• 9 تشرين أول 2023
  • نبض إيلياء

 

بقلم : خليل احمد العسلي 

 

 كتب الأستاذ والكاتب المقدسي المرحوم ناصر الدين النشاشيبي مقالة قبل سنوات طويلة بعنوان " يا كبار المسلمين في مؤتمر مكة : القدس … القدس .. القدس " يخاطب فيها القادة العرب الذين اجتمعوا هناك في أقدس بقعة في الأرض لبحث الأوضاع الفلسطينية وغيرها.

 قال في تلك المقالة التي لا ازال احتفظ بمسودتها بخط يد الأستاذ النشاشيبي الذي تنطبق عليه مقولة " لا كرامة لنبي في وطنه " : 

".... خاصة وأن القدس  تمر اليوم في أخطر مراحل تاريخها وأنها مهددة بالانقراض والعدم !

أن مسجدها القدسي الشريف مهدد بالزوال .. 

 ان اهلها مهددون بالنزوح والتشرد ،،

 إن يد العدو ستمتد كي تأكل الأخضر …. واليابس !

 ترى هل هذه الحقيقة ، رغم أهوالها واخطارها ، ما زالت مجهولة لدى السادة النجباء كبار المسلمين من ملوك وأمراء في مؤتمر مكة  الحالي !

 الموقف لا يحتاج الى الامثلة والقصص! فالبلاد تبقى بلادا بأهلها والمقدسات تبقى مقدسات بانصارها واتباعها ، وأهل القدس - العرب - باختصار شديد يعيشون على كف عفريت !.....

 وينهى  مقالته الطويلة بالتالي : 

" هيا ، لنسمع صوتكم مجلجلا يا ملوكنا الاماجد ،

 لن يغفر الله لاي متقاعس، او متخاذل، او متهاون، في اي امر من امور الاسلام .

 أقول هذا ، ومصير القدس  واسلامها، أهم عند الله، وعند مليار مسلم  من موضوع  ثانوي يتعلق -مثلا- مجيء معمر القذافي الليبي -لحضور  هذا المؤتمر واجراء المصالحة او عدم حضوره …

 الآن بالنسبة لنا ، ولكل مسلم ، سيان ،،، سيان !

 وبيت الشعر يقول في مثل هذه الحال : 

 اسار الركب أم وقف الامير…!

وبعد 

قال ابو العلاء المعري مخاطبا ذلك " المسلم " في مثل هذا المقام : 

سَبِّح وَصَلِّ وَطُف بِمَكَّةَ زائِراً

                             سَبعينَ لا سَبعاً فَلَستَ بِناسِكِ

جَهِلَ الدِيانَةَ مَن إِذا عَرَضَت لَهُ

                                 أَطماعُهُ لَم يُلفَ بِالمُتَماسِكِ

 

 هذا ما كتبه ناصر الدين النشاشيبي قبل سنوات طويلة عن حال القدس  والتي هي بنظر من يعيش هذه الأيام  كانت بأفضل حال مما هي عليه الآن.

 لو عاش النشاشيبي حتى أيامنا هذه لكفر بكل العروبة وبكل الدول العربية التي  تغاضت فأضاعت القدس أولى القبلتين وتركته وحيدا في وجه الغزاة ، لدرجة ان الياس بات يتغلغل رويدا رويدا الى قلوب وعقول أهل المدينة الذين تم استنزاف قواهم وشبابهم .

 وفي أحد صالونات القدس المغلقة اجتمعت مجموعة من الغيورين على القدس ومسجدها  للتدارس والحديث وتبادل الأفكار ، فكان حديثهم هذه المرة يختلف عن كل مرة ، حديث فاقد للامل منزوع التفاؤل، حديث  العاجز امام اعصار جامح مجنون لن يبقي ولن يذر ، حديث المقهور وما اصبح قهر الرجال، فهم يبكون صامتين يكرر فيما بينهم حديث  كبير قريش عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما وقف عاجزا أمام هذه القوة الغاشمة الظالمة التي جاءت بهدف التدمير والتحطيم والسيطرة فقال قولته المشهورة " للبيت رب يحميه ".

هؤلاء الغيورون  الصادقون لم يقولوها علانية ولكن ملامح وجوههم تقول انها خرجت من خبايا انفسهم الى خبايا قلوبهم ، وهذا هو الأخطر ، فهم يعرفون أشد المعروفة أنه في القدس لا مكان لليأس ولا وقت للتباكي، ولا مغفرة للمتخاذل ولا نسيان لمن تخلى وباع  واستغل …

ولهذا نقول كما قال ويقول الصغير قبل الكبير في هذه الأيام حماك الله يا اقصى من الحاضر والمستقبل القادم. فالقدس ليست بخير والاقصى كذلك .

  وللحديث بقية ..

اذا بقى بالعمر بقية