع لحزب البعث الحاكم الى تنظيم التوحيد والجهاد بقيادة أبو مصعب الزرقاوي والذي تحول وبمشاركة أبو بكر البغدادي الى تنظيم داعش ، خاصة في ظل الاستفادة من الخبرات القتالية للجيش العراقي السابق ، وهنا تكمن المفارقة في سوريا بعد حل الجيش السوري وفصل اعضائه ، والسؤال المطروح أين هو الجيش السوري السابق لبشار الأسد ؟ وما هو مستقبل ذلك الجيش وتحديداً ضباط الاستخبارات السورية ؟ خاصة أن لهم خبرة مميزة  ؟ 

إن هذه المرحلة الحساسة في سوريا تشهد تأسيس و وجود تنظيم يطلق عليه ( جند الله ) ،  الذي يتواجد في مناطق شمال غرب سوريا ، وهم أفراد منشقون عن تنظيم داعش ويطلق عليهم الحازميون نسبة إلى أبو عمر الحازمي ، حيث يستقطب  عناصر من ضباط النظام  السوري السابق  ، ومنهم من انشق أيضاً عن نظام بشار الاسد ، وهؤلاء منهم كذلك المنشقين عن هيئة تحرير الشام ، أي المنشقين عن بنية السلطة الحالية للحكم في سوريا  أي هيئة تحرير الشام ، فعلى سبيل المثال المقاتلين الأجانب و منهم ما يسمى بالمجموعة الفرنسية والمجموعة الشيشانية التي اعلنت قبل مدة الانشقاق عن هيئة تحرير الشام ، حيث جرى إنشاء وتشكيل تنظيمات جديدة ، وبالتالي هنا تكمن أسباب وغاية انضمام الدولة السورية بقيادة احمد الشرع الى التحالف الدولي لمحاربة داعش وغيرها من التنظيمات الاخرى .

و هذا الانضمام من قبل الدولة السورية من شأنه تقريب المسافات بين دمشق ومجلس سوريا الديمقراطي المدعوم امريكياً ، والذي هو جزء من التحالف الدولي أيضاً  لمحاربة داعش ، كما أنه سيقرب المسافة بينهم وبالاخص بما يضمن تطبيق بنود اتفاق العاشر من مارس/ اذار عام 2025م والذي تم توقيعه بين السيد احمد الشرع ومظلوم عبدي ، والمتضمن الاندماج في وزارة الدفاع ، ومن الممكن ان تدخل سوريا في المرحلة المقبلة في فترة عدم استقرار أمني مع وجود حالة انشاء التنظيمات  الجديدة فيها ، والسعي الى محاربتها لقوات النظام السوري الحالي ، الذي انضم مؤخرا الى قوات التحالف الدولي لمحاربة التنظيمات المختلفة .

بعض شروط الكونجرس الامريكي لرفع قانون قيصر ، تشمل متابعة مدى تطبيق سوريا للشروط، وذلك من خلال مراقبتها على مراحل تبدأ بمدة لا تتجاوز  90 يوماً من تاريخ اقرارها قانون رفع العقوبات ، ثم خلال مدة 180 يوماً  ولاحقاً خلال مدة اربع سنوات ، وتأتي هذه الاجراءات بهدف القضاء على التهديد المتمثل من التنظيمات والتجمعات الارهابية أي ضمن قوى التحالف الدولي ، للحرب على الارهاب وبالشراكة مع الولايات المتحدة الامريكية كعضو في التحالف الدولي ، وبهدف تحقيق تقدم في مسألة توفير حماية أمنية للاقليات الدينية والاثنية المتواجدة في سوريا ، وضمان أن الحكومة السورية المقبلة ستضم في تشكيلها تمثيلاً للاقليات الدينية والاثنية أي حكومة تشاركية ، وليست حكومة ولا جيش ولا قيادات من لون واحد فقط ، الى جانب ضرورة الالتزام بالامتناع عن القيام بعمليات عسكرية أحادية  أو غير مبررة ضد أي من الدول المجاورة بما في ذلك اسرائيل ،  وابرام اتفاقية امنية معها ، وعدم تمويل أو ايواء اي جماعات او منظمات ارهابية اجنبية ، والذين يشكلون تهديداً لامن ومصالح الولايات المتحدة الامريكية القومية ولحلفائها وشركائها في المنطقة ، أي لا ميليشيات تابعة لايران ، و لا لحزب الله ،  ولا لأي تنظيمات فلسطينية على الاراضي السورية ، وأهم البنود هي السعي الى ازالة المقاتلين الاجانب من المناصب العليا في الحكومة السورية  وكذلك عزلهم عن كل المؤسسات الحكومية والعسكرية والامنية السورية .

والسؤال الأبرز  هو هل بمقدور الحكومة السورية الحالية تطبيق وتنفيذ هذه البنود ، خاصة أنها مرتبطة بالطبع وحسب الشروط الامريكية برفع عقوبات قانون قيصر عن سوريا ؟ ،  وبشكل خاص تنفيذ الشرط الأخير  وهو العمل على تحقيق الالتزام بمقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان المعترف بها دولياً ، بما فيها الانتهاكات المرتكبة منذ الثامن من كانون الاول عام 2024م ، أي بعد سقوط نظام البعث السوري  المتمثل بالرئيس بشار الاسد البائد ، ويقصد بذلك الجرائم المرتكبة في أحداث الساحل السوري والسويداء و وادي النصارى و انفجار كنيسة  مار الياس في منطقة حي الدويلعة ، اي محاسبة و محاكمة المتورطين في هذه الجرائم الموثقة .

إن المرحلة المقبلة مليئة بالتطورات المتسارعة في المشهد السوري ، ومن المهم السعي والنجاح العملي في تطبيق هذه البنود والشروط الأمريكية المرتبطة بمسألة رفع وازالة قانون قيصر ،  وكما ذكرت سوف تقدم تقارير حول مدى تطبيق هذه الشروط  بمدة  وأوقات محددة ، فإذا لم تطبق هذه الشروط خلال 16 شهراً فسوف يؤثر ذلك على تنفيذ رفع قانون قيصر عن سوريا ، خاصة إذا لم تطبق بنود الشروط المطلوبة من الكونجرس الأمريكي .

*كاتبة اردنية