• 2 كانون أول 2025
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : كريستين حنا نصر 

 بعد حرب ما يسمى ( الاثنا عشر يوماً ) بين اسرائيل وايران ، كانت النتيجة  والمحصلة هي إضعاف إيران وقدراتها العسكرية أيضاً ، الى جانب اضعاف القدرات العسكرية لحزب الله في كل من لبنان وسوريا ، خصوصاً بعد اسقاط نظام البعث السوري ، و المتمثل بنظام الاسد البائد ، كذلك إنهاء وجود ميليشيات حزب الله في سوريا ، ولكن مع كل هذه التطورات بقي هناك نفوذ للفصائل العراقية المدعومة من إيران ، خاصة مع وجود حكومة أحمد شياع السوداني ، وعلاقتها مع الفصائل بالرغم من الحرب المستمرة بين اسرائيل وايران ، والسعي الأمريكي نحو تجميد الدعم الإيراني للمقاومة في لبنان واليمن وسوريا ، مما يؤثر على المشهد العراقي وفي ملامح المرحلة المقبلة ، خصوصاً بعد قرار الرئيس دونالد ترامب رسم شروط المرحلة المقبلة للعراق . ولهذا تلقى مارك سافايا ( مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق) أوامر مباشرة من القائد العام للقوات المسلحة الأمريكية تتضمن اعادة رسم المرحلة المقبلة للعراق الجديد .

  شروط صارمة وجدّية أمريكية لاعادة تشكيل السلطة الجديدة المستقبلية للعراق وتحييد الحكومة المقبلة بعيداً عن أي ولاءات لايران ، ضمن إطار تحالف اقليمي دولي جديد يسعى الى إعادة السيادة  إلى العراق الجديد وضمان استقراره .

 رسائل الرئيس ترامب لها أبعاد سياسية وإبعاد العسكرية مهمة وهذا يدل على الطبيعة الامنية والعسكرية ، حيث أن التصرف هو من صلاحيات المؤسسة العسكرية الأمريكية وهذا يدل على مستوى الجدية والالتزام في هذا الملف ، وأنها مهمة غير عادية بسبب تعلقها بملفات أمنية حساسة لها علاقة بالجماعات والفصائل المسلحة في العراق اضافة الى أمن المنشآت النفطية والغازية  العراقية على اثر حادثة ضرب حقل الغاز  (خور مور)  في اقليم كوردستان العراق ،  ويتبين بأن الضربة لم تحصل بواسطة طائرات ( درونز ) بل من خلال  صواريخ غراد ، ومن مناطق تقع تحت سيطرة الجيش الشعبي ، وطابع الاتهامات موجهة نحو الفصائل المدعومة من ايران ، ونتائج التحقيق  التي أظهرت تورط تلك الميليشيات الايرانية

وهذه  التطورات الميدانية سوف تسرع من الأوامر الامنية وشروط  الرئيس ترامب التي سوف تغير من قواعد الاشتباك في المرحلة المقبلة ،وهذا من شأنه التسريع في حسم المرحلة العراقية المقبلة والذي يتماشى مع خطاب الرئيس ترامب تجاه ايران و أذرعها في العراق ، حيث تحول الملف الامني العراقي عملياً  لاولوية عسكرية أمريكية ، ممثلة بقرار الرئيس ترامب الحاسم بالتضييق على الفصائل ومحاكمتها ، وتقليص نفوذها خصوصاً في هذه المرحلة الحالية لاعادة تشكيل السلطة العراقية ، وتحديد هوية الحكومة العراقية الجديدة المقبلة ، وتعيين رئيس وزراء عراقي جديد غير موالي الى ايران ، الى جانب وزراء جدد لا يمتون بأي صلة لإيران .

 والسؤال الأبرز هنا ، هو كيف ستنجح ادارة الرئيس ترامب في المرحلة القادمة من تحقيق هذه الأهداف المرجوة لكبح نفوذ إيران في العراق على ارض الواقع ؟ اذ بات واضحاً أن هذا الامر حتماً مرتبط بزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الى البيت الابيض واللقاء بالرئيس الأمريكي ترامب ، والاستقبال المهيب له في البيت الأبيض حيث أصبح هذا الهدف مشترك بينهم .

 وأصبح تقليص النفوذ الإيراني في العراق  مشروع أمريكي سعودي مشترك ، وبالنسبة للسعودية فإن أمن واستقرار العراق هو ايضاً تعزيز لامن السعودية وتقليص نفوذ الميليشيات الايرانية في العراق وهو شرط أساسي لتحقيق الأمن والاستقرار ليس فقط للعراق ، بل للسعودية والشرق الاوسط عموماً ، والسعودية الان تملك علاقة قوية مع ادارة الرئيس ترامب ، والتي تمنح من جهتها للسعودية دوراً قوياً ومؤثراً في صياغة المرحلة المقبلة ، لمستقبل العراق الجديد ، خاصة أن السعودية قادرة على دعم أي حكومة جديدة عراقية ، سياسياً و اقتصادياً ولكن هذا مشروط بعدم ارتباطها أي الحكومة الجديدة المنتظرة بإيران .

وهكذا سوف تصبح السعودية شريك أساسي في إعادة رسم مسار المرحلة المقبلة السياسية للمشهد العراقي الجديد  ، وهذه الخطوة إذا ما تحققت فإنها سوف تسعى الى انهاء كامل لقوى الفصائل المدعومة من إيران . 

ان الوضع الحالي في العراق هو على صفيح ساخن في هذه المرحلة ، والخوف من انفجار واشتعال حرب طائفية لا يمكن حصرها ،وأن الهدف المرجو لشروط الرئيس ترامب هو أن تُحل الأمور دون بلوغها حد انفجار الاوضاع في العراق .