• 30 حزيران 2015
  • نبض إيلياء

خليل العسلي

حل علينا  رمضان هذا العام  ونحن في اسوء احوالنا  الاجتماعية والنفسية والاخلاقية وحتى الاقتصادية ، وكان الكثيرون ياملون ان ينجح هذا الشهر الفضيل المبارك الذي يأتي رحمة من رب العالمين في تهذيب اخلاقنا وان يحسن من اوضاعنا الروحيه والمادية والمالية ،  ولكن ما نراه وما نسمعه وما نمر به في القدس يؤكد ان المعضلة اعمق من مجرد شهر مبارك، فنحن بحاجة الى ان تمر علينا اعوام بالكامل  هي عبارة عن شهر رمضان متواصل حتى نتمكن من تهذيب انفسنا وترويض الوحش الكاسر  في داخلنا ، ذلك الوحش الجشع الذي لا يعرف الرحمة على الاخر ، الباحث عن هدم الاخر وبالتالى هدم الذات ..! هذا الوحش فينا يطبق وبحذافيرها القاعدة المنتشرة منذ الازل التي تقوم انا ومن بعدي الطوفان ..!!  فالحياة انستهم دينهم واخرتهم وكان حري بهم ان بتذكرون مقولة ابن كثير رحمه الله :" عندما تمر اياما من رمضان نقول رمضان قرب على الرحيل ، ونسينا اننا نحن من قرب الى الرحيل،  فرمضان ان رحل سيعود ويعيشه من كتب له العيش الى رمضان ، ولكن نحن ان رحلنا فليس لنا عودة الا عندما يبعث الله من في القبور "  

 ما علينا

 المهم ، ان  الحديث عن الملاحظات يحتاج الى مقالات طويلة لكثرتها ولبشاعة بعضها ،  ولكن نحاول في هذه العجالة  لفت الانظار الى اكثر من ملاحظة عسى وعلا ! ان يصل الى من يجب ان تصل اليه ، وان يعمل على تجاوزها والجسر عليها بتصرفات اقل ما تكون اقرب الى ديننا الحيف،  ذلك الدين الوسط وليس دين التطرف والقتل الاسود القادم من قلوب سوداء مصيرها جهنم وبئس المصير !! فهذا السواد كما قال البطريريك السابق والشخصية المحبوبة اسلاميا ومسيحيا ميشيل صباح " ان في قلوبنا جميعا مسيحيين ومسلمين دواعش صغيرة نتيجة التربية التي تربينا عليها ،  ونتيجة غياب التسامح من قاموسنا " فرغم التوتر الذي يسود بين الحين والاخر العلاقات الشخصية بين افراد ، الا ان هناك  من يحاول تهويل ذلك وصولا الى الصاق الطابع الديني لهذا التوتر  ، ورغم هذه المحاولات السوداء تبقى القدس المدينة التي ترحب بالجميع وتسامح الجميع ، فالنسيج الاجتماعي فيها متداخل بين جميع الفئات والطبقات والاعراق بحيث لا يشعر الانسان باي فرق بين هذا او ذلك الا بالمعاملة الحسنه  ، الغريب ان هذا البعض  تعرفه السلطات هنا وهناك وما خلف الحدود ولكن لا احد يحرك ساكنا لاسكاته الى الابد فهو صوت نشاذ يجب لفظه الى خارج الزمان والمكان

والان نأتي  الى قضية المسجد الاقصى وما يواجهه من تخريب  ذاتي، واهانة له عن قصد او غير قصد، فالتصرفات التي يقوم بها البعض ( للاسف هذا البعض هو كثير) هي بمثابة هدية للاخر الذي يتربص للمسجد بهدف تحويله الى هيكل، فيقام البعض الجاهل المخرب بالكتابة على جدار قبة الصخرة هو هدية لهذا الاخر لاظهار عدم قدسية المكان للمسلمين ، وقام البعض الكثير بتحويل ساحات الاقصى الى متنزة عامة ، هو دليل يمكن استخدامه  من قبل الاخر لترويج ان الاقصى هو عبارة عن البناء والبقية مساحات عامة متنزه ، وقيام البعض الاخر التسول في الاقصى يصب في مصلحة الاخر المتربص

 كما ان تساهل الجهات المسوؤلة مع هذه المظاهر السلبية المقيته لهي اشارة الى عدم جديتها بالتعاطى مع الاخطار التي تحدق باولى القبلتين وثالث الحرمين ، فكان الاولى  بالمسوؤلين الذين اوكل لهم شرف خدمة هذا المكان ان لا يراعوا اي معايير اجتماعية اواقتصادية اوعشائرية او تنظيمية او سياسية في تعاملهم مع هذه الفئة التي لم تراعى حرمة المكان ، فحملت المعول وبدات بتدميره ،  فبدل ان تهادنها وتسكت كان على الجهات المسوؤلة ان تواجه هذا الفئة الضالة بكل حزم ومن وراءها الشعب ،   لان الاقصى هو على المحك وليس  اي شئ اخر

اما القضية الثالثة التي تأتي في اطار الهدم الذاتي  هو انتشار ظاهرة الامسيات الرمضانية التي فقدت بريقها ورونقها الروحاني ، فلقد تم اختزال الموروث الثقافي المقدسي الرمضاني  ببعض الشيوخ الذي يرددون نفس الاناشيد والمدائح بدون اي حرارة  كتلك التي نجدها عند الصوفية او الخاشعين المتعبدين ، هذا الاسفاف وصل لدرجة ان احدهم اطلق على هذه الامسيات الرمضانية التي يامل من خلالها الترويج لنفسه اسم كرنفال وهذا لا يليق على الاطلاق بهذا الشهر الفضيل ، فكلمة كرنفال تذكرنا بالصورة القادمة من كرنفال البرازيل ،الذي لا يمت الى الحشمة والخشوع الروحانية بشئ ،  ناهيك عن مهرجان اخر يحمل اسم رمضان ولكن مهرجان بدون  بنية تحتيه وبدون الاعداد الافضل له حتى ينجح ، حيث التقت مصالح البعض للترويج للبعض في شهر رمضان

 اللهم اني صائم

 وللحديث بقية